مخيم اليرموك يدق أبواب " فتح "

تابعنا على:   04:17 2013-12-31

صلاح صبحية

في الذكرى التاسعة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية نعيش وضعاً مأساوياً في مخيم اليرموك وفي سورية حيث كان موطن انطلاقتها الأول ، وإحياء ذكرى الانطلاقة يتطلب منا التفاعل الحقيقي والجاد مع ما يعانيه مخيم اليرموك ، فمأساة مخيم اليرموك اليوم تدعونا وخاصة اللجنة المركزية لحركة " فتح " لأن نسأل أنفسنا هل ما زلنا حركة تحرر وطني تضع قضية شعبها في مركز الصدارة من الاهتمام اليومي لها ، أم اننا تخلينا عن قضية الشعب والأرض لنذوب في قضية الحدود والأمن في إطار ما يسمى بحل الدولتين الذي يخدم المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني على أرض فلسطين .

إنّ ما يعانيه مخيم اليرموك اليوم يدقّ مكاتب أعضاء اللجنة المركزية لحركة " فتح " مكتباً مكتباً أن استيقظوا من سباتكم الذي مضى عليه سنوات طويلة دون أن تحققوا إنجازاً واحداً يسجله شعبكم لكم ، فمخيم اليرموك هو بوابتكم الوحيدة لعودتكم إلى شعبكم ، ولكي تأكدوا بأنّ حركة " فتح " ما زالت الاسم الحركي لفلسطين ، فلسطين كلها ، بكل أرضها الممتدة من بحرها إلى نهرها ، بكل شعبها على امتداد أرضها وفي كل مخيمات اللجوء .

في الذكرى التاسعة والأربعين لانطلاقة الثورة ليس المطلوب إقامة مهرجانات سابقة تتغنى بأمجاد ماضية ، وإنما المطلوب اليوم هو أن تحدد حركة " فتح " موقفها من كل ما يجري على الساحة الفلسطينية ، وأن تحدد موقفها من منطلقاتها وأهدافها التي انطلقت من أجلها في الفاتح من كانون الثاني عام 1965 ، هذه الأهداف التي تأسست عليها حركة " فتح " منذ خمسة وخمسون عاماً ، هل ما زالت حركة " فتح " متمسكة بمنطلقاتها وأهدافها التي انطلقت من أجلها في العام الخامس والستين من القرن الماضي ضد الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية عام 1948 ومن أجل عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها عام 1948 ، أم أنّ تمسكها اليوم بحل الدولتين قد شطب تاريخها وشطب منطلقاتها وأهدافها ؟

 تسعة وأربعون عاماً مرت على انطلاقة الثورة الفلسطينية ، ثورة اللاجئين الفلسطينيين ، تبدلت خلالها مفاهيم كثيرة ، انطلقت الثورة ضد الوجود الصهيوني على أرض فلسطين مؤكدة بذلك بأن الصراع مع الصهاينة هو صراع وجود ، وبعد هزيمة حزيران 1967 قبلنا التعايش مع الصهاينة في إطار الدولة الواحدة ، دولة فلسطين الديمقراطية ، وبعد حرب تشرين خرجنا ببرنامج النقاط العشر وبرنامج السلطة الوطنية على أية أرض ينسحب منها الاحتلال الصهيوني ، وطرحنا بعد ذلك البرنامج المرحلي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران 1967 وعاصمتها القدس ، ومضينا لنعلن وثيقة الاستقلال في عام 1988 مستندين على قراري مجلس الأمن 242و338 المرفوضين في حينهما من قبل القيادة الفلسطينية ، وعلى أثر حرب الخليج وغزو الكويت تنازلنا عن حقنا في وحدانية التمثيل لشعبنا وقبلنا المشاركة ضمن الوفد الأردني لحضور مؤتمر جنيف ، ووقعنا في عام 1993 على اتفاق أوسلو معترفين بحق الوجود لما يسمى بدولة " اسرائيل " والذي تحولنا بموجبه إلى حُماة للاحتلال الصهيوني للضفة الغربية ، ومن بعد أصبحنا نؤمن ايماناً مطلقاً بحل الدولتين وأن ما يجري هو نزاع حدود وليس صراع وجود، واليوم في الذكرى التاسعة والأربعين للثورة نسعى لتوقيع اتفاق إطار جديد هدفه الموافقة على وجود الاحتلال في منطقة الأغوار ، أي بمعنى آخر نسف حل الدولتين .

كل ذلك يعني أن حركة " فتح " التي انطلقت من أجل استعادة حقوق شعبها قد تنازلت عن هذه الحقوق دون أي مقابل على الأرض سوى تحولها إلى سلطة تدير شؤون شعبها في الضفة فقط بما يخدم أمن وسلامة الوجود الصهيوني على أرض فلسطين كلها ، وبأنّ حركة "فتح " لم تعد حركة تحرر وطني ، وغير قادرة للتحول إلى حزب سياسي فلسطيني يتماشى مع مرحلة السلطة التي لا سلطة لها على الأرض .

فهل تعود " فتح " اليوم ومن بوابة مخيم اليرموك لتعيد صياغة ذاتها بما يجعلها فعلاً صاحبة المشروع الوطني الفلسطيني الذي يحقق كل حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني أم أنها ما زالت تراهن على الولايات المتحدة الأمريكية العدو الرئيس لشعبنا بانجاز ما لم يمكن أن تنجزه الثورة ، وأن تعود إلى فلسطين التي انطلقت من أجلها وأن تعود إلى شعبها في مخيمات اللاجئين وفي مقدمتها مخيم اليرموك ، فمخيم اليرموك وفي الذكرى التاسعة والأربعين لانطلاقة الثورة يدعو حركة " فتح " أن تعود إلى فلسطينيتها وتحمي شعبها في كل مواقع تواجده .

اخر الأخبار