ذكريات في ذكرى الدكتور حيدر العاشرة
تاريخ النشر : 2017-09-24 16:06

اليوم يستذكر شعبنا ذكرى رحيل قائد كبير رحل عنا ونحن أحوج ما نكون له ، كنا نلتف حوله لنستمع إليه وهو يحدثنا في السياسة وكيفية إدارة أزماتنا ، كان يكرر جملة بشكل متعمد وفي أغلب لقاءاته حتى أن بعضنا أصبح يتأفف من كثرة تردادها دون ان ندرك السبب ،، كان يقول لابد من النظام والقانون .. النظام والقانون .. وبعد سنوات أدركنا اليوم كم نحن بحاجة الى من يكررها لنا ويذكرنا أن أزمتنا ناتجة عن غياب النظام والقانون ..

بعد انتهاء الانتخابات للمجلس التشريعي الأول 1996 وفاز الدكتور حيدر بأعلى الأصوات ليثبت محبة أهل غزة له ومنحه ثقتهم وهو المؤتمن عليها ، ذهبت إليه لزيارته ذات ليلة وتبادلنا أطراف الحديث للعمل سويا تحت قبة المجلس التشريعي وطرحت عليه فكرة تشكيل كتلة برلمانية تضم عددا من النواب المستقلين ، رحب بالفكرة وتحمس لها ، واتفقنا أن تكون هذه الكتلة بداية لترسيخ مفهوم العمل الديمقراطي وممارسة السياسة بوجه جديد ومواجهة أي فعل يضر بمصلحة القضية من أي طرف كان بأسلوب علمي وموضوعي وديمقراطي ،، وبالفعل تجمع الكثير من النواب في حديقة منزله ودار نقاش مستفيض حول الفكرة وبدأنا نضع الخطوط العريضة للإعلان الرسمي لها ،،، ولكنه ذات صباح طلبني لأزوره في مكتبه وسألني سؤالا غريبا : هل تعتقد أن الرئيس ياسر عرفات سيتحمل وجود مثل هذه الكتلة ويتركها تعمل دون نكد أو تنغيض علينا ؟؟ .. قلت له بالتأكيد سيكون معارضا لها لأن الكتلة ستكون منافسا قويا لكتلته في المجلس .. فقال لي : أعتقد اننا استعجلنا قليلا قبل دراسة الأمر وانا أنصح تأجيل تنفيذ هذه الفكرة ،، وهكذا كان له ما أراد .. وبعد فترة من الزمن قدم استقالته من المجلس دون تردد وعندما زرته لإقناعه بالتراجع عن فكرته قال لي جملة واحدة بكل أسى " فش فايدة من الاستمرار " ..

الدكتور حيدر صاحب المواقف الجريئة المدروسة المعروف بهدوئه التام ولكنها حاسمة وواضحة ، كان يطوف محافظات الوطن ليشارك في اللقاءات ويعطي النصائح والدروس دون كلل أو ملل ، اختلف مع القيادة الفلسطينية ولكه لم يختلف عليها أبدا لم يحرص على الخروج عن الصف الوطني ولم يتراجع ابدا عن مواقفه الوطنية ..

كان منزله ومكتبه عنوانا للشباب والمثقفين والأكاديميين والسياسيين وممثلي الفصائل كلما حدث خلاف أو إشكال كان الجميع يذهب إليه كعنوان للكل الفلسطيني ،، كان يساريا في العمق التفكيري وكان يمينيا في العمق الوطني وكان شاملا في الطرح ،، كان الجميع يرى جزءا منه عنده ..

نفتقده هذه الأيام ونفتقد نصائحه ، وسنذكر نصيحته لنا " النظام والقانون " لتحقيق التقدم والمصالحة والتحرير ..