"التمكين العباسي" على الطريقة الإخوانية - الأردوغانية!
تاريخ النشر : 2017-10-17 11:01

كتب حسن عصفور/ لا ضرورة للبحث في "تفاصيل" السلوك الخاص بمحمود عباس رئيس حركة فتح، ورئيس سلطة الحكم المحدود جدا، عن "كراهيته" لإنهاء الانقسام الوطني، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق رؤية سياسة موحدة، فمنذ الانقلاب الحمساوي عام 2007، والذي كان عباس نفسه "شريكا" به من خلال تواطئه مع الولايات المتحدة ودولة الكيان لاجراء الانتخابات التشريعية عام 2006، وهو يذهب بعيدا لترسيخ الانقسام الوطني، بكل السبل الممكنة..

وما يحدث مؤخرا ليس بمفاجأة سياسية مطلقا، من كونه يتعمد أن لا يفتح باب "التصالح الوطني" من خلال المؤسسات التي يسيطر عيها، أو المنطقة الجغرافية التي تقع تحت سيطرة أجهزة أمنه "النسبي"، مكملا خطواته نحو قطاع غزة..

وكي لا يقال أن هناك "ظلم وتسرع" في الحكم على "الرجل الثمانيني" الذي يحكم بثلاث سيوف، 2 منها أمني، معلومان جدا، والثالث سلاح المال في السلطة والصندوق القومي ضد المواطن والفصائل، لندقق في سلوك عباس فصيلا وأجهزة في الضفة الغربية، قبل قطاع غزة، وموقفه من "التلاحم - التوحد الوطني"، ليس مع حماس بل مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، التي أحالها الى "ديكور" سياسي بلا أي قيمة أو قدرة، ولم يعد يحترم لها اي قرار ما لم يكن هو يريده..

عباس  كرس "الانقسام الداخلي" داخل صفوف منظمة التحرير، وعمليا "خطف" الشرعية متحصنا بقوة "خارقة" يعلم كل وطني من هي ، ولو تجرأ عباس وفتح باب النقاش - الحوار العلني في الضفة الغربية، وأوقف اسلحته "الإرهابية" ضد أهلها لمدة إسبوع واحد فقط، وتعهد بعدم المساس بمن ليس معه، سيدرك حقا من هو وما يمثل، ليس ضمن استطلاعات الرأي بل ضمن حركة تعبير شعبية..(بالمناسبة أغلب الانتخابات التي تجري لا تكسب بها فتح وفي المخيمات غالبية لجانها يسقط مرشحي عباس لصالح مرشحي تيار الاصلاح، وآخرها مخيم قلنديا).

ومسبقا نقول له لو كنت رئيسا للشعب الفلسطيني حقا، وتملك شعبية "طاغية" كما يطبل لك فريقك، لتقم بزيارة شارع في رام الله، أو مخيم مجاور لمكتبك، ولا يحدث لك ما حدث خلال "العرضة الرمضانية"، التي إنتهت بقذف ما قذف عليك عام 2003 أمام المجلس التشريعي"..

الانقسام الحقيقي ليس بين فتح وحماس، أو بين قطاع غزة والضفة، بل هو ما يحدث في المؤسسة الرسمية الفلسطينية، بكل أجنحتها سلطة ومنظمة، تنفيذية وتشريعية، وليت أحد من السادة يخرج ويبرر لماذا تم الغاء المجلس التشريعي، ومتى عقد أخر مجلس مركزي فلسطيني رغم انه تحت سيطرة عباس المطلقة ماليا وأمنيا..

الانقسام ليس ما تم توقيع التصالح عليه في مصر، بل هو ما تتعرض "الشرعية الفلسطينية"، ويبدو أن محمود عباس يدرك يقينا أن "الوحدة السياسية" الجديدة ستكون نهائية حقيقة ورسمية لمسار الاستبداد الذي اعتاش عليه منذ الانقلاب الحمساوي، والذي كان هو وقبل حماس أكبر المستفيدين منه، بعد أن أصبح يتصرف بفردية مطلقة وتسلط لا مسبوق في النظام السياسي الفلسطيني، باسم مواجهة الانقلاب..

ولأن عباس يدرك جيدا، ان الوحدة الوطنية - السياسية لو حدثت حقا، هي نهاية عهد تسلطه واستبداده، وكونه لا يملك قوة الرفض لها علانية، لأن ذلك طلبا رسميا لمن وقف لمساندة "حكمه المهزوز جدا" في الضفة الغربية، لذا يعمل بكل السبل لتأخير وتعطيل المسار، عله يحدث طارئ ويعود متقوقعا في "مقاطعته".

ولكي يستمر التعطيل، وانتظار "مفاجئة تخريبية" لجأ عباس الى استخدام "النظرية الإخوانية والأردوغانية" فيما عرف بـ"التمكين" و "الدولة العميقة"، فالاخوان بعد أن فرض فوز محمد مرسي فرضا بغير وجه حق، ومصر كلها تعلم حقيقة الفائز، وكيف أن أمريكا تدخلت بارسال قائد المنطقة المركزية لقواتها في المنطقة الى القاهرة وتم تأجيل نتائج الانتخابات ساعات لما بعد انهاء لقاء المسؤول الأمريكي مع المشير طنطاوي، لتعلن نتيجة فوز مرسي وليس احمد شفيق..

"التمكين"، نظرية ابتدعها الإخوان، وخاصة نائب مرشدهم خيرت الشاطر، للتحكم في كل مفاصل "الدولة المصرية"، وتثبيت من هو منهم أو موال لهم، دولة الإخوان الكاملة، ولم ينتظر الشعب المصري كثيرا، حتى خرج عشرات الملايين، (وكالات الأنباء العالمية قدرت الرقم بثلاثين مليون مصري) ليسقطوا "حكم المرشد"، وبالتالي اسقطوا "نظرية التمكين"..

وبعد ما قالوا أنها محاولة الانقلاب في تركيا، والتي يقال أن "الموساد" الاسرائيلي من أخبر أرودغان بها، وكذا المخابرات الروسية، بدأ الحديث عن ضرورة الخلاص مما يسمى بـ"الدولة العميقة"، ما يتطلب "تطهيرا واسعا" لكل من ليس "اردوغانيا"، حركة مستمرة ولم تنته بعد، ويبدو أنها لن تنتهي كونها السلاح الأهم لفرض "حاكم – حكم مستبد"، تمكن عبر اجراءات متلاحقة من تغيير طبيعة الحكم وأسسه، وايضا تحت ذريعة محاربة أنصار "الدولة العميقة"..

يبدو ان الجهات "الناصحة" لعباس قدمت له تلك النصيحة ليس لخدمته، كما يظن واهما، بل من أجل حفر "قبره السياسي" بيده، وينتهي به المطاف الى نهاية لا سابق لها، في المشهد الفلسطيني..

حماس تملك قوى وحضور أمني وسياسي ومالي يفوق الآن قوة نظام عباس في بقايا الضفة والقطاع، ويضاف لها، بعد أن تبدأ حكومة التصالح عملها، تشكيل تحالف وطني جديد اساسه مواجهة الاحلال ومواجهة تسلط عباس، قد يضم حماس والجهاد وبعض فصائل منظمة التحرير ولو تشكل تيار سياسي جديد من انصار النائب دحلان، سيكون جزءا هاما من هذا التحالف..

عباس وقع في "فخ التمكين" ومنه ستكون النهاية ليس له فحسب، بل ستبدأ  تدميرحركة فتح..

قبل فوات الآوان ليقف أبناء "أم الجماهير" ضد المؤامرة الجديدة على حركتهم، التي بات عنوانها اليوم "أبطال التنسيق الأمني" مع سلطة الاحتلال..قبل فوات الآوان..تحركوا!

ملاحظة: حسين الشيخ، عنوان فتح الجديدة،  يقول أن هناك 3 أشهر ونصف لتتمكن اللجان القانونية من تقييم عملها، وهو ما يعني أن لا رفع للعقوبات - الجرائم العباسية قبل ذلك..إنتظروا يا أهل غزة!

تنويه خاص: نتنياهو أفندي، يبحث سن قانون خاص لتحصين رؤوساء الحكومات من التحقيق في قضايا فساد..التفكير بذاته، وليس القانون لو حدث، هو إعتراف بالفساد..بس عنا ما في داعي لأن القانون كله الآن بيد من يحمي الفساد الحقيقي !