"كولمبوس عريقات" مكتشف أمريكا المعاصرة!
تاريخ النشر : 2016-12-27 09:24

كتب حسن عصفور/ من حق "فرقة الرئيس محمود عباس"، أن تقول كل ما يمكنها قوله لـ"تبيض" وجه قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2334، وتضع في فم النص ما ليس به، بل وتحذف من تاريخ القرارات أي نص يبدو أكثر قوة سياسية وقانونية، وجراة في التأكيد على مواجهة الاستيطان، فتلك معركة لها للتأكيد أنها "حققت معجزة لم تحقق في تاريخ الشعب الفلسطيني المعاصر"..

من حقها أن تبحث ما يمكنها بحثه لترويج ما فعلت، وأن ترى به ما ليس بغيره، وأن تخفي كليا حقيقة "الحوار الخاص" الذي كان في الخارجية الأمريكية ساعات قبل أن يتم التصويت، وماذا طالب كيري ورايس من وفد الرئيس عباس..

ومن حق فريق الرئيس عباس، أن لا يكشف مسودات المشروع السابقة للنص النهائي، والتي تم توزيعها على أعضاء مجلس الأمن منذ شهر مارس (آذار) 2016، وهي أفضل كثيرا من صيغة القرار، وإن كانت أقل قيمة سياسية من القرارات الأربعة السابقة لمجلس الأمن، ولا نريد الذهاب بعيد لنعلن "تحديا سياسيا" لأن تنشر الرئاسة الفلسطينية هي نص تلك المشاريع، قبل أن تحرقها لصالح مشروع أمريكي تم تمريره في مجلس الأمن، وبات قرارا مضافا أضاع "قرارات خيرا منه..ولو كانوا حقا يرون فيما حققوا نصرا تاريخيا لتملكوا الشجاعة السياسية ويضعوا مقارنة بسيطة بين "ما كان وما صار".. للمساعدة هي منشورة في "وثائق أمد" لو رغبتم!

ولكن، ما ليس حقا لفريق الرئيس عباس، أن يقف "أمين سر ذلك الفريق" ويقول قولا ما ليس بالقرار المذكور، ويقرر إعادة صياغة القرار كما يحب هو وليس كما ورد..ففي تصريح اعلامي لوكالة الرئيس محمود عباس الخاصة "وفا"، ولحسن الحظ الوطني أن التصريح بها، نشرته يوم الاثنين 26 ديسمبر 2016 قال نصا: "أن القرار 2334 اعتمد الاستيطان وبقية انتهاكات الاحتلال كجرائم حرب.."..

هذا نص حرفي لتصريح كبير مفاوضي الرئيس عباس لصياغة القرار مع جون كيري قبل تمريره، والسؤال هل هناك صيغ مختلفة لقرار 2334، غير التي تم نشرها بكل لغات الأمم المتحدة المعروفة، وقبلها هل هناك تقليد جديد تم استحداثه في مجلس الأمن، بأن تبقى بعض فقرات قراراته سرية، لغاية ما..

ولأن الشعب الفلسطيني تعلم القراءة السياسية مبكرا، يتطلع الآن الى الرئاسة الفلسطينية أن تعيد نشر صيغة القرار التي تؤكد على أن "الاستيطان جريمة حرب.." فلو كان ذلك نصا صريحا في القرار وجب على الشعب محاسبة كل من همس حرفا منتقصا من "قيمة النصر التاريخي"..

بالطبع لن نذهب بعيدا للقول أن قول عريقات يعكس جوهر "الأزمة السياسية" التي كشفتها قرارات المجلس السابقة عن القرار الأخير، ما أدى به الى "إختراع نص خاص" واعلانه معتقدا أن الشعب الفلسطيني سيخرج الى شوارع بقايا الوطن هاتفا بالمكتشف الجديد..!

وليت عريقات اكتفى بالحديث عن "نص تدليسي" لا صله له بالقرار المذكور، لكنه ذهب الى ما هو أبعد بكثير، عندما قال في ذات التصريح: " أن العالم أجمع بما فيه الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وخاصة الولايات المتحدة، قال وبشكل واضح، إن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وما ترتب عليه غير شرعي، وجريمة حرب.."

مع هذا الاكتشاف السياسي لموقف أمريكا، التي تعتبر الاستيطان والاحتلال "جريمة حرب" يصبح لزاما منح د.عريقات لقب "كولومبس السياسي "، حيث هو دون غيره في كوكب البشرية من توصل الى ذلك "السر السياسي" الذي لم يكن معلوما للعامة والخاصة، حتى نجح بإزالة اللثام عنه..

كيف له أن وصل الى هذا "النص السحري للموقف الأمريكي"، أي عصر سياسي نعيش، عندما يصبح "التدليس والتزوير السياسي" بهذه الطريقة الإستغبائية النادر، بل والفريدة في قول مثل هذا القول..

لو أننا في حالة سياسية غير التي نعيش، لبات تصريح عريقات حول موقف أمريكا هو ذاته "جريمة سياسية" يحاسب عليها القانون الإنساني السوي، قبل الفلسطيني..ولكن في "الزمن العباسي" كل شي ممكن..وبناء على أن أمريكا تعتبر الاستيطان جريمة حرب، نقترح على الرئيس عباس منح الرئيس الأمريكي أوباما "أعلى وسام وطني فلسطيني" قبل رحيله عن منصبه..

هل يدرك البعض مما تقدم حجم المصيبة القائمة..والتي قد تكون أكثر مصائبية لو استمر الحال على ما هو عليه..فكلام "كولومبس عريقات" نموذجا صارخا لحركة "التزوير السياسي" الراهنة!

ملاحظة: مذيع ذكي سأل ضيفه ما رأيك في "الأقلام المأجورة" التي تقلل من "الانتصار التاريخي"..الضيف الأذكى "أبو تسريب فتح..." قال له سيبك هؤلاء على الهامش..نصيحة لهؤلاء "الأذكياء"أن يقرأوا "النقد الساخر حول معارضة القرار فيما كتبته الشابة الموهوبة بثينة حمدان علهم يفقهون..!

تنويه خاص: من اسمتع لتصريحات الرئيس عباس بعد قرار مجلس الأمن 2334 سيكتشف أن الكلمة لأكثر تردادا عنده كانت "المفاوضات"..بالكوا  صدفة أم تعود أم "رغبة..."!