الحكومة الفلسطينية بين رضا الفصائل وتعنتهم !

تابعنا على:   02:20 2019-03-10

عبدالحكيم عامر ذياب

اعتذرت الجبهة الشعبية والديموقراطية على تشكيل الحكومة التي عزمت السلطة الوطنية الفلسطينية عن تشكيلها ، وبات واضحاً أن خطواتها متعثرة ، بحجة عدم التحاور مع حركة حماس ، لكنهم لم يلتفتوا أن دعوتهم لتشكيلها هي نية مبيتة أن تكون حكومة فصائلية وتوافقية .
حزب الشعب أيضاً لم يبدي استعداده تجاه المشاركة في الحكومة بعد مشاورته ، رغم تردده بعد أن طرحت عليه حركة فتح الأمر ، وقال أن رئيس الوزراء الفلسطيني يجري مباحثاته مع كل فصيل على حدا ، مما يدعونا للتفكير أننا لسنا أمام حوار وطني !!
لكن الحقيقة أنه ارتباط رفضه برفض الجبهتين للأمر ، مما يؤكد لنا أننا لسنا أمام حكومة توافق وطني بسبب عدم تعاون الفصائل ، وليس كما أشيع أن حركة فتح هي المتسببه في تشكيل حكومة فتحاوية بامتياز ولأنها أيضا أكبر فصيل من فصائل منظمة التحرير ، أو أننا أمام حكومة مستقلين ، وهنا نستطيع أن نقول أن موقف الفصائل هو من رسم شكل خارطة الحكومة الجديدة . 
وحين تشكل السلطة الوطنية الفلسطينية حكومة مستقلين وكفاءات وطنية يضعنا العالم تحت عينه ليقول أن الفصائل ليسوا كفاءات ، ولا يتبعون مصلحة الوطن ، وأعتقد أنهم هنا يظلمون كل المناضلين والمفكرين الذي اصطفوا حسب وجهات أيديولوجية خلف فصيل ، أو حزب ، وهذا لا يعكس أبداً الحقيقة ، لكن الفصائل عممت طبيعة الصورة التي تنقل مساهمتهم في إدارة تلك الأحزاب على مبدأ الولاء للحزب ، وليس للكفاءة ، وبذلك ظلمت العقول ، ليبرز دور مسؤولية الحزب لبقائه أكثر من أن يحافظ على ثوابت أكبر منه .
ربما في وضعنا الحالي من المبكر الحديث عن حكومة مستقلين لأن أمرنا يخضع تحت سيطرة احتلال ، لم نعرف بعد أن نخرج من كيده وظلمة واستبداده .
ولأن أيضاً في حالتنا الفلسطينية يجب أن تتشكل حكومة تعكس حالة الكفاح الوطني لتعزيز الصمود ولإدارة الموارد الشحيحة بما لا يتماشى مع ما تريده إسرائيل ، أو تفرضه من مبدأ الحصار ، أو إدخال المواد ، أو المفاوضات ، أو حتى رفاهية الشعب ، وكل ذلك يجب أن يخضع لما يريده الشعب أكثر مما تريده الفصائل ، وبالتالي أية حكومة يجب أن تتشكل في هذه الظروف ، عليها أن تكون حكومة فصائلية مع مراعاة الاختصاص ، والكفاءات ، خاصة أن كل المؤسسات والنقابات تقودها الفصائل وهذه حالتنا الفلسطينية بواقعها الحقيقي ، لذا على الحكومة أن تكون من الشعب وإلى الشعب .
وبين الأمنيات الجميلة أن ينتهي الانقسام ، وبين الطموح لإصلاح الحال الفلسطيني وترميمه عبر تقريب وجهات النظر ، وأن تسعى فتح وحماس لتخطي كل العقبات ، والخضوع لمبدأ حماية الوطن والشعب وانهاء الانقسام ، والواقع الذي يفصلنا عن ذلك مسافة طويلة لا يقربها الإشادة بالفصائل ، ولا الحديث المنمق عن أطراف تتحمل الجزء الأكبر مما نحن عليه الان ، وصحيح ان الاحتلال ليس بريئاً من إيصال الحالة الفلسطينية إلى هذا المستوى المتردي ، حد اقناع الشباب من الهجرة ، وافقاد الناس من الأمل بكل شيء من شأنه إنجاح المبادرات للإصلاح ، لكن الفصائل أظهرت عجزاً واضحاً في ادارتها للوضع الداخلي ولقدرتها على بناء نظام سياسي يرقى الى مستوى الأنظمة الحضارية وكذلك على مستوى البناء المؤسسات بل كانت الأسوأ على مستوى ملاحقة الناس وكبت حرياتهم وطرق محاكماتهم ، وعقابهم وسجنهم على الاختلاف في الرأي فكل هذا تتحمله الفصائل، وتتحمله حماس في غزة ، عدا عن محاولات إسرائيل الدائمة للتفنن في افشال كل جهد فلسطيني ، وإيقافه ، بل واضعافه ، لتبقي مفاتيح اللعبة بين يديها وتحت سيطرتها .
فقد ضرب الاحتلال عبر سنوات المشروع الوطني بكل السبل ، منذ انطلقت الثورة في بيروت إلى أن حوصرت غزة لأكثر من اثني عشر عاماً وتوزيع المستوطنات على حدود وعمق الضفة الغربية .
وكلها كانت ضربات سياسية قاسية أفقدت الفلسطينيين توازنهم ومهد الطريق لانقسامهم بلا رجعة لكن ما يوجعنا أكثر أننا انسقنا كفلسطينيين في الوجهة التي أرادت لنا إسرائيل أن نتجه إليها ، وكل ذلك أيضاً يعدم كل نية وطنية وإيجابية لتشكيل حكومة بإمكانها أن تحمل الهم الفلسطيني كجهة مسؤولة عن كل الشعب في الضفة وغزة والشتات ، مما استدعى لها أن تكون بلا قيمة حتى أمام المواطنين مقارنة بزمن الشهيد الرئيس ياسر عرفات . 
القول الفصل ، أننا نريد حكومة وطنية فصائلية بامتياز ، لكن هذا التوجه للأسف أصبح غير مأمول به بسبب موقف الفصائل ، ولا تحظى برعايتهم ، وهنا تكمن مشكلة أن الحكومة في واد ، والفصائل الفلسطينية في واد اخر ، وعدم التوافق هذا يبقينا على خيار حكومة التوافق الفلسطينية ، وإن لم يكن الرضا عنها كبير ، إلا أن وجودها في هذا الوضع السياسي السيء أفضل من أن نصنع حكومة نرجمها إلى الأبد ونزيد من فجوة العلاقات الداخلية بيننا دون مبررات !

اخر الأخبار