هل يمكن الخروج من فخ التجويع؟

تابعنا على:   14:12 2019-03-17

عصام حلمي حماد

لا شك مطلقاً أن ما يعاني منه الناس من فقر وفاقة وقلة حال إنما هو وحده دافع للثورة على الوضع القائم، ليس لأن هذا الذي يعبر عن اشتداد الكرب هو خائن ومدسوس ولكن ببساطة لأنه لا يجد قوت يومه ويرى في الخروج للشارع والتعبير عن حاله ضرراً أقل من الألم الذي يعتصر قلبه وهو يرى أطفاله وقد مزق حالهم هذا الفقر والجوع.
بعيداً عن الشق السياسي وركوب الموجة من البعض والبدء بتجيير آهات هذا المسكين وركوب ظهره لأغراض ليست بريئة، فإن إسكات صرخات هذا الجائع الذي خرج للشارع إما طوعاً أو كراهةً ليست هي الحل، فلا يعني إختفاءه من الشارع أن مشكلته قد حلت وأن عصافير بطون أولاده قد نامت بهناء، بالقطع لا وألف لا، ومزيد من التجويع كفيل بأن يجعل الموت والحياة يستويان لديه وعندها سيحدث الطوفان،
دعونا نُعمل العقل والمنطق، فالمثل الفلسطيني يقول أن الموت مع الجماعة رحمة .... فهل يمكن بالفعل "توزيع الحصار" بالعدل بين الناس؟
إن البلاء إذا عم رضي به الجميع ولكن ربما ما لا ندركه بأنه ليس من العدل أن نطالب هذا الجائع بالصمت دون أن نقمع مظاهر البذخ في قطاعنا الحبيب ونوزع اللقمة بيننا، ولكن السؤال هو كيف؟ ومن سيقوم بهذه الخطوات.
الجواب على هذا السؤال لا يجب أن يتصدى له شخص بعينه، فالأوضاع الدائرة وضعت القطاع باسره على فوهة بركان، والأسلم أن تبدا فوراً مشاورات وطنية من أجل وضع تصور لأمرين اثنين
أولهما خطة اقتصادية فورية هدفها التقشف ومنع استيراد كل ما يمكن انتاجه محليا من أساسيات وكماليات بغض النظر عن جودته للحد من اخراج العملة الصعبة من القطاع لخلق فرص عمل فورية تحد من الأزمة، ولتكن عبر خطة طواريء تراجع مرة كل 3 شهور
ثانيهما خطة حقيقية للتكافل بين الناس من أجل أن يشعر هذا الجائع الذي هو منا ونحن منه أن اخاً له يقاسمه اللقمة .. فبدلاً من أن يبكي وحده يدرك أننا نتقاسم الألم.
بين ثنايا هذين الاقتراحين تفاصيل كثيرة ولكنني أعود وأكرر بأن حماس لا يمكن لها أن تتصدر ذلك بعيداً عن البعد الوطني وعليها أن تكون حريصة على الشراكة مع أبناء الوطن الذين هم كثر، وليست الفصائل فحسب هم أصحاب القرار، فبيان الفصائل بالأمس جاء للأسف لصب المزيد من البلاغة والانشاء على النار المشتعلة وعجز أن يكون فاعلاً على الأرض، أو أن يشكل لجنة فورية لأخذ زمام المبادرة.
الإمساك بالعصا من المنتصف في الملمات هو عار على الجميع وإذا علا صوت الباطل فإن صوت الحق مطالب قسراً بأن يرفع صوته ليعلو عليه.
أعود وأكرر للمرة المليار بأن الجميع يجب أن يتحد قبل أن تنزلق الأمور لما لا يحمد عقباه، ويجب تشكيل مجلس إدارة انتقالي لإدارة الوضع في قطاع غزة من المستقلين والمهنيين وأصحاب الكفاءات الوطنية ويحصل على المبايعة والتأييد عبر مؤتمر وطني يضم مئات الشخصيات الوطنية والفصائل والمخاتير والوجهاء ويعمل على انزال حركة حماس عن شجرة الحكم لحين استلام غزة من حكومة فلسطينية شرعية تحصل على الثقة بعد انتخابات حرة ونزيهة.

اخر الأخبار