حركة فلسطينية على "أنغام" دولية!
تاريخ النشر : 2017-09-26 11:27

كتب حسن عصفور/ كان من المهم جدا متابعة رد الفعل الأمريكي بعد خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، الذي حشد "كل غضبه الكلامي" ليرسله من على منصة الأمم المتحدة قبل أيام، حيث تجاهلت الإدارة الأمركية كليا التعليق على ما ورد في الخطاب، لا سلبا ولا ايجابيا، رغم قيام مندوب دولة الكيان في الأمم المتحدة بتوجيه "خطاب ناري" ضد الخطاب العباسي..

الصمت الأمريكي المطلق على حديث الرئيس عباس "المتهدج" اقوالا يبدو وكأنه خروج على"ألمألوف"، لا يأتي من تجاهل للرئيس أو ما قاله، فتلك ليس سمة لواشنطن فيما يتعلق بأي نقد حاد لسياسية حكومات تل أبيب منذ عهد طويل، لكنها غضت الطرف كليا كونها "تبحث عن العنب السياسي" وليس "تعنيف الناطور السياسي"، و"العنب ليس سوى الصفقة التي أخذت ملامحها تتضح من زمن" وبدأت تتحرك نحو "الصياغة الأخيرة"..

عندما أكد القيادي التاريخي في حركة حماس د.موسى أبو مرزوق، ما تم الكشف عنه من دور أمريكي ما في محاولات إنهاء الانقسام، ورفعها الفيتو الذي كان مفروضا، إعتقد البعض أن تلك مبالغة، الى أن بدأت تتكشف خطوات تعزز ذلك القول، ومنها صمت واشنطن على خطاب عباس، بالتوازي سمحت له أن يبحث إجراءات في سياق "التصعيد السياسي" ضد دولة الكيان الاحتلالي، ومنها رفع طلب العضوية الى منظمة الإنتربول الدولية، حيث لم نجد رفضا أمريكيا علنيا لتلك الخطوة، التي كانت تقيم الدينا في أمريكا، تهدد وترعد وتزبد، لكنها هذه المرة أصيبت بـ"خرس كامل"، ما يكشف أن "وراء الأكمة ما وراءها"..

قبل أيام أدلى عدد من قيادات فتح، بتصريحات لا توحي أن ذهاب حكومة رام الحمد الله الى غزة واضحا، وبحث البعض عن "أعذار" لعدم الذهاب، حتى بيان اجتماع فتح أولا ثم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ثانيا لم يتطرق الى موعد موحد، وترك المسألة مفتوحة، حتى وصل "غرينبلات" المبعوث الأمريكي الى تل أبيب دون سابق إنذار، وبالتوازي أعلنت حكومة رام الله أن رئيسها سيذهب "الإثنين القادم" الى غزة، دون ان نسمع أي من "إشتراطات" خاصة لتأمين وحماية وإقامة..

المفاجأة عمليا ليست مفاجأة الإعلان، بل مفاجأة التناغم "غير المسبوق" مع حركة الإدارة الأمريكية، وقد انار مبعوث الأمم المتحدة الى الشرق الاوسط نيكولاي ملادينوف، خلال لقاءات أجراها مع وفد حماس أن المصالحة تسير ضمن "توافق دولي"، وألمح أن موافقة عباس جاءت ضمن تواصل مع دول خارجية، كي يقبل بالتحرك المصري.. وأنه لم يعد هناك "عقبات" دولية بعد رفع "الفيتو" الأمريكي، وسيقبل الجميع بالتطورات الجديدة..

و"تطمينات ملادينوف"، شملت ان هناك "مساعدة أممية" ستكون حاضرة في عملية تسلم حكومة رامي الحمد الله لمهامها في قطاع غزة، وستتابع الأمم المتحدة خطوات التنفيذ بدقة متناهية..

بالمقابل أكد ملادينوف، عن "استعداد اسرائيلي برفع الحصار عن قطاع غزة، بعد استتاب الأمر وتولي الحكومة مهامها كاملة، ومعها تبدأ "حل الأزمات الإنسانية" التي عاشها قطاع غزة خلال 10 سنوات..

وبالتأكيد، لم يفت "الثعلب البلغاري"، أن يذكر ما كان سيكون لو فشلت الجهودة التصالحية، حيث سيدفع قطاع غزة "ثمنا قاسيا" يفوق ما سبق دفعه  خلال الحروب السابقة..

الرسائل هنا، ليست "مشفرة" ابدا، بل هي غاية في الوضوح السياسي، إنهاء الانقسام بات مصلحة أمريكية دولية، على طريق إتمام "الصفقة السياسية الكبرى"، وتحمل لأول مرة اسلحة للتنفيذ، وليس كما سبق من "صفقات"، ومن يتلكأ في التنفيذ والرقص على أنغام "الموسيقى الدولية" سيكون حسابه مختلف..

السؤال الذي يدور دوما في ذهن الفلسطيني، هل ستقبل اسرائيل بأي "صفقة سياسية" لصناعة سلام في المنطقة، وهل ستكون أمريكا معها أم عليها..سؤال يستحق وقفة أشمل من مرور سريع..

المصالحة تتسارع خطاها بأسرع من "التصديق"، وسبق ان اشرنا في مقالات سابقة وبعد إعلان حماس قبولها "الشروط العباسية"، ان ذلك جاء للتنفيذ وليس للإعلان..وتنكشف يوما بعد آخر حجم "الإوركسترا" المشاركة فيها وذلك ليس حبا في شعب فلسطين، ولا انحيازا لحق مجرد، بل هو ضمن صناعة جديد سياسي..

ملاحظة: بعض من ممثلي القوى السياسية عبروا عن "إستيائهم" من شكل الطاولة المستطيلة خلال اللقاء مع حماس حيث جلست قيادتها على جزء مرتفع امام الحضور..عقلية "الإستاذ"..حذار يا حماس من تعالي لا سبب له!

تنويه خاص: بات لزاما على الرئيس عباس أن يصدر أمرا لجماعته المنتشرين في وسائل الاعلام أن يصمتوا وبلاش فضايح..وحدوا الحكي قبل الذهاب الى غزة وتصيروا مسخرة بعدين!