أيهما- محاكم الجنايات أم الصفقات الإقتصادية

تابعنا على:   05:48 2014-08-19

خالد محمد النجار

منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 هرعت إسرائيل إلى ابتزاز أوروبا خاصة في ملفات التعويضات المادية ،ثم ملاحقة النازيين في المحاكم الجنائية .في المقابل ،منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948 وإسرائيل ترتكب أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني دون أي حساب ، مما كان له الأثر في تصعيد عدد وحجم المجازر عبر التاريخ .

إلى هذه اللحظة ، لم يتم التوقيع من قبل جميع الفصائل على ميثاق روما لمحاسبة إسرائيل على جرائم الحرب . وما نراه فقط دعوات لعقد إجتماع للاطراف المتعاقدة السامية لمواثيق جنيف الأربعة أو لجان تحقيق . فهل يتم طوي سجل جرائم الحرب الاسرائلية بصفقات سياسية أو إقتصادية ؟

وهنا نبدأ قبل كل شيء ، إلى ما نقرأ لكتاب كثيرون في توجيه الملامة وتوبيخ المقاومة في غزة على أن الحرب آلت إلى نتائج وخيمة من والضحايا والدمار .وكأن (الضفة الغربية ) والقدس ، في ألف خير؛ فهؤلاء أصحاب القلم في مكاتبهم لا يتعرضون لما يتعرض له المواطن الفلسطيني وخاصة المزارعين\"للقنص\" من \"رحلات الصيد\" في البراري الفلسطينية من قبل \"المستوطنين\" يومياً .!!

صحيح أن العائلات في غزة تقتل بالجملة، وإن اختلف الأسلوب ، أليس هناك \"مليون وثنمائة\" مواطن تحت خطر صحي وبيئي ؟ أم الضفة الغربية بمنأى عن إبادات جماعية مستقبلية وخاصة أنهم يحشرون في حلقات حضارية صغيرة ُيسهل على المستوطنين هذا الهدف ! اسرائيل لا ترى الفلسطنييين إلى كما قال أحد سياسيهم - إن هم إلى أفاعي .

وما بناء المستوطنات على كل التلال في الضفة وحول المدن- إلى تجهيزاً لوسائل القناصيين ، وقد رأينا إعتراف الجندي الإسرائيلي بقنص أربعة عشر طفلاً من غزة .

في ظل ذلك ، الشعب الفلسطيني معرض لمزيد من جرائم حرب كبيرة . تأجيل ورقة جرائم الحرب أو المساومات فيها سيكون خطأ فادح مهما كانت الأسباب أو المنافع الاخرى .

اننا نعلم ، أن محاكم الجنايات لها مخاطرها ، لان إسرائيل أيضاً ستتوجه إلى محاكمة الفصائل لإطلاق الصواريخ أو محاكمة مناضلين حركة فتح .

لكن ،إن كنا نطالب العالم ونتوقع منه إحترام حقوقنا الإنسانية ، فيجب علينا أولاً أن لا نتنازل عن اية مواثيق دولية تساوينا بالبشر .

إسرائيل تستخدم أسلوب الدمار الكبير في الحروب كوسيلة للتفوق على أي خصم مطالبا لحقوقه منها، وعليه كيف يمكن تحقيق الاستقرار والحرية في ظل غياب المحاسبة للإجرام الإسرائيلي على أفعالة. فإبرام صفقة اقتصادية وإعادة الأعمار لا بد أن يكون متوازياً وشرطاً منفصلا عن المحاسبة على جرائم الحرب ؛ والا سيكون التنازل بمثابة إهمال حياة الانسان الفلسطيني والتشجيع على إبادة مستقبلية أكبر !

المحاسبة والتعويض على الجرائم التاريخية لإسرائيل لا يمكن أن يكون محصوراً فقط على هذه الحرب الأخيرة، فإن كنا قيادة وشعبا ندعي الحفاظ على حقوقنا الوطنية الثابتة، فمن الأولى لنا استرداد حقوقنا عبر المحاكم الدولية الجنائية والقانون الدولي المتاح لجميع الجرائم منذ النكبة . فكيف يكون لإسرائيل أن تحصل من أوروبا جراء الإبادة الجماعية لليهود في ألمانيا على أشكال متعددة من التعويضيات من خلال القانون الدولي ونحن نقف نتكلم عن حقوقنا الوطنية في الصحف والإعلام والأبواق السياسية فقط ؟

منذ النكبة ، إسرائيل حصلت من ألماني الغربية على الاتي :

1- حصلت إسرائيل على تعويضات من ألمانيا ما يسمى \" الخسائر بالأرواح \" من خلال رواتب شهرية للورثة منذ الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا.

2- تعويضات “الصحة” -وهي رواتب شهرية لضحايا اليهود لتغطية مصاريف العلاج.

3- حصلت على تعويضات \" فقدان الحرية\" -دفعة مالية عن كل يوم تم تقييد الحركة لكل يهودي عاش في ( الغيت) وهو حي يهودي منغلق أو في معسكرات الاعتقال النازية

4- حصلت اسرائيل واليهود على تعويضات -\" فقدان الممتلكات\" لكل من الأشخاص أو الشركات سواء لهم أو للورثة.

5- رواتب شهرية “للأضرار المهنية” -وهي تعني عدم مقدرة الفرد من استعادة وظيفته التي فقدها أثناء الحرب وعدم مقدرته وعدم الكفاية في المعيشة.

6- تعويضات مالية شهرية بما يسمونه “للأذى” الجسدي أوالنفسي.

7- تعويضات رواتب “المتقاعدين” أو منح حكومية.

8- تعويضات لفقدان “الممتلكات” والوارثين ويضم ذلك ايضا فقدان “للمجوهرات” الشخصية أثناء الحرب .

لم تكتفي إسرائيل بهذه التعويضات . “فشركة \" بوس\" الألمانية للملابس تدفع سنوياً لاسرائيل تعويضات جراء تزويد الجيش النازي بالملابس العسكرية ! ومارست إبتزاز سويسرا باطنان من الذهب بدعوى أن اليهود كانو يمتلكون ألجواهر في بنوكها قبيل الحرب .

هذه التعويضات المتعددة تنطبق على جميع الفلسطينيين المتضررين بدءاً من الأذى الشخصي وحتى الأضرار الناتجة عن إغلاق الحدود وأثارها السلبية على المواطن الفلسطيني.

وما هذه الوسائل لاسترداد الحقوق إلا مساواتنا بالحقوق الإنسانية مع إسرائيل أو غيرها في العالم الذي يساوي دائما بين المظلوم والظالم وبين الجلاد والضحية فهي وسيلة لاختراق القانون الدولي الذي طالما ينحاز للمعتدي الإسرائيلي .

إن لم يتم الحراك الفوري من السلطات المعنية والقانونيين والسياسيين باتجاه ذلك، فعلى الأشخاص والعائلات المتضررة التوجه إلى مقاضاة الجناة ,مع العلم أنه قد تم ذلك ضد الرئيس السوداني البشير رغم أن السودان ليس عضواً في محكمة الجنايات الدولية.

نعم ، واجب الأوليات في الوقت الحالي هو إعادة الأعمار كضرورة عاجلة بحيث تتم بوسائل ابتكاريه حديثة والاستعانة بدول متخصصة في هذا المجال كالصين التي نجحت في بناء وإنشاء مدن عملاقة في غضون أشهر قليلة.

إن هذه التعويضات بلا شك لن تشفي الصدور من الآلام والبلاء العظيم الواقع على الفلسطينيين من الطغاة .

هذا لا يعني أن نقف في مشروعنا الوطني عند حدود محاكم الجنايات أو المطالبة بالتعويضات المالية فحسب متناسيين الهدف الأكبر -ألا وهو الاستقلال والحرية وعودة القدس -الذي يؤتينا بالكرامة التي لا ثمن لها والدولة الفلسطينية باقتصاد حر تنعم به جميع فئات المجتمع الفلسطيني.

[email protected]

اخر الأخبار