"حماس" وغزة الغاضبة

تابعنا على:   15:59 2019-03-25

د. حسن مدن

منذ قيام «إسرائيل» حتى اليوم، تؤكد التجربة أنه لا يمكن الجمع بين الرغبة في محاربتها ومواجهة عدوانها على الفلسطينين والعرب، وقمع الشعوب العربية في الوقت ذاته.

كل الأنظمة العربية التي أعلنت: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، مارست رياءً وتضليلاً للتستر على ما أذاقته شعوبها من تنكيل ومصادرة للحريات وتغييب للمجتمع المدني، وانتهت إلى ديكتاتوريات لا تقيم وزناً لحقوق الإنسان، خاصة حقه في حرية التعبير وفي الاحتجاج على الفساد، ومن أجل الحياة الكريمة، قادتنا إلى النهايات الدامية، الموجعة التي نعلم.

حركة «حماس» تكرّر السيناريو ذاته في قطاع غزة، في خطيئة جديدة تضاف إلى خطيئتها في الاستحواذ على القطاع، وما تلا ذلك من شقٍّ للصف الوطني الفلسطيني، دون أن نبرئ السلطة الفلسطينية من حصتها في المسؤولية عن ذلك.

وخطيئة «حماس» الجديدة تتمثل في تعاملها القاسي والعنيف مع الاحتجاجات العفوية للناس الذين نفد صبرهم، فخرجوا إلى الشارع معبرين عن رفضهم للسياسات التي تدير الحركة قطاع غزة عبرها، وهي احتجاجات سلمية ضد غلاء الأسعار وتدهور الأحوال المعيشية، وفرض المزيد من الضرائب وأشكال الجباية، فجابهتها سلطة «حماس» بالملاحقة والاعتقالات والقنابل المسيلة للدموع، فضلاً عن توسل أساليب التخوين.

من المعيب أن تصف حركة تقدم نفسها على أنها حركة مقاومة للعدو، الآلاف من أبناء شعبها بالخيانة، بل إن الرّد على هذه المزاعم أتى من الأغلبية الساحقة من التنظيمات الوطنية الفلسطينية المشهود لها بالتاريخ النضالي المشرف، التي دانت ممارسات «حماس»، وطالبتها بسحب الأجهزة الأمنية والمسلحين من الشوارع والساحات العامة، وإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية الحراك الأخير.

وفي الوقت الذي دعت فيه هذه الفصائل إلى ضرورة محاسبة كل من تورّط بالاعتداء على المتظاهرين، داعية «حماس» للاعتذار عن هذه الاعتداءات، أعلنت عن دعمها للحراك الشعبي، وتأييدها لمطالبه العادلة، وضرورة حمايته من أي اختراق.

الأجدى لـ «حماس» أن تصغي للأصوات الموجوعة للمحتجين، وتعيد النظر في كامل نهجها في إدارة القطاع، وبشكل خاص أن توقف أشكال الجباية والضرائب على السلع، وتحديد حاجات السوق من السلع المصدّرة، وتحديد أسعار السلع، وعدم تركها لتلاعب التجار.

ونعلم جميعاً أن الأزمة في قطاع غزة ليست مجرد أزمة اقتصادية أو معيشية، فبرغم فدح هذا الجانب، فإن جوهر الأزمة سياسي بامتياز، ناجم عن استمرار حال الانقسام في الصف الفلسطيني الذي قاد ويقود إلى النتائج الكارثية على القضية الوطنية الفلسطينية.

عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار