إدانة البطريرك "ثيوفيليوس"
تاريخ النشر : 2018-01-11 15:32

التواطؤ على القدس لم يكن قاصراً على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية التى حسمت أمرها مؤخراً وأعلنتها عاصمة لإسرائيل رغماً عن إرادة العالم، لكن التآمر على القدس لحق بالقائمين على مقدساتها الدينية وبالذات المسيحية، وظهر جلياً حجم التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلى لبيع وتسريب الأملاك العربية فى أنحاء مختلفة من مدينة القدس إلى الجمعيات والمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية، ولعل الموقف الذى اتخذه أهالى مدينة بيت لحم وضواحيها يوم عيد الميلاد المجيد يعكس ثبات الشعب الفلسطينى فى تمسكه بحقوقه التاريخية فى أرضه وعدم التضحية بثوابته ويكشف زيف وزور المروجين بأنه باع أرضه لإسرائيل، لقد عبر الفلسطينيون المسيحيون عن غضبهم ورفضهم لبقاء البطريرك ثيوفيليوس الثالث، فى منصبه لتورطه فى بيع الأملاك الوقفية لإسرائيل، وانطلقت دعوات شعبية ومسيحية وكنسية لمنع كيريوس ثيوفيليوس الثالث، من الوصول إلى كنيسة المهد لحضور قداس الميلاد بسبب تورطه فى الصفقات التى نفذها مع الاحتلال والجمعيات الاستيطانية، وانتشرت دعوات للمشاركة فى مسيرة تنطلق لمنع وصول البطريرك لكنيسة المهد فى بيت لحم يكون فاقداً للشرعية.

لقد قدمت وثائق ويكيليكس مادة دسمة عن التدخل الدولى السياسى، خاصة الأمريكى، فى البطريركية اليونانية فى القدس، إحدى هذه الوثائق التى صدرت عن وزارة الخارجية الأمريكية فيما يخص التدخل الأمريكى لدى إسرائيل للاعتراف بثيوفيليوس الثالث مقابل التزامات خطيرة تتعلق بصفقة باب الخليل، تقول الوثيقة إن ثيوفيليوس قال للملحق السياسى الأمريكى فى ديسمبر 2007 إنه كان ينتظر اعتراف إسرائيل به وإنها مجرد إجراءات حتى يستطيع استخدام جميع الاتفاقيات السابقة مع الحكومة الإسرائيلية، وتعامل قضية الأملاك الأرثوذكسية اليونانية فى القدس التى باعها البطريرك السابق «آرنيوس» للإسرائيليين كمسألة قانونية، ويؤكد فيليوس للملحق الأمريكى فى الوثيقة أن الاعتراف به سيمكن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية من العمل مع الحكومة الإسرائيلية على مجموعة من القضايا غير المحددة، وتفضح وثيقة سرية أخرى كتبت فى مارس 2014 من مكتب نائب مدير وزارة الشئون الدينية اليونانية قدمت للملحق السياسى الأمريكى تتضمن مذكرة التفاهم اليونانى والأمريكى بالاتفاق سراً مع الفاتيكان والبطريركية اليونانية فى القدس والاتحاد الأوروبى حول وضعية القدس والأماكن المقدسة فيها عند الحل النهائى، وتشير الوثيقة إلى اتفاق سرى حصل على ما يبدو عام 2013 بين الحكومة اليونانية ووزارة الخارجية الأمريكى بموافقة الفاتيكان والبطريركية اليونانية فى إسطنبول والقدس على أن تكون القدس البلدة القديمة فى الحل النهائى ذات وضعية خاصة لا سيادة سياسية فيها بهدف الحفاظ على حقوق المسيحيين والمسلمين واليهود فى الأماكن المقدسة، وبالتالى وفق التصور يتم إنشاء ثلاث هيئات دينية (يهودية ومسيحية وإسلامية) بحيث تكون البطريركية الأرثوذكسية اليونانية وكنيسة الفرنسيسكان والبطريركية الأمنية هى الهيئة المسيحية، وتشكل مجمل الهيئات الثلاث مجلساً دينياً مشتركاً منفصلاً عن السلطات الدينية وتكون العلاقة بين الهيئات الدينية والسلطات السياسية عن طريق مفوض أعلى خاص يتمتع بثقة جميع الأطراف، فتشكيل هيئة مسيحية تشارك فيها دولة اليونان والاتحاد الأوروبى والفاتيكان برعاية أمريكية دون أن يكون للسلطة السياسية الفلسطينية أى حق على الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية ودون أن يكون لأبناء هذه الكنيسة الفلسطينيين والأردنيين أى حق فى إدارة شئون هذه الكنيسة إنما هو سلب لحقوق المسيحيين الفلسطينيين والأردنيين فى كنيستهم واستمرار للتدخل السياسى الدولى فى شئون الكنيسة الأم ابتداءً من العهد العثمانى عام 1534 وحتى يومنا هذا.

عن الوطن المصرية