الصراعات داخل حكومة الرزاز

تابعنا على:   11:50 2019-02-14

ماهر أبو طير

تتسرب المعلومات، حول وجود صراعات داخل حكومة الدكتور عمر الرزاز، وهذه الموجة من التسريبات حدثت في أعقاب الكلام عن التعيينات التي أحدثت ضجة كبيرة.
في كل الحالات هذه الصراعات ليست جديدة من نوعها، إذ أن أغلب الحكومات شهدت صراعات مختلفة، على مستوى وجود لوبيات مصغرة داخل الحكومة نفسها، تتمحور حول وجود شلل وزارية، تحاول أن تتفاهم معا، أو أن تسيطر على قرار رئيس الحكومة، وفي حالات أخرى، وزراء من جماعات ذات لون سياسي، تفكر بطريقة مختلفة، بحيث تكون هناك مجموعة ليبرالية، أو محافظة، او تحت أي مسمّى.
الحكومة الحالية، لن تكون قادرة على إخفاء الصدع الداخلي، حتى لو جرت مصالحات بعيدا عن أعين المراقبين، خصوصا، مع ما يسربه وزراء من داخل الحكومة ذاتها إلى نواب وأعيان وإعلاميين، عمّا يجري من إشكالات هذه الفترة، ولربما يكون مطلوبا من الرئيس أن يحض بعض مَن عنده على الصمت.
لكن الأهم بعيداً عن هذه الصراعات، يرتبط جذريا بكلفة ذلك على المشهد العام في الأردن، فنحن أمام وضع معقد جدا، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولا يهم عامة الناس الحديث عن هذه الصراعات، التي تعكس ترفاً ليس في وقته أمام حجم التحديات التي يواجهها الأردن حاليا على كل المستويات، مثلما أن هذه الانقسامات لا تتطابق في الأساس، مع هوية بلد باقتصاد ضعيف، ومحاط بكل أنواع الأخطار في الإقليم.
رئيس الوزراء جاء ببرنامج تجديدي على أساس شخصيته التي تمزج بين المحافظين والليبراليين، لكن خبرته القليلة في القطاع العام، وتعقيدات التكنوقراط، وطبيعة بنية الحكومة ومؤسساتها، وتعقيدات البرلمان، والجماعات المؤثرة سياسيا واجتماعيا ودينيا، ووجود خصوم غير ظاهرين داخل الحكومة ذاتها، أو خارجها، أدى في المحصلة إلى خضوع الحكومة لاعتبارات كثيرة، تؤدي فعليا إلى حالة مساكنة مع كل هذه الظروف، بحيث تصير الأولوية هي النجاة، بدلا من التجديد والتغيير.
هذا يعني أن طموحات رئيس الوزراء، اختلفت اليوم، إلى حد كبير، ولا يمكن له بعد استبصار كل هذه المعادلات المعلنة والخفية، أن يبقى بسرعته ذاتها، أو بذات طموحاته الأولى.
إجراء عملية جراحية للحكومة، لن يغير من الواقع شيئا، لأن إخراج بعض الرؤوس من الحكومة، لن يرد الروح اليها، وواقع الحال يؤكد اليوم، أن توزير أسماء معروفة، باعتبارها ضامنة للحكومة، أو أنها مظلات حماية لها، بسبب هويتها السياسية، او تعريفها الشعبي العام، أمر لم يعد منتجا، بعد أن أصبحت قصة وجود وزير مهمته أن يكون بمثابة “الكفيل” لشخص الرئيس أمام الرأي العام، قصة غير منتجة أبدا، وتعبر أيضا من جهة أخرى، عن الضعف الشديد في بنية الحكومة العامة.
مشكلتنا في الأردن، أن الحكومات إذا سلمت من ضغوطات أو تدخلات بقية المؤسسات في الدولة، وتم منحها الحماية والمساحة الكاملة للعمل، لا تسلم من صراعاتها الداخلية، وكأننا أمام قدر يقول إن لا مرحلة تمر دون هدوء، فإما مراكز قوى في الدولة تضغط على الحكومة وتربكها، وإما مراكز قوى داخل الحكومة ذاتها، تضغط على بنيتها الداخلية.
لم تعد القصة اليوم قصة ليبراليين أو محافظين، هذا على الرغم من أن الليبراليين بشتى درجاتهم باتوا في أضعف حالاتهم، مقارنة بالمحافظين الذين يمثلون طبيعة المجتمع، بكل ما على هذا التيار من مآخذ مختلفة، لكنهم يبقون الأقرب إلى الناس، برغم كل أخطائهم.

اخر الأخبار