عـلـى خـطـا غـولـدشـتـايـن

تابعنا على:   15:07 2019-03-19

خالد صادق

أول ما يتبادر إلى ذهنك وأنت ترى ذاك الإرهابي المجرم مرتكب مجزة مسجد النور بنيوزيلندا والذي عرّف نفسه باسم “براندون تارانت” صورة مرتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف المجرم باروخ غولدشتاين, فكلاهما استخدم نفس الأسلوب, وقتل بنفس السلاح, وارتكب جريمته النكراء داخل حرم المسجد, واستهدف المصلين الأبرياء الذين لا يملكون بأيديهم ما يدفعون به الموت عن أنفسهم, فوقعوا فريسة سهلة لنازية هؤلاء المجرمين, وإرهابهم وإجرامهم وفكرهم المنحرف, والغريزية الحيوانية التي تعمقت بداخلهم, فما فعلة غولدشتاين بقتله لتسعة وعشرين فلسطينيا وهم يصلون صلاة الفجر في الخامس عشر من رمضان 1414هجري, فعله الاسترالي المجرم ترانت بقتله لأكثر من خمسين مصليا مسلما في مسجد النور بنيوزيلندا, فالإرهاب منبعه الاحتلال الصهيوني وتغذيه العقلية الصهيونية المتطرفة والقائمة على القتل وسفك الدماء وإزهاق الأرواح وتفشي العنصرية بأبشع صورها, فالمجرم غولدشتاين شخصية «مقدسة» لدى اليهود, وله نصب تذكاري يحج إليه المستوطنون ليل نهار.

اليست استراليا هذه التي نبت فيها ذاك الإرهابي المتطرف الحاقد تارانت هى التي اعترفت بالقدس عاصمة موحدة «لإسرائيل», وحاولت نقل سفاراتها من «تل أبيب» إلى القدس المحتلة, وأعلنت فتح مكتب تجاري لها في المدينة, أليست استراليا هي التي صوتت ضد قرارات بملاحقة الاحتلال ومحاسبته على الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني, حتى أنها صوتت ضد قرار الأمم المتحدة الذي دعمته 156 دولة على مستوى العالم «بحل الدولتين» ولم تعترف بدولة فلسطين, وتقف ضد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير,, وتواصل أعمال التجارة غير الشرعية مع المستوطنات الاسرائيلية, أليست هي التي تتقيد بسياسات أمريكا الداعمة للاحتلال بشكل مطلق, وتقوم بتطبيقها فورا, حتى ان المجرم تارانت قال انه يؤيد سياسة ترامب ويقتدي به, فالرئيس الأمريكي ترامب أدلى بتصريحات معادية للمسلمين, وهو داعم لفكرة تفوق العرق الأبيض, ولم يندد بخطاب الكراهية إلا باستخدام بعض الجمل الدبلوماسية, فكانت سياساته مغذية للفكر الإرهابي المتطرف.

جريمة مسجد النور رغم بشاعتها ودموية مرتكبها لم تعكس حالة الشجب والاستنكار لدى العالم العربي والإسلامي بالشكل المناسب, فليست هناك أي إجراءات عملية لمنع تكرار مثل هذه الجريمة مرة أخرى, ففي اليوم التالي لجريمة الإرهابي تارانت, كاد الفعل نفسه يتكرر في بريطانيا عندما هاجم بعض المتطرفين البريطانيين احد المساجد في بريطانيا, واعتدوا على المصلين بالضرب المبرح, مما خلق حالة من الهلع والفزع لدى المسلمين هناك, ولولا تدخل الشرطة البريطانية بشكل سريع لتكررت جريمة مسجد النور مرة أخرى, فالخشية ان تتحول الاعتداءات على المسلمين في العالم إلى ظاهرة في ظل هذا الفتور العربي والإسلامي في التعامل مع ظاهرة التطرف ضد المسلمين, خاصة ان هناك اتهامات من بعض الحكام والرسميين العرب والمسلمين للغرب بأنه منبع تصدير الإرهابيين الإسلاميين للعالم, وانه يدعم التطرف الإسلامي ويغذيه من خلال الحريات التي تمنح للأقليات المسلمة في بلاد الغرب, والغرض من وراء ذلك التحريض على المسلمين وطردهم من البلاد التي يتواجدون فيها, أو تركهم فريسة للآخرين.

ان التطرف في العالم منبعه «إسرائيل» وهى التي تغذيه وتقويه وتستخدمه لخدمة أجندتها الأمنية والسياسية, فالعنصرية ولدت في هذا الكيان المجرم, ووزعت على العالم, والقوانين العنصرية المجحفة تفرض الآن على الفلسطينيين في الـ 48 وفي القدس والضفة, والخطاب العنصرى يزداد بشاعة في ظل تنامي ظاهرة اليمين الصهيوني المتطرف في المجتمع الصهيوني بشكل كبير, حتى أصبح الخطاب العنصري يوصل لكرسي الكنيست, وكلما كان الخطاب بشعا وأكثر دموية ازدادت فرص الناخب بشكل اكبر, وهذا يدلنا على ان الاحتلال قادم على ارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين على غرار مجزرة الحرم الإبراهيمي, ومجزرة مسجد النور بنيوزيلندا, خاصة أننا مقبلون على معركة باب الرحمة, والتي يصر الاحتلال على خوضها ضد المقدسيين في ظل رفضهم الانصياع لأوامر الاحتلال التعسفية والمجحفة, بإغلاق مصلى باب الرحمة ومنع المصلين من دخوله, كما ان الاحتلال يحكم قبضته بشكل مطلق على الحرم الإبراهيمي الشريف, حتى انه كثيرا ما يمنع رفع الأذان فيه, ويحرم المصلين من الصلاة في داخله, فأطماع الاحتلال في المقدسات الإسلامية تتزايد, وهذا يزيد من إمكانية ارتكاب الاحتلال لمجزرة جديدة إما في المسجد الأقصى المبارك, أو الحرم الإبراهيمي الشريف, يجب تدارك الأمر قبل فوات الأوان, وكبح جماح «إسرائيل» وإحباط مخططاتها وأطماعها في المقدسات الإسلامية, وإلا فإننا على أبواب مجزرة جديدة كمجزرة المجرمين تارانت وغولدشتاين .

اخر الأخبار