المنطقة الرمادية الفلسطينية

تابعنا على:   07:57 2014-07-13

صلاح صبحية

ما يجري في جنوب الوطن ، جنوب فلسطين ليس عدواناً جديداً ، لأنّ العدوان الصهيوني علينا لم يتوقف منذ أن بدأ في آب عام 1897 من داخل أروقة المؤتمر الصهيوني الأول ، وما يحدث اليوم في المنطقة الجنوبية لفلسطين المحتلة هو تصعيد العدوان من قبل العدو الصهيوني ، فالعدو الصهيوني يمارس عدوانه يومياً على شعبنا وعلى أرضنا وعلى تاريخنا ولم يتوقف لحظة واحدة ، والعدو الصهيوني مستمر بعدوانه دون توقف لأنه لم يصل بعد إلى الهدف الحقيقي من عدوانه ، هدفه كان وما زال وسيبقى هو إبادة شعبنا العربي الفلسطيني ليثبت أنّ دافعه لإنجاز وطن قومي له في فلسطين قد تحقق تحت عنوان مقولته التأسيسية والتي ما زال يصرّ عليها بأنّ فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض .

هو صراع الوجود الذي ما زال العدو الصهيوني يخوضه ضدنا ، ولأنه صراع وجود فهو يستخدم كل الأساليب والأدوات التي تساعده على تحقيق هدفه النهائي بإبادة شعبنا العربي الفلسطيني ، وعدوانه مستمر علينا من خلال الاستيلاء على أرضنا الفلسطينية وبناء المزيد من المستوطنات عليها ، وإسكان مئات الألوف من الغزاة الصهاينة فيها ، فالاستيطان هو عدوان صهيوني قائم يمارسه العدو ضدنا يومياً .

ولأنّ صراعنا مع عدونا صراع وجود فهو مستمر في عدوانه على أرضنا باقتلاع أشجار الزيتون التي هي عنوان وطني فلسطيني وثروة فلسطينية ذو عائد اقتصادي على شعبنا ، كما أنه يمارس عدوانه من خلال التجريف اليومي لمزروعاتنا ، لأنه لا يريد لهذه الأرض أن تكون فلسطينية بترابها وأشجارها ومزروعاتها .

وصراع الوجود هذا جعل عدونا الصهيوني يعمل على مزيد من هدم البيوت في كل أنحاء فلسطين من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ، فهو ما زال يهدم بيوت أهلنا في عكا وحيفا ويافا والنقب إضافة إلى هدم بيوت أهلنا في القدس وأنحاء الضفة الفلسطينية كما في غزة هاشم .

ولأنه صراع وجود فما زالت سجونه مليئة بآلاف المناضلين الفلسطيني رجالاً ونساء وشباباً وفتيانا وأطفالاً ، وهذا شكل من أشكال العدوان الذي يمارسه العدو الصهيوني ضد شعبنا .

إذا فالعدوان على جنوب فلسطين المحتلة ، على مدن غزة وخان يونس ورفح ودير البلح وبيت حانون والشجاعية والشاطىء والنصيرات هو تصعيد للعدوان وليس عدواناً جديداً .

والعدوان الصهيوني المستمر يسير في خط بياني متعرج ، تعلو وتيرته أحياناً ، وأحياناً أخرى تهبط ، ولكنه لا يتوقف لأنه لم يحقق هدفه بإنجاز وطن قومي يهودي على أرض فلسطين ، أو كما يطرح هو اليوم مطالباً إيانا الاعتراف بيهودية \" دولته \" ساعياً بذلك للتخلص من أبناء شعبنا الفلسطيني المتجذرين بأرض وطنهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 .

وما يجري اليوم في جنوب الوطن الفلسطيني من تصعيد للعدوان الصهيوني يهدف إلى تجذير الشرخ الفلسطيني القائم ، وخاصة بعد تضارب المواقف الفلسطينية من قضية المستوطنين الثلاثة ومقتل الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير ونهوض الشارع الفلسطيني ضد الممارسات الصهيونية بحق شعبنا .

وقد حقق العدو الصهيوني إنجازا خطيراً داخل الشعب الفلسطيني وهو تجذير الانقسام الفلسطيني وعدم إعطاء المصالحة المتعثرة أصلاً أفقا أبعد مما عليه هي الآن ، وأوجد منطقة رمادية فلسطينية تتعامل مع تصعيد عدوانه على جنوبي الوطن تميزت بتصريحات الرئيس الفلسطيني منذ خطاب مؤتمر جدة إلى مقابلة قناة الميادين مروراً ً بمقابلته لمؤتمر هآرتس للسلام ، فقد كان الرئيس الفلسطيني واضحا جلياً بموقفه الرمادي من حقيقة ما يجري على الأرض ، فتعامل مع ما يجري كما يتعامل معه أي مسؤول عربي أو أجنبي ، فقد وقف الرئيس الفلسطيني في المنطقة الرمادية ، واتهم العدو الصهيوني والمقاومة الفلسطينية بأنهم تجار حرب ، العدو الصهيوني والمقاومة الفلسطينية متساويان لدى فخامة الرئيس الفلسطيني ، متساويان بالقيمة والمثل ، كلاهما تاجر حرب ، عشرات الشهداء من شعبنا أطفالاً ونساء وشيوخا ورجالاً هم ضحايا تجار الحرب وليسوا ضحايا تصعيد العدوان الصهيوني على شعبنا الفلسطيني على حد قوله (بأنه لا يملك غير المواساة لأهالي شهداء غزة وحثهم على الصبر، معتبرًا في الوقت ذاته أنهم وقود لتجار الحرب وأنا ضد هؤلاء التجار من الجانبين )، فاي موقف هذا لرئيس هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الوطنية ورئيس دولة فلسطين ورئيس اللجنة المركزية لحركة \" فتح \" .

وكأني بالرئيس الفلسطيني يبارك ويهنىء العدو الصهيوني لانتخابه في موقع نائب رئيس لجنة مكافحة الاستعمار ويطالبه بتصفية المقاومة الفلسطينية التي تستعمر المنطقة الجنوبية من فلسطين ، وكأني بالعدو الصهيوني قد باشر مهامه فعلاً في لجنة مكافحة الاستعمار ، فكان تصعيد عدوانه على شعبنا في جنوب الوطن من أجل إزالة الاستعمار الفلسطيني عنها .

بل يذهب الرئيس الفلسطيني لرفض شروط المقاومة الفلسطينية لإنجاز التهدئة بقوله (إن ما تعلنه حركة حماس من شروط للتوصل لاتفاق إطلاق نار جديد مع الكيان الإسرائيلي غير ضرورية وغير مطلوبة ) ومطالباً إياها بالعودة إلى اتفاق عام 2012 والذي تم الاعتراض في حينه على ما جاء في نصوصه التي تنص على وقف الأعمال العدائية من قبل طرفي الاتفاق ضد بعضهما .

فبدل أن يقف الرئيس الفلسطيني في الخندق المقاوم لتصعيد العدوان ، نراه يتخذ موقفا متوازناً وكأنه غير معني بمقاومة العدوان وذلك لأنه لا يؤمن بمالمقاومة أسلوباً في مواجهة الاحتلال ، لأنّ المقاومة لديه هي دفاع بالقانون الدولي على حد قوله(اسرائيل تعتدي علينا ونحن ندافع عن انفسنا فقط بالقانون الدولي لا اكثر ولا اقل) وكأن القانون الدولي لا يجيز للشعوب التي احتلت أراضيها مقاومة هذا الاحتلال بكل الوسائل بما فيها الكفاح المسلح .

فأين نقف كفلسطينيين ، هل نقف في مواجهة العدوان الصهيوني المتصاعد ضد أهلنا في جنوب الوطن ، أم نقف في المنطقة الرمادية متفرجين على الصراع بين تجار الحروب ؟

عجمان في 13/7/2014 صلاح صبحية

اخر الأخبار