غزة ومعابرها في زيارة السعودية
تاريخ النشر : 2017-11-08 11:16

هل هناك سبب خاص أدى إلى أن يرافق مدير عام الإدارة العامة للمعابر والحدود نظمي مهنا، الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوفد المرافق له في زيارته يوم الاثنين إلى المملكة العربية السعودية، (كما ذكر الإعلام الفلسطيني)، أم أنّ الأمر من دون دلالات سياسية كبيرة؟ والسؤال ذاته ينطبق على هذه الزيارة المفاجئة، في توقيت ذي خصوصية سواء بالنسبة للأوضاع في المملكة، بعد موجة الاعتقالات التي حدثت فيها أو لاتفاق المصالحة في غزة، وهل تتعلق الزيارة بترتيبات متفق عليها دوليّاً لقطاع غزة؟ وهل يمكن أن يكون الأمر بهذه الأهمية ليجري التباحث فيه على مستوى عالٍ جداً، خاصة مع مؤشرات عدم وجود اتفاق سلام في الأفق؟
بحسب تقارير إخبارية تقررت زيارة الرئيس الفلسطيني عقب اتصال هاتفي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، من شرم الشيخ يوم الأحد، حيث التقى عباس بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
والزيارة الفلسطينية إلى السعودية تلي زيارة مفاجئة أخرى شهدتها السعودية، كَشفتها صحيفة "بوليتكو" الأميركية، بعد حدوثها، وقام بها الثلاثي الأميركي المكلف بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، نهاية الشهر الفائت، وشملت جارد كوشنير، جيسون غرينبلات، ودانا بَوِل، وبشكل منفصل زار وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين السعودية، بالتزامن مع زيارة "الثلاثي". وفيما عاد كوشنير للولايات المتحدة، فإنّ منوشين واصل طريقه في زيارة للإسرائيليين. أما غرينبلات فذهب بحسب الصحيفة، وصحف إسرائيلية إلى عمان والقاهرة ورام الله والقدس.
هل يمكن الربط بين كل هذه التحركات وما يحدث في قطاع غزة؟ والزيارة إلى السعودية؟
هل يمكن ربطها بجهود التوصل لحل سياسي للموضوع الفلسطيني الإسرائيلي، أم أنّ الأدق الربط مع الأنباء المتزايدة عن سياسة أميركية ترى أنّ التوصل لحل سياسي سريع للمسألة الفلسطينية، عبر حل مع الإسرائيليين غير ممكن، وبالتالي يجري التركيز كثيراً على ترتيبات اقتصادية ومعيشية وحياتية فلسطينية، ليس إلا؟
هناك مؤشرات أن اللقاءات ذات المستوى العالي هذه، تعالج شؤونا محدودة مثل المعابر والظروف المعيشية بديلاً عن حل سياسي شامل. ومن هذه المؤشرات، أنّه بالترافق مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فلسطين، الربيع الفائت، أعلن عن تمديد العمل في المعابر الحدودية بين فلسطين والأردن (جسر الملك حسين ومعبر الكرامة من الجهة الفلسطينية) لتصبح على مدار الساعة، واستمر هذا التمديد طوال أشهر الصيف ليتوقف مؤخراً، مع احتمال استئنافه الصيف المقبل، قضايا صغيرة، إذن، تعالج فعلا في لقاءات كبيرة.
ومؤشر آخر على التركيز على الاقتصاد والمعابر والحركة، اللقاءات التي جرت مؤخراً بين رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله ووزير المالية الإسرائيلية موشيه كحلون، قبل أيام، مع أنباء أنّ اللقاء حصل بضغط أميركي، (تم لقاء آخر شبيه قبل أشهر)، وحضر اللقاء الأخير مسؤولون فلسطينيون، منهم مدير المخابرات العامة ماجد فرج، وناقش اللقاء أمورا منها معابر غزة، والحركة بين الضفة والقطاع، والاستثمار، والبناء في مناطق (ج) في الضفة التي يمنع الاحتلال الفلسطينيين من البناء فيها.
أمّا المؤشر الثالث على أن زيارة السعودية مرتبطة بتصورات متداولة للحياة اليومية يشارك في تطويرها الأميركيون فهو مشاركة مهنا سالفة الذكر باللقاء، والمؤشر الرابع هو الحديث عن استئناف اتفاقية معبر رفح للعام 2005، التي تتطلب حضوراً أوروبياً وتنسيقاً مع الإسرائيليين عن بعد، رغم مطالب فلسطينية من فصائل معارضة، بعدم العودة لها وجعل المعبر فلسطينيا مصرياً خالصاً.
إن اتفاقية 2005 كما أشار الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، في تقرير نشرته وكالة أنباء "معاً"، تتضمن ترتيبات للمعابر الأخرى، ولممر آمن بين الضفة والقطاع، وبدء العمل ببناء ميناء ومطار، وإذ يتساءل الطباع هل سيشمل إعادة تفعيل الاتفاقية كل ذلك؟ فإن السؤال أو الفرضية التي يوجد ما يدعمها، أنّ ما يجري بحثه بين الرياض، والقاهرة، وعمّان، ورام الله، وواشنطن، ومع الإسرائيليين، يتضمن خطوات من هذا النوع، فيما الحل السياسي مؤجّل أو يسير في مسار آخر موازٍ دون ربط بينهما بالضرورة، مع وضع كل هذا في أطر إقليمية أوسع، من نوع منع التغلغل الإيراني في القطاع، ومحاربة الإرهاب، خصوصاً في سيناء.

عن الغد الأردنية