«الجنزورى»: غضب مبارك على أكثر من أى رئيس وزراء لأنه أدرك أن الشعب راضٍ عنى ( الحلقة الثالثة )

تابعنا على:   17:32 2013-12-26

إعداد ــ إسماعيل الأشول

عن سنوات النشأة والكفاح والانتقال من القرية إلى القاهرة مرورا بسنوات الدراسة ونهاية بتولى المناصب المرموقة حتى نهاية حكومته الأولى عام 1999، تدور أحداث الكتاب الذى بين أيدينا، والصادر حديثا عن دار «الشروق»، (طريقى.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء) للدكتور كمال الجنزورى، رئيس وزراء مصر الأسبق.

فى الحلقات الماضية، سرنا مع الرجل منذ خطواته الأولى نحو العمل العام، وحتى حصوله على الدكتوراه بالولايات المتحدة الأمريكية وعودته للوطن، فى أعقاب نكسة الخامس من يونيو عام 1967، ثم تعيينه وزيرا للتخطيط فى حكومة الدكتور فؤاد محيى الدين فى يناير من عام 1981.

فى هذه الحلقة يصحبنا الدكتور كمال الجنزورى فى رحلة شيقة وشاقة داخل أروقة رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء أثناء حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك.

 

العمل البرلمانى

فى فبراير 1984 تقرر إجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب بنظام القائمة، وطلبنى الدكتور فؤاد محيى الدين فى منتصف الليل، ليخبرنى بأن الرئيس قرر أن أدخل ضمن قائمة انتخابات مجلس الشعب. وقابلته فى اليوم التالى، طالبا أن أترشح فى بلدى دائرة الباجور.

وفيما بعد علمت أن الترشح فى دائرة الباجور غير مرغوب فيه، لأن نظام القائمة يبدأ بواحد فئات ثم عمال ثم فئات. بهذا الترتيب يصبح السيد كمال الشاذلى إذا رشحت فى دائرة الباجور ترتيبه الثالث، بينما إذا رشحت فى دائرة أخرى فسيكون ترتيبه الأول. وكان هذا حقى لأقدميتى فى العمل الحكومى خاصة أن السيد كمال الشاذلى لم يكن وقت وزارة الدكتور فؤاد محيى الدين يحظى بما أصبح عليه بعد ذلك.

 

«الباجور» وإما فلا

جاء إلى مكتبى كل من اللواء حسن أبو باشا، وبعده الفريق سعد مأمون وزير الإدارة المحلية، لإثنائى عن الترشح فى دائرة الباجور، والترشح فى أى دائرة بالقاهرة. فاتصلت بالدكتور فؤاد محيى الدين وقلت له: إما فى دائرة الباجور أو لا. وقد تحقق بالفعل ما طلبت بعد أن عُرض الأمر على الرئيس واللجنة المشكلة لمراجعة الأسماء، وطلبنى الرئيس فى حضور أعضاء اللجنة سائلا عن الدائرة التى أفضل الترشح فيها، فقلت دائرة الباجور إذا لم يكن هناك أى حساسية وقال: لا حساسية ولا حاجة، وبعدها علمت بالموافقة على طلبى.

ومرت أيام حتى 31 مايو 1984، حيث كان احتفال «عيد الإعلام» وهو الاسم الذى ابتكره السيد صفوت الشريف، واتفق مع الرئيس أن يكون يوم 31 مايو من كل عام. وعقد الاحتفال الأول سنة 1984، حيث حضره فقط السيد صفوت الشريف مع رجال الإعلام. استمر هذا حتى مايو 1996، حين كنت رئيسا للوزراء، وقلت للسيد صفوت الشريف: إن هذا الأمر ليس إعلام قطاع خاص، بل إعلام دولة، ولابد من حضور رئيس الوزراء ورئيسى مجلس الشعب والشورى وبعض الوزراء. ويلزم أن أشير بهذه المناسبة إلى أن وقت الاحتفال الأول كان الدكتور فؤاد محيى الدين مريضا فى نوبة قلب خطيرة، وعند علمه وهو فى منزله، أن الرئيس فى مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو، ذهب فورا إلى مكان الاحتفال دون دعوة، ويشاء الله أن يتوفى الدكتور فؤاد محيى الدين بعد ذلك بأربعة أيام، وهو جالس على كرسيه بمكتبه فى مجلس الوزراء.

 

مبارك رئيسًا للحكومة

وعين الفريق كمال حسن على نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء، وتولى الرئيس رئاسة الوزارة، واستمر هذا الأمر نحو ستة أسابيع ليشكل الفريق كمال على الوزارة فى 17 يوليو 1984.

أذكر أن الدكتور أسامة الباز، طلب منى الذهاب إلى منزل الفريق كمال حسن على، للقائه مع الوزراء القدامى والجدد، وتساءلت: كيف أذهب ولم يطلبنى بعد؟ وأخيرا طلبنى الفريق كمال حسن على، وذهبت إلى منزله، وتابعت معه لقاء الوزراء الجدد والقدامى الباقين فى الوزارة. وطلب نائب رئيس الوزراء السيد أحمد عز الدين هلال الاعتذار عن عدم الاستمرار.

كان من المقرر أن يترك الدكتور مصطفى حلمى الوزارة ويبقى المشير أبوغزالة كنائب واحد لرئيس الوزراء. ولكن بعد أن أعددت قائمة بتشكيل الوزارة، لاحظ الرئيس أن رئيس الجمهورية عسكرى وكذلك رئيس الوزارة ونائب رئيس الوزراء. لهذا وبعد أن تقرر أن يأتى الدكتور فتحى محمد على وزيرا للتعليم تغير الأمر، وعاد الدكتور مصطفى حلمى نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للتربية والتعليم ووضع اسمه قبل اسم المشير أبوغزالة كنائب لرئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربى، رغم أن المشير كان أقدم منه. وكانت اللقاءات التى تمت فى منزل الفريق كمال حسن على، على يومين، قابلت فيها لأول مرة الوزراء السيد عبدالهادى قنديل وزير البترول والدكتور عاطف عبيد وزير شئون مجلس الوزراء والمهندس محمد عبدالوهاب وزير الصناعة.

وعينت فى هذه الوزارة وزيرا للتخطيط والتعاون الدولى، بعد أن كنت وزيرا للتخطيط فقط. وهذا الأمر له خلفية، فلقد طلبنى الرئيس لأتولى الإشراف على هيئة الاستثمار، فقلت إن الإشراف على هذه الهيئة فيه قدر من العمل التنفيذى، وبحكم عملى كوزير للتخطيط فلابد أن أكون محايدا، ولكن الأقرب إلى التخطيط إذا كان لابد من إضافة فلتكن وزارة التعاون الدولي؛ لأن هذه الوزارة تسعى لتلقى المنح والقروض من أجل التنمية أساسا. والاستثمار فى مشروعات معينة تمول بجزء كبير منها بموارد محلية وبجزء آخر من الموارد التى تتاح من الخارج وهو ما تقرره وزارة التعاون الدولى. فاقتنع الرئيس أن ينضم التعاون الدولى إلى التخطيط. ثم سألنى من يرأس هيئة الاستثمار؟، فرشحت الدكتور سلطان أبو على أستاذ الاقتصاد فى جامعة الزقازيق، ووافق على ذلك.

وهنا أشير إلى أنه بعد تولى المنصب الجديد للتعاون الدولى، بذلت الوزارة جهدا كبيرا لإعداد مسح شامل للقروض التى قدمت لمصر، كشف عن زيادة حجم الدين الخارجى سنة بعد أخرى. لأن العديد من الوزراء والمحافظين عند سفرهم إلى الخارج، كان بعضهم ينفرد باتخاذ قرارات بإقامة مشروعات، يمول جزء منها بقروض من البلاد التى يزورونها، فازدادت القروض الخارجية سنة بعد أخرى وارتفع الدين الخارجى على مصر بشكل خطير.

وقد كان من الأسباب التى دفعتنى لإعداد مشروع قرار جمهورى فى هذا الشأن، أننى قرأت فى أحد الإعلانات عن تلقى جمعية لاستصلاح الأراضى تسمى «جمعية العاشر من رمضان لاستصلاح الأراضى فى الإسماعيلية» قرضا من الخارج، وبدراسة الأمر تبين أن محافظ الإسماعيلية عند زيارته اليابان تعاقد على قرض بلغ نحو 30 مليون دولار لتمويل ذلك المشروع. وتم فعلا سحب نحو عشرة ملايين منه لشراء بعض المعدات، وللأسف لم تستخدم إلا بقدر ضئيل فى نشاط للاستصلاح الزراعى، فقامت وزارة التخطيط والتعاون الدولى، بوقف هذا القرض بصورة فورية والتفاوض مع الجانب اليابانى لتيسير السداد فيما يتعلق بالجزء الذى تم اقتراضه.

بعد هذا، صدر قرار جمهورى باختصاص وزارة التخطيط والتعاون الدولى وحدها الاقتراض من الخارج. ونتيجة لذلك فإنه عندما تطلب أى جهة قرضا خارجيا، تقوم وزارة التخطيط والتعاون الدولى بدراسة مدى الضرورة له ومدى إمكانية القطاع أو الجهة على السداد، ويعرض الأمر على مجلس الوزراء بالموافقة أو الرفض من حيث المبدأ، ثم تبدأ الجهة المعنية التفاوض مع الجهة الخارجية. ثم يعرض الأمر فى النهاية على مجلس الشعب لإقراره أو رفضه أو طلب تعديل بعض بنوده.

لم يقف الأمر على تحقيق الانضباط والحد من الاقتراض الخارجى فقط، ولكن تعدى ذلك إلى استخدام رشيد للمعونات التى تأتى إلى مصر، حيث كان ما تستفيد به مصر من المنح المتاحة من الولايات المتحدة الأمريكية، يصل إلى نسبة أقل بشكل ملحوظ من إجماليها، طبقا للاتفاقية التى عقدت معها فى عام 1979 بعد اتفاقية السلام، حيث منحت مصر بمقتضاها منحة عسكرية تبلغ نحو مليار وثلاثمائة مليون دولار سنويا للأغراض العسكرية، وثمانمائة وخمسة وعشرين مليون دولار للأغراض الاقتصادية. وكان من الملاحظ أن المنحة الاقتصادية، تحتاج بعض الإجراءات التى كان لابد من مراجعتها، خاصة تلك التى تتلقاها بعض الجهات فى مصر لمقابلة تكلفة زيارات لأمريكا لمجموعة من المزارعين أو العمال أو الطلبة بهدف التدريب. ولكن كان ذلك من قبل الدعاية التى لا تعود بفائدة حقيقية على هؤلاء. وأيضا كانت المنح المخصصة للماجستير والدكتوراه تتجاوز تكلفتها إجمالا نحو مائة مليون دولار، لأن تكلفة الدراسة فى أمريكا تبلغ ثلاثة أمثالها فى دول أخرى كدول أوروبا. لهذا طلبت من هيئة المعونة الأمريكية فى القاهرة توجيه بعض هذه المنح إلى مجالات أخرى، كنا أكثر حاجة إليها فى الكثير من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وبعد مناقشات صعبة وطويلة، نجحنا فى تحقيق ذلك، وأتيح هذا القدر من المنح لمجالات أخرى تم الاتفاق عليها من الجانب الأمريكى.

وكان من ضمن المشكلات، أن حدد القانون الأمريكى نقل السلع التى تمول من المنح أو القروض الميسرة إلى مصر، عبر السفن الأمريكية. ولوحظ مبالغة كبيرة فى تكلفة الشحن، ربما وصلت ثلاثة أمثال ما يدفع عند استخدام السفن غير الأمريكية. وقد حاولنا مع الجانب الأمريكى فى هذا الشأن على أساس أننا لا نطلب تعديل القانون الأمريكى، ولكن طلبنا الحصول على الفرق بين ما يدفع للسفن الأمريكية وغيرها والذى يصل إلى نحو 100 مليون دولار سنويا أن يُعطى لنا كمنحة إضافية، وبعد مناقشات ولقاءات عديدة تمت الموافقة على هذا المطلب.

وأذكر هنا أمرا مهما، وعلى وجه التحديد فى 31 يوليو 1984، دعانى الفريق كمال حسن على إلى مكتبه وأخبرنى أن الرئيس يرغب أن أتولى منصب نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية، فشكرته على هذا الأمر. ومرت شهور قليلة، خرج فى أثنائها الدكتور مصطفى السعيد، وأخبرنى الفريق كمال حسن على، أن موضوع الترقية تم تأجيله حتى لا يفهم أن خروج الدكتور مصطفى السعيد له علاقة بترقيتى خاصة وأنه خرج وأنا بقيت، مع ما كان بيننا من اختلاف معلن فى وجهات النظر للشأن العام يعرفه أصحاب القرار.

مَنْ يخرج من الوزارة؟

فى 1 سبتمبر 1985، وصلنا إلى نهاية حكومة الفريق كمال حسن على، وكان الرئيس فى برج العرب، وفوجئت بمكالمة منه حيث سألنى «تفتكر مين يخرج من الوزارة؟!».. كانت فعلا مفاجأة بسبب حداثتى، إذ لم يكن قد مر على وجودى بالوزارة إلا نحو أربع سنوات، وهناك نواب رئيس الوزارة ووزراء أكبر سنا وأطول مدة، فقلت: إنها مفاجأة، وهذا أمر مهم يحتاج إلى تفكير. وقال: «فكر ونتكلم». المهم فى مساء اليوم التالى أى يوم 2 سبتمبر 1985، طلبت الرئيس وعرضت بعض الأسماء التى يمكن أن تدخل الوزارة دون تعليق على من يخرج، ولكن فى الحقيقة حينما تتكلم عمن يتولى وزارة بخلاف من فيها فهو يعنى أن المقابل يخرج.

استقالت حكومة الفريق كمال حسن على يوم 3 سبتمبر 1985، وتشكلت وزارة جديدة برئاسة الدكتور على لطفى. بعد ذلك بشهرين تقريبا كنا فى لقاء فى المطار وشاء الله أن أكون فى حجرة اجتمع فيها بعض الأخوة من الوزراء واقترب منى السيد جمال عبدالعزيز سكرتير الرئيس، وقال: «المرة القادمة إن شاء الله».

قلت:

ـ على ماذا؟

فقال:

ـ لقد طلبك الرئيس وأنت فى القناطر وبعدها مباشرة، وقال: إن الرئيس قال:

ـ لنذهب إلى القاهرة لنغير الوزارة واختارك رئيسا للوزراء. فعجبت وقلت له:

ـ وماذا غيَر الأمر؟!

كان طرح السؤال مجرد فضول مشروع، فقال: بسبب اعتراض أحد الكبار الموجودين فى الحجرة أمامك، ولم يكن الاعتراض على شخصك، ولكن على أقدميتك الأحدث، وأشار بيده إلى الأخ العزيز والصديق المشير أبو غزالة. لهذا حرص الرئيس على أن يأتى أحد الأشخاص الأقدم، وكان الدكتور على لطفى وزيرا للمالية عام 1978 بأقدمية تسبقه فى الوزارة. وسبب آخر أنه كان رئيسا للجنة الاقتصادية بالحزب، التى كانت تجتمع أسبوعيا وبانتظام. ويرسل الدكتور على للرئيس كل أسبوع ورقة عن الاجتماع بها موضوعات بعناوين جاذبة تدعو إلى الشعور بأهميتها. وأمر ثالث، كان هناك لقاء مع الرئيس لمجموعة كبيرة من الوزراء والوزراء السابقين لبحث مشكلات تواجه الجهاز المصرفى، وتحدث فى ذلك اليوم الدكتور على لطفى بتوفيق كبير... وأخيرا كان هناك تأييد من الدكتور مصطفى خليل رئيس الوزراء الأسبق للدكتور على لطفى، الذى كان معه وزيرا للمالية. كل ذلك كان دعما له فى تولى رئاسة مجلس الوزراء.

عرفت من وقتها، وتأكدت بعد ذلك أن الرئيس فى العقدين الأولين من رئاسته عندما كان معنيا بصالح الوطن، كان يحاول أن يختار لرئاسة الوزارة والوزراء من هم أكفأ خبرة وعلما. وهو ما رآه عندما كلمنى عند أول مرة فى ذلك، ولم يكن بناء على قبول أو علاقة شخصية.

وقد حدث مرة ثانية، بعد أن قرر الرئيس انتهاء صلاحية وزارة الدكتور على لطفى، طلب منى تشكيل الوزارة، واعتمد قرار التكليف، وطلب منى كل من الدكتور مصطفى الفقى والسيد جمال عبدالعزيز الحضور إلى مقر الرئاسة الساعة السادسة والنصف مساء 11 نوفمبر 1986. إلا أن الذى حدث تدخل كل من الدكتور رفعت المحجوب والدكتور يوسف والى والدكتور أسامة الباز محذرين من صعوبة التعامل معى واتخاذ القرار دون الرجوع للرئيس، وأننى كمرءوس لست سهل الانقياد.

وحدث أكثر من هذا عندما توليت رئاسة الوزارة، وشهد الجميع لها بالنجاح لمدة أربع سنوات متتالية، واستمع إلى البعض فيما أملوه كذبا، ورغم تأكده بعدم صحته، غضب علي غضبة لم تلحق بأى رئيس للوزراء قبلى أو بعدى، وإن لم يحقق فى وزارته ما حققته فى التنمية وتطوير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وإنجاز ما استطعت فى مجال العدالة الاجتماعية بشكل أرضى الجميع. وهو الرضا الشعبى الذى كان أول سبب فى عدم رضاه شخصيا، ولعله لم يعلم أن رضا الناس من رضا الله وهو الأهم لدى.

بدأت حكومة الدكتور على لطفى فى الخامس من شهر سبتمبر 1985، واستمرت حتى 12 نوفمبر 1986. وأتذكر عند بداية تشكيلها فى 3 سبتمبر 1985، أى قبل حلف اليمين بيومين، طلب الرئيس أن يتواجد كل من المشير أبو غزالة والدكتور يوسف والى وأنا مع الدكتور على فى استقباله للوزراء القدامى والجدد، ولكن المشير أبوغزالة استمر معنا قليلا وانصرف، وبقيت والدكتور يوسف والى واستقبلنا الوزراء القدامى ثم الجدد، ولاحظت أن الدكتور على، كان يسعى إلى الانتهاء بأسرع ما يمكن وفى ذات الليلة، حتى يتمكن من حلف اليمين صباح اليوم التالى. وهو أمر صعب تحقيقه إذ كان هناك مثلا وزارة الصحة ورشح لها الدكتور هاشم فؤاد، الذى كان عميدا لكلية طب قصر العينى، إلا أنه حضر واعتذر وأصر على الاعتذار، رغم كل المحاولات من الدكتور على والدكتور يوسف والى ومنى. وقد كان هذا داعيا لترشيحى للدكتور حلمى الحديدى الذى كان أمينا عاما مساعدا للحزب لتلك الوزارة. فلم يتردد الدكتور على بالقبول وأيدنى الدكتور يوسف والى، واتصلنا بالدكتور حلمى الحديدى وقبل، وبهذا أصبح وزيرا للصحة. وكان المهندس حسين صبور مرشحا وزيرا للإسكان ولم نتمكن من الاتصال به، فتم ترشيح المهندس عبدالرحمن لبيب رئيس اتحاد الإسكان التعاونى وزيرا للإسكان. هذا بعض ما يمكن أن يشار إليه فى تشكيل حكومة الدكتور على لطفى.

وأذكر هنا، أنه بعد شهور قليلة، فى عهد حكومة الدكتور على لطفى ظهر الفتى الدكتور يوسف بطرس، حيث أتى مع الدكتور عبدالشكور شعلان الذى كان يعمل بصندوق النقد الدولى، والدكتور عاطف عبيد، وكنت مع الدكتور على فى ذاك الوقت بالصدفة، وطلب الدكتور شعلان أن يعمل الدكتور يوسف بطرس فى مصر، حيث إنه ترك الصندوق لأسباب لم نسأل عنها، وكانت هناك مشكلة لعودته إلى جامعة القاهرة التى كان يعمل بها بسبب خلاف على تقييم شهادته، رغم أنه خريج معهد على مستوى عالٍ ولكن الجامعة رفضت قبوله.

وطلب رئيس الوزراء من السيد أحمد رضوان أمين عام مجلس الوزراء فى ذلك الوقت إبداء رأيه فى هذا الشأن، فاقترح أن يعمل خبيرا بالمجلس براتب 185 جنيها شهريا وفقا للقواعد المالية بالمجلس. وهكذا وضع الدكتور يوسف بطرس قدمه فى مجلس الوزراء فى أواخر عام 1985.

 

الشروق المصرية

اخر الأخبار