لـكـي تـصـنـع الـتـاريـخ

تابعنا على:   20:37 2019-02-17

خالد صادق

لا اعتقد ان التاريخ يصنع من خلال خطايا الآخرين ومواقفهم غير المسؤولة, لأن هذه الخطايا تبقى ملتصقة بصاحبها واقل بكثير من ان تصنع تاريخا لأحد, صناعة التاريخ تأتي من مواقف الشعوب وليس الأشخاص قاعدتها الإرادة والعزيمة والإيمان واليقين, نتنياهو حاول خداع الإسرائيليين مجددا بالحديث عن صناعته لتاريخ دولته اللقيطة المسماة «إسرائيل».

لكنه يكذب على شعبه فمجرد لقائه بوزير الخارجية اليمني خالد اليماني، ووزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة. وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي. ووزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ونائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله في وارسو أثناء انعقاد مؤتمر «العار» هناك لا يعني ان نتنياهو صنع التاريخ, لأن هؤلاء لا يمثلون شعوبهم ولا يمكنهم ان يعبروا عن إرادة هذه الشعوب, إنما هم يمثلون حكوماتهم التي ضلت الطريق, بعيدا عن إرادة الشعوب ورغباتها, وطالما ان الشعوب هي التي تصنع التاريخ, فان نتنياهو لن يستطيع ترويض الشعوب وكسب ودها واختراق الجدار الشعبي المتين الذي يناصر الحقوق الفلسطينية, وان كان نتنياهو يستخدم هذا الأسلوب الدعائي لأغراض انتخابية, فعليه ان يتوجه بالخطاب للإسرائيليين كيفما يشاء وباللغة التي يشاء, ويخدع شعبه الصهيوني كيفما يشاء, لكن لن يستطيع خداع امتنا وشعوبنا مطلقا.
هذا لا يمنعنا من الإقرار بأن هذا اللقاء الرسمي العربي بنتنياهو في وارسو اضر بنا, نعم هو احدث اختراقاً خطيراً في الجدار الرسمي العربي, وستبنى عليه خطوات في المستقبل القريب, لكنها في نفس الوقت تبقى خطوات دائما حبيسة الأروقة الرسمية ولن ترى النور, لأن الشعوب هي التي تتحكم في فضاءات بلدانها وليست الحكومات, إسرائيل ستبقى معزولة وغير مرغوبة ولن يتم التعايش معها, ومكاسبها ستبقى في جوانب رسمية وداخل الجدران المحصنة, حتى وان انحدر الخطاب الرسمي العربي إلى مستوى متدنٍ للغاية, حتى وان وصل إلى ترويج أكاذيب دعائية يرددها الإعلام العربي عبر أبواقهم المتناثرة هنا وهناك لتبرير تخليهم عن واجبهم تجاه فلسطين, تارة بإلصاق صفة الإرهاب بالفلسطينيين, وتارة أخرى بالتذرع بالانقسام الداخلي الفلسطيني, ومرة بتخلي الفلسطينيين عن أرضهم ووطنهم, ومرة أخرى بالتعامل مع الواقع وان «إسرائيل» أصبحت واقعا لا يمكن تجاوزه, وهى قوة فعلية من الممكن الاستفادة منها والتحالف معها لمواجهة أية أخطار أو أطماع خارجية, متناسين ان أمريكا و»إسرائيل» هما الخطر الأكبر الذي يمثل تهديدا لحال الأمة, العرب وهم يعلمون جيدا خطورة صفقة القرن على بلدانهم, ويعرفون مخطط الحل النهائي للقضية الفلسطينية والذي يسلب الفلسطينيين أرضهم ومقدساتهم وعاصمتهم الأبدية القدس, لكنهم يغضون الطرف عن كل هذا ويخدعون أنفسهم بالمزيد من الولاء والطاعة لأمريكا وإسرائيل حتى ترضى عنهم, وتحفظ لهم عروشهم وسلطانهم.
العرب ذهبوا إلى وارسو ليعطوا لا ليأخذوا, ذهبوا ليقدموا قرابين الولاء والطاعة, ذهبوا بدون رؤية أو هدف إنما امتثالا لما تريده الإدارة الأمريكية والاحتلال الصهيوني تحقيقا لمصالحهما, دون ان يسألوا أنفسهم ونحن أين مصلحتنا؟ لم يسألوا أنفسهم لماذا نجلس على طاولة واحدة مع هذا المجرم الصهيوني بنيامين نتنياهو, ما هو القاسم المشترك الذي يجمعنا, وهل نحن بالفعل نعبر عن مواقف شعوبنا, أم أننا نغرد خارج السرب, ونسبح ضد التيار, لم يسألوا أنفسهم هل نحن نغامر بمستقبل أوطاننا وشعوبنا, هل نغامر بمستقبلنا السياسي إذا استفاقت الشعوب يوما وحاسبتنا على هذه الخطايا, هل «إسرائيل» ستبقى وتدوم وستحمينا في أرضنا ومن نقمة تتربص بنا, أم أنها إلى زوال, هل يملكون إجابة عن كل هذه التساؤلات, أم أنهم وضعوا عصابة على أعينهم وبقوا يدورون كثور كالساقية معصوبي العين دون ان يخرجوا بقطرة ماء, ثم الم يقل هؤلاء العرب أنهم يقبلون بما يقبل به الفلسطينيون, ويقصدون بذلك ما تقبل به السلطة الفلسطينية, والسلطة لم توافق على مؤتمر وارسو ووصفه صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالقول (إن مؤتمر وارسو حول الشرق الأوسط محاولة لجعل الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الفلسطينية واقعا طبيعيا, مضيفا لن نقوم بإضفاء الشرعية عليه, وما تقوم به الولايات المتحدة بالتعاون مع الحكومة البولندية، يصب في خدمة تصفية المشروع الوطني الفلسطيني, وأشار إلى أن المؤتمر، يهدف إلى تجاوز مبادرة السلام العربية، ومنح إسرائيل الفرصة لتطبيع علاقاتها مع دول المنطقة) فعلام استندتم في مشاركتكم بهذا المؤتمر؟, أجيبونا ان كنتم تستطيعون .

اخر الأخبار