الذكرى السنوية الثانية لوفاة الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني – الثوري عربي عواد
تاريخ النشر : 2017-03-21 00:23

بعد أيام قليلة يدخل غياب جسد الرفيق القائد والمناضل الفلسطيني الوطني القومي الإنساني بامتياز الرفيق عربي عواد (أبو الفهد)، أمين عام الحزب الشيوعي الفلسطيني- الثوري عامه الثالث وكما آذار جمع كل الأعياد الوطنية، القومية، الإنسانية، غادرتنا وترجّلت أيها الفارس في شهر الأعياد وبالتحديد يوم السبت في الواحد والعشرين منه عيد الأم عيد العطاء، عيد النيروز عيد الربيع والتجدد ، يوم الكرامة العربية يوم تصدّي القلّة من الفدائيين والجيش الأردني الوطنيين " للجيش الذي لا يقهر"، وكما جمع آذار كل الأعياد هذه ، جمعت وبشكل خلاق بين كل اشكال النضال الوطني والإجتماعي والقومي والإنساني ، ولم تتلحّف برداء الأممية لتتهرب من تبعيات النضال الوطني الذي بقي الهمّ الأول وكانت فلسطين تعيش فيك أينما حللت.

منذ عام النكبة 1948 وأنت تدافع عن الهوية الوطنية وحمايتها من التبدد والتصفية، إلى عام 51 أول تجربة لك في السجن إلى عام 57 في الهبّة الشعبية والمعارك ضد حلف بغداد ومنذ عام 58 واجهت السجّان المحلي والأجنبي النازي ولم ينالوا منك ومن رفاقك خرجت عام 1966 شامخا رافع الرأس قبل عام من النكسةبعد عناء في سجن الجفر الصحراوي.

قاومت الإحتلال الصهيوني وبدأت تجمع صفوف الشيوعيين في الضفة وتتواصل مع المنظمة الشيوعية في قطاع غزة،قمت بتجميع الطاقات الوطنية وعملت على تشكيل الجبهة الوطنية عام 72 التي كانت ذراع منظمة التحرير الفلسطينية في الأراضي المحتلة ، وشكّلت الجناح العسكري للحزب ، وقام العدو الصهيوني وأبعدك إلى لبنان مع ثمانية من قادة الجبهة عام 73 وواصلت النضال الوطني كعضو في المجلس الوطني لمنظمة التحرير، وفي المجلس المركزي، وفي لجنة شؤون الوطن المحتل كممثل للحزب إلى جانب الفصائل الفلسطينية الأخرى.

اصطفّ رفيقنا عربي عواد (أبو الفهد) ورفاقه، إلى جانب القوى الفلسطينية التي جابهت المسارالذي قاد مسيرتنا إلى أوسلو ، خيانة لكل تضحيات الشعب الفلسطيني في نضاله التحرري.وبقي رفيقنا القائد المناضل إلى جانب محور المقاومة الذي تكالبت عليه كل قوى الاستعمار وأدواتها من النظم والقوى الرجعية والظلامية التكفيرية ضمن حملة استهدفت تمزيق الدول العربية وعمل على تشكيل حزب فلسطيني يرفض الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، ويرفض التخلي عن حق الشعب الفلسطيني في ممارسة كل أشكال النضال بما فيها المقاومة المسلحة من أجل الحاق الهزيمة النهائية بالمشروع الصهيوني، وأطلق على هذا الحزب عبر مؤتمره الأول المنعقد عام 1987، اسم الحزب الشيوعي الفلسطيني- الثوري.

لقد كنت تناضل وتسعى ليكون الحزب الذي أعيد تشكيله فلسطينياً وطنياً بالمضمون وليس بالشكل وحسب يأخذ بالإعتبار طبيعة المرحلة التي نعيشها كونها مرحلة تحرر وطني، ليمارس كل أشكال النضال وبشكل رئيس الكفاح المسلح إلى جانب الفصائل الفلسطينية المسلحة ، وكنت تنهل وتعمق فهمك النظري من الفكرالعربي والعالمي ومواقفه من المسألة القومية والوطنية واساليب النضال وخاصة من الفكر الماركسي اللينيني ، كان الرفيق ابو الفهد وحدوياً منطلقاً من طبيعة مرحلة التحرر الوطني التي تمر بها قضيتنا ، ويدعو دائماً لتلاقي كل التيارات الفكرية للتراص وإيجاد القواسم المشتركة بينها رغم التباينات وضرورة تغليب العامل الوطني على الفئوي الضيق، ويدعو دائما إلى حركة فلسطينية و طنية موحّدة ،مستلهماً ناهلاً من تجارب عالمية مثل الثورة الفيتنامية وثورة جنوب إفريقيا والثورة الجزائرية ، فثورة فيتنام والتي استمرت زهاء أربعين عاماً استندت إلى جبهة التحرير الوطني الفيتنامية والتي ضمّت عشرين حزباً من مختلف التلاوين وألحقت الهزيمة بقوتين استعماريتين كبيرتين فرنسا والولايات المتحدة،رأيت كيف أن المؤتمر الوطني الإفريقي قاد النضال ضد نظام التمييز العنصري الإستعماري الإستيطاني كنت تنهل من ثورة شعبنا العربي في الجزائرضد المستعمرين والمستوطنين الفرنسيين ،وكنت متشجعاً بشكل ملحوظ لمحاولات التوحد والحوارفي صفوف الشيوعيين الفلسطينيين والتسامي على الخلافات والحوار البناء والبحث عن قواسم مشتركة وكان لهذه المحاولات ان تثمر لولا وقوع الحرب على سورية والتي عرقلت تواصلها.

كنت دائما تشحذ الهمم في الأوقات الصعبة والحرجة والتي كانت تداهمنا من شظف العيش ومتطلبات الحياة وشح المورد المالي،وتصف السنين التي مرت علينا بالسنين العجاف وتواسي الرفاق وتعمل مع رفاق حزبك رغم شح الإمكانيات وتواضعها ومتطلبات العمل الوطني اللوجستية،وهذا ما بدا واضحاً في الإنتفاضة الأولى عام 1987 حين زجّ برفاقنا بالسجون والمعتقلات بفلسطين المحتلة ولم يجدوا من يتولّى أمورهم وتغطية ما يحتاجون إليه، مما صعّب عليهم مسألة الإستمرارية ولكنهم بقيوا مخلصون أوفياء للمبادئ التي حملوا رايتها عالياً وانضمّوا وتوزعوا على فصائل العمل الوطني الفلسطينية، كنت تعمل بكل كد لتوفير مصدر مالي للإستمرارية دون التخلي عن المبادئ والثوابت ،ولم يبخل عليك الحلفاء بما يقدرون عليه لأنهم عرفوا فيك وبرفاقك الصدق والوفاء والتفاني في العمل الوطني، كنت لا تدع الأمل يغادرنا تزرعه وتسقينا به، كم كنت حكيماً في تصرفك يوم وفاة أختنا الغالية نجوى طيب الله ثراها لها المحبة ولروحها السلام إثر خطأ طبي وتركت القضاء يأخذ مجراه دون ردة فعل منك فأنت الحليم عند المقدرة، لقد شاءت الأقدار أن أكون معك في سيارة الإسعاف التي تقل جثمانك الطاهر،كما كنت فيها يوم استشهاد الحبيب الصديق الرفيق المهندس فهد عواد مدافعاً عن قضيتنا الوطنية وثوابتها ، لقد تأملت جسدك الطاهر الملتحف بعلم فلسطين التي رافقتك وعاشت فيك دائماً حتى على سرير المرض وحين علمت أن الممرض من مدينة بيت لحم بدأت بالحديث معه حول برك سليمان وجمالها التي انشاها السلطان سليمان الأول ، كنت تسأل عن الرفاق وأحوالهم وأوضاعهم والأصدقاء الذين كنت تحاورهم في بيت أحد رفاقك ، طلبت مني أن تقوم من السرير لتتمشى قليلا ، تأملت بوضعك وأنت مكبلٌ بالأمصال وانا سعيد أنني لبيت رغبتك وتمشيت ومارست هوايتك المفضلة المشي ولو لدقائق، هي الإرادة والحس الإنساني العالي وحب الحياة، ذكراك باقية يا أبا الفهد ومن رحل من الرفاق ممن أسهموا في حمل الراية التي دافعت عنها ومخّضوا بدمائهم تلك الراية في وجدان شعبنا.