تكيف جرائم العدوان الإسرائيلي (الجرف الصامد)على غزة سنة 2014

تابعنا على:   01:00 2014-08-07

د.عبدالحكيم سليمان وادي

طبقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعتبرالأفعال التي ارتكبت في العدوان على قطاع غزة أثناء عملية العصف المأكول أو كما تسمي إسرائيل نفسها (بالجرف الصامد أو الخامج)سنة 2014 وكذلك العدوان الذي سبقه عملية الرصاص المسكوب لسنة 2008-2009 وكذلك العدوان المتكرر في عملية عامود السحاب بتاريخ 14/11/2012م من حيث قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية قطاع غزة بمئات من أطنان المتفجرات في عدوانها المتكرر في الحالات الثلاثة سابقة الذكر، مستهدفه المباني السكنية والمستشفيات، ودور العلم والمساجد ومؤسسات الدولة الأمنية والإدارية والتشريعية إلى جانب الأهداف التي تعتبرها إسرائيل عسكرية، مما يشير إلى نية إسرائيل بتدمير قطاع غزة قبل غزوها برياً، وانتهاجها لسياسة الأرض المحروقة.وتدمير البنية التحتية للفلسطينيين,ومحاولة قتل اكبر عدد من الأطفال والمدنيين وقصف البيوت فوق رؤؤس قاطنيها بغزة,لرفع حجم الخسائر والدمار,وتأنيب السكان والرأي العام الفلسطيني ضد المقاومة الفلسطينية في غزة. عندما يشاهدون حجم الكارثة والدمار والمحرقة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء عدوانها في عملية الجرف الصامد لسنة 2014ضد المدنيين الأبرياء.ولكن ورغم ارتفاع حجم الضحايا والشهداء الذي بلغ خلال شهر من العدوان إلى أكثر من 1894 شهيد، 90% هم مدنيين,من بينهم 430 طفلا و243 امرأة و79 مسنا.

فيما بلغت عدد الإصابات بعد 29 يوما من العدوان المتواصل على القطاع، 9567 جريحا، من بينهم 287 طفلا و1854 امرأة و374 مسنا.إضافة إلي الخسائر في صفوف الطواقم الطبية من المسعفين بسبب قصف سيارات الإسعاف والذي بلغ عدد 21 شهيدا, و85 جريحا,ناهيكم عن قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين بشكل متعمد لمنعهم من التصوير ونقل الحقيقة للعالم,مما تسبب بمقتل 11 صحفيا فلسطينيا لقوا حتفهم أما في الميدان أو وهم نائمون مع أطفالهم في منازلهم.

ومازال عدد 153 من الجرحى إصابتهم خطيرة تحت العناية المركزة في احتمال ارتقاء البعض.

تعتبر هذه الانتهاكات الإسرائيلية أفعال غير مشروعة، وتشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت تنطبق عليها من ناحية التكييف القانوني الجنائي الدولي أوصاف بعض صور الإبادة الجماعية، وبعض جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية التي ورد النص عليها في القانون الجنائي الدولي، وتحديداً في المواد( 6 و7 و8 ) من نظام روما الأساسي لسنة 1998 الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الدائمة.

وتتجلي أهم الوقائع غير المشروعة التي اقترفتها إسرائيل أثناء العدوان الذي شنته على قطاع غزة في النقاط التالية:

أولاً: قيام إسرائيل بتجويع المدنيين، وتدمير أو تعطيل الأعيان المدنية والمنشات الحيوية.

مثل تدمير المصانع الفلسطينية ومنها مصنع العودة للبسكويت وسط قطاع غزة, وتدمير وقصف محطات توليد الكهرباء والمولدات التابعة لها في المدن,إضافة إلى إغلاق معابر الحدود للبضائع والمواد الغذائية ومواد البناء ومستلزمات الحياة بشكل متكرر خلال فترة الحصار المستمر منذ 8 سنوات على غزة،وكذلك شن 3 حروب وعدوان همجي على غزة في مدة لا تتجاوز 6 سنوات منذ سنة 2008 إلى سنة 2014 ثلاثة حروب إسرائيلية لم ترحم البشر أو الحجر أو الشجر في غزة, قد أثرت بشدة على قطاع الصناعة، ، أغلقت 3750 منشأة صناعية، أي (90%) من إجمالي الكيانات الصناعية، وارتفاع البطالة بنسبة 33 ألف عامل في غزة، أو( 94%) من عدد العمال المشتغلين في هذا القطاع،كما أشارت التقارير بشأن الأضرار التي لحقت بالقطاع الخاص إلى حوالي(1300) مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص قد دمرت كلياً أو جزئياً نتيجة القصف والتدمير والعدوان الإسرائيلي في عملية الجرف الصامد أو العصف المأكول لسنة 2014، وكان من بينها مؤسسات صناعية بنسبة (44%) دمرت كلياً، و(56%) دمرت جزئيا.

ثانياً: تعمّد إسرائيل استهداف المدارس والجامعات والمستشفيات ومقار وكالة الإغاثة:

أكّدت تقارير عديدة موثوقة المصدر، من بينها: تقرير منظمة هيومن راتس ووتش، وتقارير وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، وكذلك تقرير منظمة الصليب الأحمر الدولي.. وغيرها، إن إسرائيل تعمّدت أثناء عدوانها على قطاع غزة استهداف الجامعة الإسلامية في غزة، وقصف بعض المدارس، من بينها مدارس حكومية تابعة للسلطة الفلسطينية، وأخرى تابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في قطاع غزة،كان أخرها قصف مدرسة انس الوزير في رفح مما تسبب بمقتل 10 مواطنين أبرياء وإصابة أكثر من 45 مواطنا من اللاجئين لها بصفتها مقر إيواء للنازحين من المناطق الحدودية الساخنة, وكانت هذه الأخيرة تستخدم أثناء الحرب كمأوى لأعداد كبيرة جداً من الفلسطينيين الذين اضطروا للنزوح عن مساكنهم بسبب الخوف من تطورات العمليات الحربية، وكذلك مهاجمة وتدمير عدد من سيارات الإسعاف، وقتل عدد من الأطقم الطبية، وضرب مستوصفات تابعة للأنروا، فضلاً عن قصف مستشفى الشفاء المركزي في غزة.والتهديد بقصف قسم العظام فيه.إضافة إلى قصف مستشفي أبو يوسف النجار برفح,مما تسبب بإخلائها بالكامل بعد تلقيها تهديدا من جيش الاحتلال الإسرائيلي بضرورة إخلائها,حيث تسبب بعملية إرباك أثناء إخلاء الجرحى منها لاماكن أخري,ونفس الأمر ينطبق على مستشفي العودة ببيت حانون التي قصفت من الطائرات الإسرائيلية وتسبب في إغلاقها ونقل الجرحى للعلاج في مستشفي جباليا.

وتبين التقارير لمنظمات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان بغزة أن العدوان الإسرائيلي على القطاع لسنة 2014 في عملية الجرف الصامد أو كما تسمية المقاومة –العصف المأكول انه أسفر عن تدمير(10604) منزلاً بشكل عام، كما أدت إلى تدمير (1742) منزلاً بشكل كلي،وقصف وتدمير 132 مسجدا,منها 42 مسجد تدمير كلي جراء القصف وأعمال التدمير في أحياء مختلفة في مدن القطاع,أبشعها كان في الشجاعية والزيتون والتفاح والشعف وخزاعة وشرق مدينة رفح,حيث تعرضت هذه المناطق للترويع والترهيب،والقصف العنيف جدا,مما تسبب بتغير معالم هذه المناطق واضطروا السكان المدنيين خلالها إلى إخلاء منازلهم قسرياً، وأصبحوا بلا مأوي بحجة تعرض اثنين من جنود الاحتلال الإسرائيلي للاختطاف وهم الجندي: شاؤول ارون والذي اختفت اثارة فى الشجاعية,والملازم من لواء جفعاتي -هادار جولدين والذي اختفت أثارة في مدينة رفح على يد رجال المقاومة الفلسطينية.

ثالثا: استهداف المدنيين والاعتداء على الحق بالحياة والسلامة البدنية أثناء العدوان على غزة:

وفقاً لتوثيق وزارة الصحة الفلسطينية وتقرير د.اشرف القدرة وتقارير مؤسسات حقوق الإنسان بغزة، فقد قتلت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، خلال العدوان أكثر من 1894 شهيد، 90% هم مدنيين,من بينهم 430 طفلا و243 امرأة و79 مسنا.

فيما بلغت عدد الإصابات بعد 29 يوما من العدوان المتواصل على القطاع، 9567 جريحا، من بينهم 287 طفلا و1854 امرأة و374 مسنا.إضافة إلي الخسائر في صفوف الطواقم الطبية من المسعفين بسبب قصف سيارات الإسعاف والذي بلغ عدد 21 شهيدا, و85 جريحا,ناهيكم عن قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين بشكل متعمد لمنعهم من التصوير ونقل الحقيقة للعالم,مما تسبب بمقتل 11 صحفيا فلسطينيا لقوا حتفهم أما في الميدان أو وهم نائمون مع أطفالهم في منازلهم.

ومازال عدد 153 من الجرحى إصابتهم خطيرة تحت العناية المركزة في احتمال ارتقاء البعض منهم,إضافة إلى استمرار البحث وانتشال الجثث من تحت الركام للمنازل المدمرة.

كما أسفرت الهجمات الإسرائيلية طيلة فترة 29 يوم من العدوان الاسرائيلي على غزة لسنة 2014 في عملية الجرف الصامد أو كما تسمية المقاومة –العصف المأكول عن تدمير(10604) منزلاً بشكل عام، كما أدت إلى تدمير (1742) منزلاً بشكل كلي،وقصف وتدمير 132 مسجدا,منها 42 مسجد تدمير كلي.

ويعتبر العدوان على غزة في عملية الجرف الصامد سنة 2014 هو الأعنف والأشرس والأكثر دموية ضد المدنيين الفلسطينيين والأعيان المدنية في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1948. فقد استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان أنواعاً مختلفة من الأسلحة ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وقامت القوات الجوية والبرية والبحرية التابعة لها بإطلاق آلاف الصواريخ والقذائف الموجهة التي يصل وزن الواحدة منها نحو 1000 كيلوغرام، طالت تجمعات مدنية وأوقعت خسائر في أرواح وممتلكات مدنيين عزل.

كما خلصت التحقيقات لمنظمات حقوق الإنسان بغزة إلى أن ممارسات قوات الاحتلال خلال العدوان شكلت خرقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، ومثلت مخالفات لكل من مبدأ التمييز والتناسبية في الأعمال القتالية. فقد شن جيش الاحتلال الاسرائيلي هجمات عشوائية على مناطق سكانية مأهولة واستخدم الأسلحة الفتاكة في القصف بشكل عشوائي.نذكر منها المجزرة التي ارتكبها في الشجاعية,وكذلك المجزرة في مدينة خزاعة وفى مدينة رفح التي سقط فيها أكثر من 120 شهيدا خلال ساعات محدودة وفى يوم واحد,إضافة إلى إصابة أكثر من 450 مواطن في نفس الجزرة برفح.

ويؤكد القانون الدولي الإنساني أن تلك الهجمات الإسرائيلية والأعمال الإجرامية تُشكل مخالفات جسيمة لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، وتعتبر أيضاً جرائم حرب. بالإضافة إلى ذلك، وبالأخذ بعين الاعتبار الدلائل المنتشرة على نطاق واسع في قطاع غزة والتي تؤكد الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الإنساني الدولي، من خلال الممارسات الإسرائيلية أثناء فترة العدوان خلال 29 يوم من القتل والقصف والتدمير واستهداف المدنيين وتحديدا الأطفال منهم, وقصف أماكن الإيواء مثل مدراس الاونروا والمستشفيات واستهداف سيارات الإسعاف الخ,فأنها تشكل الدليل القاطع بالصوت والصورة(فيديو) مؤشراً على ارتكاب إسرائيل جرائم ضد الإنسانية.

وبالعودة إلي تكيف جرائم العدوان الإسرائيلي على غزة لسنة 2014 طبقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ومن خلال الرجوع لما ألحقه العدوان والقصف الإسرائيلي من أضرار في قطاع غزة في عملية الجرف الصامد أو العصف المأكول، نجد انطباق وصف القتل العمد لضحايا عمليات القصف الإسرائيلي غير المبرر للأحياء السكنية الفلسطينية مثل الدمار الهائل أثناء ارتكاب مجزرة الشجاعية ومجزرة رفح وللأشخاص المدنيين وأيضا نقف على انطباق وصف التدمير غير المبرر بالضرورة الحربية، للمنازل و للأعيان المدنية الفلسطينية العامة والخاصة.

حيث تعد هذه الأعمال استنادا للبروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977المكمل لاتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، وكذلك في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية،بأنها جرائم حرب، مما يستوجب استنادا لأحكام وقواعد القانون الدولي مساءلة وعقاب القادة الإسرائيليين الآمرين بارتكابها ومنفذيها.

كما ينطبق على الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة مدلول الجرائم ضد الإنسانية و إنزال عقاب جماعي بحق سكان غزة، هو انتهاك لنص المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة: \"لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. وتحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب أو السلب، وتحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم\".

وكذلك تنص المادة (75) من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 الملحق باتفاقيات جنيف الأربعة لسنة1949. بان الحصار والاعتداءات الإسرائيلية العسكرية تمثل جرائم وردت في المادة الخامسة 5 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية International Criminal Court وهي علي سبيل الحصر؛ جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجريمة العدوان.

فجريمة الإبادة الجماعية Genocide جريمة دولية وردت في البند الأول من المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والمادة 6 السادسة من ذات القانون، وهي جريمة ترتكب \"بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكا كلياً أو جزئياً\" ومن صورها \"إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئيا\" المادة (ج/6)، وهو ما رمى إليه حصار غزة المستمر منذ سنة 2007، حيث توفي واستشهد العشرات نتيجة نقص الدواء وضعف الإمكانات العلاجية وإغلاق المعابر، وهو ربما أشد وطأة، لأسباب جيوديموغرافية، ويعد أيضا جريمة إبادة جماعية \"قتل أفراد الجماعة\" (ج/6)، وهو ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي في هجماته الجوية والبحرية والبرية ضد الأعيان المدنية والسكان الفلسطينيين خلال العدوان على غزة( ).

أما الجرائم ضد الإنسانية Crimes Against Humanity (ب/5) و (7)، فترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين؛ وتشمل أعمال القتل والإبادة وإبعاد السكان أو نقلهم قسراً اوالسجن والتعذيب والاغتصاب والاضطهاد العرقي والإخفاء القسري للأشخاص والفصل العنصري، وأية أفعال لا إنسانية مشابهة ذات طابع مماثل تتسبب عمداً في معاناة شديدة أو في إلحاق أذى خطير بالصحة العقلية أو الجسدية( ).

وسجل جيش الاحتلال الإسرائيلي حافل بانتهاكات مماثلة في فلسطين ولبنان، وهو يكرر جرائمه ضد الإنسانية في كل حروبه الهمجية، وتشير التقارير لنفس الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة أثناء عملية الرصاص المسكوب سنة 2008 -2009 أو حرب الفرقان كما تسميها حركة حماس.والذي تكررت جرائمة فى العدوان سنة 2012 وعدوان الجرف الصامد لسنة 2014 والجريمة مستمرة.

أما جرائم الحرب War Crimes فيقصد بها الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع لسنة1949، إلى جانب الجرائم الواردة في المادتين (ج/5) و (8) ومن ذلك القتل والتعذيب وإلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات، واستخدام الأسلحة والقذائف (مثل القنابل الفوسفورية وقنابل النابالم والقنابل الانشطارية والقنابل العنقودية والقنابل الفراغية، وهي محرمة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1980) والسموم المحظورة، وإجراء التجارب البيولوجية، وتوجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية والتعليمية والخيرية والمشافي وأماكن تجمع الجرحى، وتعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو عن إحداث ضرر واسع النطاق بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة من الهجوم، أي خرق قاعدة \"التناسب\" the rule of proportionality( ).

ومن خلال الاستهداف الإسرائيلي العسكري المفرط تجاه المدنيين الفلسطينيين، يتذرع جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن مبدأ \"التمييز\" distinction بين المقاتلين وغير المقاتلين من المدنين بنص المادة 49 من البرتوكول الإضافي الأول لسنة 1977، وبين الممتلكات العسكرية والمدنية، يعتمد على ركني \"القصد\" و\"النتائج المتوقعة\" \"intent\" and \"expected result\".ولكن الخسائر البشرية والمادية في صفوف الفلسطينيين تثبت عكس ذلك( ).

وهذا ما أشارت له المنظمات الحقوقية بغزة إلي أن إسرائيل في حربها لسنة 2014 تعمدت ضرب البنية التحتية المدنية في غزة.كما أكدت المنظمة على أن التدمير للمنازل الفلسطينية والضربات التي وجهتها الطائرات الحربية الإسرائيلية للجسور والطرقات والمساجد والمدارس وآبار المياه وخطوط الهاتف وسيارات الإسعاف والعديد من الأعيان المدنية العامة والخاصة.كان جزءا لا يتجزءا من إستراتيجية عسكرية إسرائيلية،ولم تكن مجرد أضرار جانبية ناجمة عن استهداف قانوني للأهداف العسكرية الفلسطينية على سبيل المثال.

كما اعتبرت منظمة هيومن راتس ووت شان استهداف إسرائيل وقصفها لمقرات إيواء النازحين واللاجئين في مدارس الاونروا وقتلها للأطفال والأبرياء هناك-(مدرسة انس الوزير برفح نموذجا),تعتبر بمثابة حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وهذا ما أكدت علية أيضا النائب التنفيذي للأمينة العامة في منظمة العفو الدولية في تصريحها قائلة : أن نمط الهجمات ونطاقها وحجمها يجعل زعم إسرائيل بان الدمار كان أضرار جانبية يفتقر إلي المصداقية( ).

وبناءا على تصنيف هذه الجرائم والأفعال والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إسرائيل في العدوان على قطاع غزة بتاريخ 7-7-2014 واستمراره لمدة 29 يوم من حرب الإبادة وقتل أطفال غزة، وكذلك العدوان المتكرر سنة 14/11/2012م من حيث قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لقطاع غزة وكذلك في عدوانها سنة 2008- 2009 مستهدفة الأعيان المدنية الفلسطينية والمباني السكنية والمستشفيات ودور العلم والمساجد ومؤسسات الدولة الأمنية والإدارية والتشريعية.

تعتبر أفعال غير مشروعة، وتشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع لسنة1949، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت تنطبق عليها من ناحية التكييف القانوني الجنائي الدولي أوصاف بعض صور الإبادة الجماعية، وبعض جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية.

وللإشارة تعتبر المحكمة الجنائية الدولية سلطة قضائية دائمة يقتصر على الأفراد، وذلك بالنسبة للجرائم المرتكبة بعد دخول النظام الأساسي حيز النفاذ في 2002م، ويمكن محاكمة قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين أمامها عن الجرائم التي ارتكبوها بعد عام 2002 حيث أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم. وإن عملية توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي له بالغ الأهمية من أجل التمكن من ملاحقة مجرمي الحرب وتحميلهم المسؤولية الجنائية الدولية.

وبدون هذا التوثيق قد تضيع الأدلة، وتتلاشى الآثار، وتختفي البيانات والمعلومات، وتصبح أي محاولة لمقاضاة المسئولين الإسرائيليين مستقبلاً عن هذه الجرائم مجرد سراب.

وتتجلي أهم هذه الوثائق للجانب الفلسطيني أمام القضاء والعدالة الدولية-(المحكمة الجنائية الدولية) هو استخدام تقرير غولدستون كدليل ثابت وواضح على انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني في غزة حيث أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.

كما أن كل هذه الوثائق تؤكد حق ليس فلسطين فقط بل المجتمع الدولي في محاكمة القادة الإسرائيليين السياسيين منهم والعسكريين

إضافة إلى استخدام كافة الوثائق والمستجدات من دلائل وقرائن وإثباتات جديدة تخص ملف العدوان على غزة لسنة 2012 في عملية عامود السحاب وكذلك العدوان الحالي لسنة 2014 في عملية العصف المأكول أو الجرف الصامد.

ختاما وبناءا لما سبق ذكره يجب على دولة فلسطين العمل على ملاحقة قيادة وضباط الجيش الإسرائيلي من مجرمي الحرب باللجوء لفوري والسريع للمحكمة الجنائية الدولية وضرورة انضمام دولة فلسطين لاتفاقية روما لسنة 1998 ولنظام المحكمة الأساسي عبر التوقيع والمصادقة على المعاهدة في أسرع وقت بعد التداول والتشاور واخذ موافقة كافة الأطراف والفصائل الفلسطينية,ومراعاة بعض المشاكل والمعيقات التي ستقف كحجر عثرة بعد انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية,وضرورة تشكيل لجنة فلسطينية من خبراء في القانون الدولي لدراسة الايجابيات والسلبيات لهذا الانضمام للمحكمة,والأخذ بعين الاعتبار إمكانية ملاحقة إسرائيل عبر حلفائها لبعض القادة الفلسطينيين قضائيا على ممارسات أو عمليات فدائية قد حدثت بعد سنة 2002 تعتبر بمثابة جرائم حرب في منظور النظام الأساسي لاتفاقية روما لسنة 1998.ولقد سبق وان نشرت تقريرا في الحوار المتمدن حول هذه المشاكل والعقبات الفلسطينية بعد انضمامها للمحكمة الجنائية الدولية.

د.عبدالحكيم سليمان وادي

رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية.

اخر الأخبار