طبيعة عمل المؤسسة الشرطية الحلقة: الرابعة عشر: الجزء الثاني

تابعنا على:   01:42 2014-06-16

لواء ركن/ عرابي كلوب

 15/6/2014م

2. الوظيفة القضائية للشرطة:

أ. الوظيفة القضائية للشرطة: هي الوظيفة التي تمارسها نيابة عن السلطة القضائية ولمصلحتها وتتمثل هذه الوظيفة القضائية بالإجراءات التي تقوم بها الشرطة عقب وقوع الجريمة بقصد معرفة الفاعل والبحث عن الأدلة وما يتبع ذلك من إجراءات الضبط والتفتيش وصولاً إلى الحقيقة وتقديم الفاعل لجهة القضاء ولقد نصت المادة (21) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 على تحديد من هم مأموري الضبط القضائي كما يلي:

- مدير الشرطة ونوابه ومساعدوه ومديرو شرطة المحافظات والإدارات العامة.

- ضباط وضباط صف للشرطة كل في دائرة اختصاصه.

- رؤساء المراكب البحرية والجوية.

- الموظفون الذين خولوا صلاحيات الضبط القضائي بموجب القانون.

ونصت المادة "2" بأنه وفقاً لأحكام القانون على مأموري الضبط القيام بما يلي:

- قبول البلاغات والشكاوي التي ترد إليهم بشأن الجرائم وعرضها دون تأخير على النيابة العامة.

- إجراء الكشف والمعاينة والحصول على الإيضاحات اللازمة لتسهيل التحقيق والاستعانة بالخبراء والمختصين والشهود دون حلف يمين.

- اتخاذ جميع الوسائل اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة.

- إثبات جميع الإجراءات التي يقوم بها في محاضر رسمية بعد توقيعها منهم ومن المعنيين بها.

ب. وتعتبر النيابة العامة طبقاً للقانون هي صاحبة الحق في تحديد ومباشرة الدعوى الجنائية إلا أن جهاز الشرطة وتحديداً ضباط التحقيق في مراكز الشرطة هم حقوقيون ويساعدوا النيابة العامة بالتحقيق في ما يرد إليهم من بلاغات في المخالفات والجنح وبعض الجنايات البسيطة ومنحهم قانون الإجراءات الجنائية كافة الصلاحيات المخولة لوكيل النيابة ولكن بإشراف ومتابعة النيابة العامة.

أما الجنايات فإن سلطة التحقيق والتفتيش والضبط والاستجواب والاتهام يبقى للنيابة العامة أصولاً ولكن بمساعدة أجهزة التحقيق والمباحث العامة ومكافحة المخدرات.

وطبقاً للقانون فإن وظيفة الشرطة في منع وضبط الجريمة بالإضافة لما سبق تظل الوظيفة الرئيسية للشرطة، فبعد وقوع الجريمة تنشط الشرطة وأجهزة المباحث للبحث عن الجريمة بمعنى كشف الجرائم عن طريق التحري وجمع المعلومات وجمع الاستدلالات والانتقال إلى مكان الحادث ومعاينة وضبط الأشياء والأدلة وإثبات دلالة هذه الأدلة وارتباطها بالعاملين عن طريق التحقيق الجنائي المعملي الذي يمارسه المعمل الجنائي.

ويظل ضابط المباحث العامة في حالة بحث دائم عن القضايا التي يحكم فيها ببراءة المتهم لعدم كفاية الأدلة حتى يتم القبض على الفاعلين وتقديمهم للعدالة.

ذلك أن الشرطة في ممارستها للوظيفة القضائية تتبع للنائب العام وتخضع لإشرافه وله وحده سلطة الاتهام ومباشرة الدعوة الجنائية، ولكن لأن الشرطة هي أول ما يتلقى البلاغ على الحادث وأول من يعالجه لهذا فإن دور الشرطة في هذه المرحلة من مراحل الدعوة بالغ الأهمية سواء بالنسبة للتحقيق أو الاتهام، فبقدر ما يبذله رجل الشرطة في جمع الاستدلالات وبقدر ما يمكنه من خبرة في أساليب البحث والتحري وحل ألغاز القضية، بقدر ما ينجح المحقق في كشف الجريمة والوصول إلى الحقيقة.

3. الوظيفة الاجتماعية للشرطة:

لدعم إجراءات الشرطة في مجال منع الجريمة كان لابد من إجراءات للوقاية من الجريمة بمعظم الجرائم ثم بسبب وجود بعض المشاكل الاقتصادية أو الاجتماعية ولذلك كان على الشرطة واجب التدخل للعمل على حل هذه المشاكل بالتعاون مع الهيئات الحكومية والمؤسسات التعليمية والاجتماعية للمواطنين أنفسهم وذلك بالبحث عن عوامل الانحراف في المجتمع والقضاء عليها ومما لا شك فيه أن ما تقوم به الشرطة من إجراءات لمنع انحراف الأحداث ومنع ارتكاب جرائم جديدة وخاصة في قضايا القتل والحرق الجنائي والاغتصاب...الخ تعتبر من صميم الوظيفة الاجتماعية للشرطة.

وفي سبيل ذلك فإن الوظيفة الاجتماعية للشرطة تعمل على حماية أخلاقيات المجتمع ورعاية سلوكهم الاجتماعي واحترام قيمهم الإنسانية والخلقية وإعلاء مبادئ الحرية والعدالة حتى تتحقق لهم الحياة الهادئة والمطمئنة.

فإذا كانت الجريمة ظاهرة اجتماعية معقدة لها عواملها المؤثرة فيها والتي تمتد إلى أعماق السلوك الإنساني، كما تسهم في تكوينها مؤثرات بيئية وحضارية واجتماعية واقتصادية ليس من السهل السيطرة عليها إلا أنه رغم هذا ما زالت الشرطة هي المسئول الأول عن منع الجريمة، فالرأي العام كلما وقعت جريمة من جرائم أو كلما ارتفعت معدلاتها في جهة من الجهات، لا يجد من يصب عليها جام غضبه سوى الشرطة ويرى في ذلك دليلاً على فشلها، بل إننا نرى في بعض الأحيان أن الرأي العام كثيراً ما ينحى على الشرطة باللائمة ويتهمها بالقصور لجمود موقفها تجاه ما يبدو من بعض الأفراد من شذوذ في السلوك ينطوي على إثارة الشعور العام.

فمن الواضح أن الوظيفة الاجتماعية للشرطة تبعاً لهذا المعنى هي سلسلة نشاط الخدمات التي تضطلع بها الشرطة وفقاً لما تنص عليه القوانين واللوائح، فالخدمات الإدارية والخدمات القضائية التي تؤديها الشرطة لصالح المجتمع وأعضائه هي جزء من وظيفة الشرطة الاجتماعية.

ولأن الدور الذي تقوم به أجهزة الشرطة المختلفة في هذا المجال مصطبغ بصبغة اجتماعية لا أثر فيه لأساليب العنف أو القمع، وإنما هو دور إصلاحي أو تربوي أو إنساني لهذا سمى بالدور الاجتماعي لرجال الشرطة أو الوظيفة الاجتماعية لرجال الشرطة.

نطاق الوظيفة الاجتماعية للشرطة:

1. دور الشرطة في مجال منع انحراف أو جناح الأحداث والمنحرفين وإصلاحهم وتسليمهم لأسرهم.

2. التوفيق في المنازعات وحصرها وإزالة الأسباب التي أدت لها.

3. الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم من السجون ومساعدتهم للحصول على أعمال ملائمة تكفل العيش الشريف لهم.

4. مكافحة جرائم الآداب العامة ومنع استغلال النساء في الدعارة وعلاج المنحرفات وتأهيلهم للحياة الشريفة.

الحفاظ على الأعراض والآداب العامة:

من مهام الشرطة الحفاظ على الأعراض من المساس بها أو انتهاكها أو اغتصابها أو مجرد خدشها.

أ‌. محاربة أعمال القوادة والبغاء:

واجب الشرطة أن تحارب أعمال القوادة والتي تسهل للأفراد ممارسة الفحشاء بمقابل، ومما لا شك فيه أن القضاء على القوادة من شأنه أن يقضي ويقلل البغاء وذلك امتثالاً لقوله تعالى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}

ب. محاربة الزنا

يقع على عاتق الشرطة منع جرائم الزنا ومحاربتها لما في الزنا من آثار ضارة بالمجتمع من جميع الجوانب الصحية والاجتماعية والأمنية ووقاية من طاعون العصر المعروف بمرض الإيدز أحد الأدلة الحية الناطقة بأضرار الزنا، كذلك مشكلو ضياع النسل واللقطاء الذين يلقى بهم في الشوارع بلا مأوى وشكل هؤلاء الأطفال مشاكل جسيمة للمجتمع والدولة.

وقد حرمت الشريعة الإسلامية الزنا لأضراره الجسيمة قال الله تعالى في محكم آياته {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً* وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}

في مجال الإصلاح والتأهيل والرعاية اللاحقة:

1. وضع برنامج واضح المعالم للتأهيل والرعاية اللاحقة وإعادة التربية والتكيف الاجتماعي لدى جميع مؤسسات الإيداع المختصة سواء بالأحداث أو مراكز الإصلاح، حتى يبقى هناك اتصال بين المودعين والمؤسسة المودعة والأسرة والمجتمع المحلي بما يضمن إعادة تكيفهم مع المجتمع وإشاعة الطمأنينة والاستقرار في حياتهم بعد الإفراج عنهم.

2. العمل على معالجة الجرائم التي تشكل البداية في تشكيل الميول لارتكاب الجرائم الأخرى، لأن الفرد الذي يرتكب جريمة السرقة بما فيها من اعتداء على أموال وممتلكات الآخرين تدفعه الغاية نفسها إلى ارتكاب جرائم أخرى تتعلق بالاعتداء على الأشخاص أنفسهم لتحقيق غايته.

 

3. إنشاء مصحات متخصصة لعلاج المدمنين على المخدرات كلما دعت الحاجة إلى ذلك وتطوير القائم منها.

4. إنشاء دور ضيافة للمفرج عنهم ممن لا مأوى لهم إلى أن يتم توفير المسكن المناسب لإقامتهم لغرض التقليل من آثار دوافع العود إلى ارتكاب الجريمة والانحراف مرة أخرى.

5. إلزام المؤسسات الحكومية والخاصة بتخصيص نسبة مئوية من مجموع فرص العمل فيها للمفرج عنهم ممن لا عمل لهم.

6. تحسين ظروف المؤسسات الإصلاحية بحيث تكفل توفير المناخ الملائم لتأهيل النزلاء أخلاقياً ونفسياً واجتماعياً ومهنياً لمساعدتهم بعدم التعرض لأزمة إفراج حادة بعد إطلاق سراحهم كإجراء وقائي من العود إلى الجريمة.

7. توفير فرص الكسب الشريف للقادرين من أفراد أسر النزلاء عن طريق إلحاقهم بعمل مناسب أو توفير مشروع اقتصادي لهم مثل مشاريع الأسر المنتجة.

ضوابط الوظيفة الاجتماعية للشرطة:

يكاد يكون إجماع العلماء على ضرورة إسهام الشرطة في الميادين الاجتماعية التي تستهدف الرقابة على الجريمة، واجتناب عواملها إلا أن بعضهم يرى أن هذه المساهمة يجب ألا تكون مطلقة، بل يجب إحاطتها ببعض القيود، حتى لا تأتي المغالاة في ممارسة هذه الخدمات بنتائج عكسية وهذه القيود هي:

1. أن تكون الخدمات الاجتماعية التي تمارسها الشرطة ضرورية ولازمة لعمل الشرطة الأساسي والتقليدي في مجال حماية الأمن والنظام.

2. أن تمارس هذه الخدمات الاجتماعية على أسس علمية وفنية بواسطة أشخاص متخصصين فيها.

3. ألا يكون متمماً لنشاط مماثل، أو لسد ثغرات موجودة في مجال تخصص هذه الهيئات.

4. ألا يؤدي ممارسة هذا النشاط إلى الإقلال من هيبة الشرطة واحترام الجمهور لها، وألا يكون هذا النشاط معوقاً لنشاطها الأصلي بأي حال من الأحوال.

فإذا أخذنا بهذه الضوابط كمعيار للحدود التي ينبغي أن تؤدي الوظيفة الاجتماعية للشرطة في نطاقها لانتهينا من ذلك إلى أن ما أخذت به الشرطة في بعض الدول من فتح مكاتب للرد على استفسارات الجماهير في شتى الشئون، هي خدمات اجتماعية أدخلت في طبقتها إلى العلاقات العامة، منها خدمات تستهدف صون الأمن والنظام العام.

وحيث أن ما تقوم به الشرطة في مجال مكافحة المخدرات ومكافحة جرائم الآداب العامة يعتبر أيضاً من صميم الوظيفة الاجتماعية للشرطة لما لهذه الآفات من أخطار على الأسرة والمجتمع وعلى الاقتصاد الوطني للدولة بأكمله، بالإضافة لما يترتب على هذه الجرائم من جرائم أخرى تؤثر في الروابط العائلية وتهدد كيان المجتمع بالفسق والانحلال.

وهناك وظائف أخرى ذات صبغة اقتصادية منها حماية المنشآت والممتلكات العامة وتنفيذ قانون الغش والتدليس التجاري وقانون منع الاستغلال ومكافحة التهرب الضريبي وسرقة التيار الكهربائي والمياه وسرقة الآثار.

هذا عرض موجز لوظائف الشرطة وهي كثيرة ومتعددة والهدف منها هو خدمة الشعب وصولاً إلى إقرار حالة من الأمن والاستقرار يشعر فيها المواطنين بأنهم لا يخشون ما يهدد أرواحهم وممتلكاتهم وكافة نشاطات حياتهم اليومية.

اخر الأخبار