ليست فضيحة.. هذا ما كان دائما

تابعنا على:   21:33 2019-02-08

جميل النمري

لم تكن فضيحة، فهكذا كانت الأمور دائما في التعيينات. لكن وضع قائمة لأربعة تعيينات مطرزة مع أسماء أشقائهم النواب للتداول على وسائل الاجتماعي صنع قصة، وهي جاءت في أجواء ملبدة عند الحكومة والمجلس الذي عانى للتو من شبه فضيحة في تقرير “راصد” عن أداء النواب وخصوصا الغيابات المذهلة اذ ظهر أن أحد النواب مثلا حضر اربع جلسات فقط خلال عام.
المناصب لا تذهب صدفة، إنها أثمن من أن تترك للكفاءة المجردة في بلد ليست المناصب فيه فقط وظيفة تخضع للاعتبارات المهنية فحسب بل سلطة وجاه وثراء وعضوية دائمة في نادي الرعاية الرسمية. وجود الكفاءة والتخصص يقوي بكل تأكيد تزكية الأبوات ويسهلها. انما ذروة السلطة والنفوذ تتمظهر في فرض تعيين يرفس كل المعايير المهنية. وهذا كثيرا ما يحدث لكل المناصب بما في ذلك منصب الوزير. وتحت يد كل حكومة تتوفر مناصب شاغرة أو يمكن استحداثها، مدراء مؤسسات وشركات، رؤساء مجالس ادارات وأعضاء هيئات، وكثيرا ما يكون توفير المناصب بالازاحة والتدوير اذ لا يكون لائقا ارسال المسؤول الى البيت حتى لو وصل سن التقاعد.
النواب جزء من اللعبة بالطبع وقد يكون تدخلهم هو الأكثر مشروعية ما دام عملهم الأساس بل وجودهم كله يقوم على التوسط في كل صغيرة وكبيرة وهم يفعلون ذلك للبعيد فكيف لا يفعلونه للقريب؟! أنا لا أعرف بشأن التعيينات الأخيرة ولا اجزم بشيء وقد يكون لكل تعيين ظروفه وملابساته الخاصة كما قال رئيس الوزراء، ولا اجد على كل حال في الأمر فضيحة بأكثر من كل التعيينات الأخرى على مدار السنوات الماضية والتي كانت تمر دون انتباه أو ردة فعل. ولعل قلة من النواب يحظون بالنفوذ للتأثير على المناصب العليا، بينما يبقى للآخرين أن يحتجوا على تعيينات تجاهلت آخرين قد يكونون أقارب أو معارف أو حتى مجرد أشخاص جاؤوا وتظلموا لديهم .
الرئيس ردد هذه المرة ايضا المبادىء العامة التي يجب ان تحكم التعيينات لكنه لم يقل انها مطبقة فعلا واصدر رسائل ملتبسه بشأن ما حدث وما سيفعل بشأن التعيينات، فهو قال إنه لا يعفي نفسه من المسؤولية مع ان لكل تعيين ظروفه المختلفة لكن ليس بالضرورة أن تكون كل التعيينات صحيحة وهو لم يقرر إعادة النظر في التعيينات بل بمراقبة اداء المعينين! مع انه قال ايضا ان هذه التعيينات ستخضع للتقييم! ونفهم منه ضمنا ان التعيينات مرت دون تدقيق وتوثق من طرفه ولم يحكم انها كانت الخيار الصحيح والأنسب والأفضل.
نعرف ان الأمور كانت تسير هكذا دائما وأن ثمة اعتبارات مختلفة يجدها الرئيس أمامه غير التفوق والكفاءة بما في ذلك وجوب حل المشاكل والاحتياجات الشخصية وهي وغيرها مما لا يمكن الاعلان عنها حتى تعيينات الوزراء تخضع لهكذا اعتبارات لا يمكن التصريح بها فيبقى سر التعيين احجية، ولعل الأمر مع الرزاز لم يخرج عن هذه القاعدة وربما كان من الظلم أن نفترض فيه أو نتوقع منه شيئا مختلفا.
على كل حال رب ضارة نافعة، فالضجة التي أثارتها التعيينات الأخيرة قد تدفع الى قلب الصفحة والقطع مع الاساليب القديمة ووضع الأمور على السكة الصحيحة سكة الوضوح والشفافية والانضباط الصارم الى الأسس التي تجعل التعيينات مرة والى الابد واضحة قابلة للشرح وليس فيها ما تستحي به الحكومة.

عن الغد الأردنية

اخر الأخبار