قراءة كتاب عشية الانتفاضة

تابعنا على:   20:02 2019-03-24

أحمد الحاج

يعالج كتاب عشية الانتفاضة الصادر عن دار التقدم العربي / بيروت، من خلال رؤية الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لمسار المفاوضات ، اوسلو، الانقسام، المستوطنات ، قرارات المجلس المركزي، الواقع الشعبي المتفجر ضد الاحتلال، سياسة السلطة الفلسطينية، والانقسام المدمر(فتح وحماس).
إن رؤية الجبهة الديمقراطية، منذ عقود ثلاث واصدار كتاب عشية الانتفاضة (2001)، قرأت القادم من السياسة والارهاصات على الصعيدين الفلسطيني والاقليمي، واليوم نعيش عشية الانتفاضة الثالثة، .... بعد فشل المفاوضات، وتعميق الانقسام ، وتوحش الاحتلال الصهيوني، من قضم الاراضي وبناء المستوطنات، تحويل الضفة الفلسطينية لمعازل، "واعلان القدس عاصمة" لدولة الاحتلال، عدم تراجع السلطة الفلسطينية عن وقف التنسيق الامني .....، ملاحقة النشطاء وسياسة الاعتقالات، منع التظاهرات ،الخ.. أما حماس.... ذات السياسة,, القمع والاعتقالات، محاولات لوقف مسيرات العودة ، منع أي عمل مقاوم يستهدف قوات العدو الصيوني...الخ... السلطة وحماس...سياسة حب البقاء( رأسي السلطة، الضفة وغزة) ، تحت عباءة الاحتلال ...واتباع سياسة تدوير الفشل التفاوضي ، بانتظار ظروف مواتية لاستكمال التفاوض بعناوين واسماء اخرى، مثال، صفقة القرن الامريكية الصهيونية.
على ما تقدم : إن وضع الحقائق أمام الشعب أولاً بأول، ومعرفة الشعب لما يدور ويحدث، هو الأجدى والأقوى لأي قيادة، رافعة أساسية، تعزيزا" أو رفضا"، لقرارات السلطة السياسية.
كتاب عشية الانتفاضة، بأقلام ثلاث من أعضاء مكتبها السياسي، مقدمات وإرهاصات الانفجار، وتتوزع صفحات الكتاب على ثلاث محاور رئيسية:
العمل الوطني الديمقراطي قيس عبد الكريم (أبو ليلى) /العلاقات الوطنية صالح زيدان/ الاستيطان تيسير خالد.
إن استعراض كتاب عشية الانتفاضة للتدليل على نقطتين: الاولى قوة الشعب الفلسطيني وصموده، والثانية محاولات الاضعاف، التي تعرض لها، سواء اسرائيليا أو فلسطينيا (الانقسام السياسي والجغرافي الحاصل بين حماس وفتح)، واحتكار النظام السياسي، وتغييب التعددية السياسية، أي (الديمقراطية)، وعليه إن العودة للكتاب وتقديم قراءة معمقة لما حدث ويحدث اليوم ، ويشكل رافعة مهمة للنضال الفلسطيني، موضحا" اسباب الضعف، واضعا" عوامل تجاوزه من خلال وحدة العمل الفلسطيني الوطني المقاوم، بكل تفعيلاته.
في صفحات الكتاب، يجد القارئ نفسه أمام وقائع ووثائق وتواريخ، تسرد وتثبِّت الأسباب والمسببات لانتفاضة الشعب الفلسطيني الأولى 1987-1994، وانتفاضة الاستقلال والأقصى الثانية 2000-2001، ويلقي الضوء على مجريات الأحداث السياسية الفلسطينية الداخلية، عبر اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني، والكتاب يخص بالذكر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يشرح سياستها حول اتفاقات كامب ديفيد وأوسلو وشرم الشيخ.. داخل وخارج المجلس المركزي، كما دراسة الواقع الفلسطيني على الأرض، والآثار السلبية لاتفاقية أوسلو، وانعكاساتها على مجمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحزبية على الشعب الفلسطيني.
ومن الأهمية بمكان أن نذكر أن كتاب عشية الانتفاضة موثق من خلال مراجع فلسطينية ودولية من جهة، ومن جهة أخرى، أن هذه الدراسة أجريت ميدانياً من أرض فلسطين وبين شعب فلسطين.
المحور الأول : في العمل الوطني الديمقراطي
تناول قيس عبد الكريم (أبو ليلى) في فصول ستة، النشاط الاستيطاني الإسرائيلي المحموم وتسارعه، لاسيما في مرحلة أوسلو، والتخطيط المحكم، لسياسة الاستيطان الصهيونية في كل من القدس العربية ومحيطها، بهدف عزلها عن الضفة الغربية، وتقطيع أوصالها ، وتحويلها إلى معازل، تسيطر عليها قوات الاحتلال والمستوطنات ( والمستوطنين)، وتناول الكاتب تدهور الوضع الاقتصادي للمواطنين، كما تحدث عن اتفاقية باريس الاقتصادية الظالمة للشعب الفلسطيني، وتدهور الأوضاع الأمنية وانتهاك حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، عبر تشديد القبضة الأمنية الإسرائيلية، وتعدياتها على المواطنين العرب.
وفي انعكاسات هذا التدهور الاقتصادي والأمني، على المجتمع الفلسطيني، فصّل الكاتب التأثيرات السلبية على مختلف الشرائح الاجتماعية والفعاليات الاقتصادية، ومن ثم تطرق الى وضع اللاجئين، داخل مخيمات اللجوء في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي سياق استعراضه للأوضاع عامة، أشار إلى مسببات المسار المتعرج لنهوض الحركة الجماهيرية عن الانتفاضة الأولى 1987-1994 والحل الموضوعي، من خلال التناقض بين الشعب والاحتلال، وصولاً إلى تفاقم سلبيات اتفاق أوسلو والذي أدى بدوره إلى وجود «تناقض» بين السلطة الفلسطينية والشعب، والتدهور المستمر على مختلف الصعد الاقتصادية والسياسية والأمنية، ليجعل تفجر الانتفاضة أمراً واقعياً، وفي فصل الكتاب السادس، وحول التوجهات البرنامجية، حدد قيس عبد الكريم العناوين الرئيسية لإدارة الصراع، من خلال توجهات القوى الديمقراطية والوطنية: النضال ضد الاستيطان، الدفاع عن عروبة القدس، حرية الأسرى الفلسطينيين، صون الحريات العامة، التحرر من قيود اتفاقية باريس الاقتصادي الظالمة، محاربة الفساد، الدفاع عن الطبقة العاملة، وحقوق صغار الموظفين والعاملين..الخ.
المحورالثاني: في العلاقات الوطنية وإعلان السيادة
سلط صالح زيدان الضوء على دورات المجلس المركزي في العام 2000، وأشار إلى دورة المجلس المركزي في 29/4/1999 حول الخيارات السياسية المتاحة، في ضوء اقتراب استحقاق 4/5/99 حول انتهاء المرحلة الانتقالية، وبسط سيادة دولة فلسطين، وعن تمديد الجلسة إلى تاريخ 17/5/99 حتى مطلع حزيران/ يونيو 1999 إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية.
ويذكر أن انفراد السلطة بالقرار السياسي، وتشكيل اللجان الشكلية للسلطة الفلسطينية، أدى إلى انعكاس ذلك سلباً، على العلاقات الوطنية لمجموع القوى الديمقراطية والوطنية الفلسطينية، وحول دعوة المجلس المركزي للانعقاد في 2/2/2000، كانت الغاية منها تغطية المفاوضات الجارية في إطار اتفاق شرم الشيخ، ويضيف الكاتب، أن الجبهة الديمقراطية تقدمت في هذا السياق بمذكرة إلى دورة المجلس المركزي 1/2/2000 ، أبرزت فيها أهمية إعلان قيام دولة فلسطين، كما أشار زيدان إلى تأجيل إعلان قيام الدولة، في البيان الصادر عن دورة المجلس المركزي في 3/2/2000، وتحفظ الجبهة الديمقراطية على البيان الختامي، أيضاً لأنه أغفل الإشارة، إلى ضرورة إجراء استفتاء شعبي، حول أي اتفاق يتم التوصل إليه بشأن قضايا الوضع الدائم.
وحول دورة المجلس المركزي 2-3/7/2000 يذكر زيدان أن أغلبية المداخلات أكدت على نقاط ثلاث مهمة:1 ـ عدم التمديد للمرحلة الانتفالية التي تنتهي في 13/9/2000 2 ـ اعتبار استحقاق 13/9 القادم نقطة الفصل بين الحكم الذاتي وإعلان السيادة 3 ـ تجسيد سيادة دولة فلسطين على أراضيها حتى حدود 4/6/67 والتمسك بحق اللاجئين في العودة لديارهم.
مضيفاً زيدان، أن دورة المجلس المركزي في 9-10/9/2000 جاءت بعد القمة الأمريكية الإسرائيلية الفلسطينية في كامب ديفيد، من 11/7/2000 إلى 24/7/2000 ( حيث أرادت ) السلطة الفلسطينية لهذه الدورة أداء وظيفيتين: الأولى اتخاذ قرار تأجيل إعلان السيادة، والثانية تزكية الموقف الذي اتخذه الوفد المفاوض في قمة كامب ديفيد، تتويجاً لحملة الإشادة بموقفه الصامد، أثناء المفاوضات، والكاتب يبرز بوضوح، المعركة السياسية التي خاضها وفد الجبهة الديمقراطية، داخل المجلس والتي عبرت عنها ثلاثة نقاط أساسية:
أ - رفض التمديد للمرحلة الانتقالية، أو تأجيل إعلان السيادة ب - تقييم الموقف التفاوضي للوفد الفلسطيني ج – ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني.
وأفرد صالح زيدان سبعة ملاحق ، هي عبارة عن مذكرات الجبهة الديمقراطية وبياناتها، حول اجتماعات المجلس المركزي وفق التواريخ المذكورة.
المحور الثالث: الاستيطان وتعطيل قيام الدولة الفلسطينية
تيسير خالد قدم مدخل لفصله، يشير إلى أن الصراع العربي الإسرائيلي، يدور حول الأرض بالدرجة الأولى، حيث الأطماع الصهيونية، كانت واضحة، منذ المؤتمر الصهيوني العام في نهاية القرن التاسع عشر، حيث أعلن (زئيف جابوتنسكي) ، عام 1933 أن الصهيونية تعني الاستيطان، وإعلان بن غوريون بعد "قيام الدولة" (لا لاجئ واحد ولا شبر أرض)، فتأسست سياسة "دولة إسرائيل"، على مرتكزات ثلاث: 1 ـ أقل عدد ممكن من العرب. 2 – هجرة يهودية دائمة. 3 - نشاطات استيطانية دائمة.
وأفرد تيسير خالد، مجموعة القوانين التي سنت لهذه التوجهات وأبرزها : أ – قانون أملاك الغائبين ب – قانون الحاضر الغائب ج – قانون الطوارئ عام 1949 د ـ قانون الأراضي غير المستغلة عام 1949 هـ - قانون تنظيم الاسيتلاء على عقارات في أوقات الطوارئ للعام 1949.
ويذكر تيسير خالد، بمجموعة الأوامر العسكرية، التي صدرت بهدف نهب الأرض، والسيطرة على الأراضي الفلسطينية، وأبرز قرار مجلس الأمن رقم 446، القاضي بتشكيل لجنة خاصة لبحث موضوع الاستيطان ، والتي قدمت تقريرها للمجلس. ( نص التقرير ، ص155 ).
وحول أهداف التوسع الاستيطاني، وتطبيقاته العملية بعد أوسلو، حددها خالد بسبعة أهداف:
المعازل - الحد من التوسع العربي الفلسطيني- دفع خطوط الرابع من حزيران 67 إلى داخل أراضي الضفة الغربية - إضعاف كافة محاولات التواصل الفلسطيني مع محيطه العربي- تعزيز المستوطنات- تكريس الوجود الإسرائيلي اليهودي في القدس - استمرار سيطرة إسرائيل على مصادر المياه.
الفصل الثاني من المحور الثالث ، يذكر الكاتب حجم التوسع الاستيطاني، في المحافظات بين الأعوام 97 - 99 أي ما قبل تفجر الانتفاضة.
وهي موضحة بجداول، تحتوي أسماء المستعمرات ومواقعها وعدد وحداتها السكنية، والطرق الالتفافية، ومواصلة الحكومة شقها والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، لهذه الغاية في كافة المحافظات.
وفي الفصل الثامن، من المحور الثالث، مجموعة خرائط للكتل الاستيطانية في الضفة الغربية.

كتاب عشية الانتفاضة، مرجعاً هاماً طبقاً لمحتوياته الوثائقية . وفي تشريحه التفصيلي السببي لتفجرها . ويمكن اعتماده مرجعاً لأي بحث في في عشية الانتفاضة ، والاجراءات الاسرائيلية ، وقضية المستوطنات .راصدا" انتفاضة ثالثة، تبعا" للواقع المعاش اليوم ، بظروف وارهاصات الواقع السياسي الفلسطيني، الصهيوني، الاقليمي والدولي.

اخر الأخبار