ٱب اللهاب
تاريخ النشر : 2018-08-09 13:50

 1- الإنسان بالإنسان...
الطفل يبكي بأقصى الحزن، في قلبه صيحة كالنار تشتعل!!!!
لقد باعوا مدينة أيامي، باعوا أحلامي... باعوها وصمتوا!!! باعوها وناموا في زورق لعبور الليل!!!! كيف تركتم مدينتي لليل، والليل لا يعرف وجهي!!! وأنا لا أعرف وجهك في الليل!!! ولا أعرف وجها يعرفني!!!
المراجيح والأمّهات تبكي من القهرو من الطائرات!!! بعد أن كانت واحة نخل وموج وبرتقال!!!
نصرخ وحدنا: نحن بشر ضعفاء لا قوي إلا الله!!!
أرفع الدعوات إلى الله ربي بعد كل صلاة...
أعرج، أنزف، أتكئ، أزحف، أتعثر، ألهث، أبحث في الطرقات، في السكون، في العيون!!! ألقاك في النوم!!! أنت سراب!!! أنت سراب!!! أكذب قلبي كيف يرى في المنام؟؟!!
أنا لا أملك ذراعا ولا ساقا ولا أصابع!!! أملك عيونا ترسم لوحتي هذي... تبرق في وجوه البشر، تبشر بالمطر
تكتب على جدران الليل:
أن الإنسان للإنسان!!!
أن الإنسان بالإنسان!!!
أن الإنسان يبقى إنسان!!!
****
2- بحث!!!
تألقت عيناه من الحزن كنجمين بعيدين!!!
سمع الخلق بكاء حزنه في ليله العميق، فأغلقوا كل النوافذ واستراحوا!!! تبلورت من دمعه فراشة عمياء، صماء!!!
توضأ بماء الله، وصلى واستغفر، وأطل برأسه نحو أشكال النجوم...
يا مالك هذا الملك، أين تريد...؟؟!! أين الأرض؟؟!!!
ثم أخذ يتلمس طريقه في ظلام أطفأ كل قناديله، لا يؤنسه إلا الليل!!!
وأوغل في البحر بعيدا!!!
كانت ريح قاسية تقاوم أحلامه الساطعة!!! والمركب ينوء تحت سخط الليل وأصوات البحر!!!
تعثرت قدماي فضيعت الطريق، وصرت أنا العثرة!!!
أغلق عينيه، وشرع أبواب الروح، تسلق في الهواء وقبض على خيط رفيع لكنه استرخي قبل أن يهوي!!!
أدخل كفيه عميقا في الليل!!! واحتمل الصرخة الكبرى وأطلقها بين النجوم!!! حاول أن يزرعها في أشلاء الكون!!!
ألقى العالم من يديه، وغفا في نوم كأنه النوم!!! وكأن النوم صار ينام!!!
ثم صمت الكون، وجاء من وراء جدار الصمت صوت: أن الشهداء يحبون الرجوع قبل حضور الصبح!!!
****
3- يباب!!!
القناديل تضيء ساعات ٱخر الليل هنا وفي شرفتها…
هو الٱن يتسكع …
هذا شارعها يمضي فيه كصمت متحرك عذبه سيده الغرام!!!
ليس معه سوى قلب مملوء بعسل الورد!!!
ورداء يحمله كأغنية عشق حزينة ينشدها عصفورعلى شباك غرفتها!!!
ماء رقراق يسري في جسمه كلهيب حزن وسهام…
***
أنام من تعبي في حلمي، وأمضي ورأسي مثقل مسكون بغربة كالأشواك...
لقد جئتك من منفى العمر… فهل تسمح لي سيدتي...؟؟!!
مولاتي لماذا تغلقين الأبواب؟؟!!
سألح وألح في إزعاجك!!! فسامحيني إن أسأت إليك أو ٱذيتك…
فأنا لا أقصد جرحك، لكني عشب يبحث عن تراب بين يديك!!!
***
لقد نام كل خلق الله ، والريح كندف الثلج تعفرني…
حزينة مرت ساعات ٱخر الليل وقد طلع الفجر يراقبني...
ما زالت في خدرها كزهرة بللها الطل فزادت مفاتنها لتغويني
أنت تراني إلهي أرتعش وأنتظرها وتغمض عني عينيها وتجرحني
مولاي، أنت تقدرإن أنت تشاء!!!!
أمر تقضي به وإن حار منه الأطباء!!!
****
4- ميثاق ووشم!!!
مر في الطريق الذي رسمتها خطاهم، بين الشجيرات التي خبأتهم وحفروا على جذوعها أسماءهم ...
لم يبق إلا ذكراك أيتها الأسرار!!! تحوم كفراشات شاردة وراء أجفاني!!! وتدب في جسمي ولا تنام!!!
هنا جلسنا، وهنا كتبنا ميثاقنا، وهناك صعدوا درجات نحو الفضاء...
يومها سكن الصمت في قلبه، والريح ظلت تدوي وتشعل الأحزان!!!
لم يبق الٱن سوى الأغنيات!!!
أغنيات حزينات بين الحطام!!!
****
5- اكتشاف!!!
يقترب الغروب، تحمر الشمس كوجه صبية خجلى، وتنسحب بهدوء كأميرة خلف ستائرها الأزلية!!!
عاشقة تفارق حبيبها بصمت، وتضرب موعداً جديداً لصباح آخر؛ ليكون اللقاء بمذاق الفراق، فتوقظ فيه ملامحها الجميلة تكرارا!!!
ظل ينظر وحده إلى ظلالها في شفقها اللازوردي… يفضحه الحنين فيتخيلها كما يريدها ويحبها!!!
إنه مازال مستبسلا في الانتظار، ينتظرها ليعيد اكتشافها!!!
لكن لماذا تختفي ثم تحضر؟؟!! هل تبحث عن بدائل لها ؟؟!!
هل تختفي لتعيد أناقتها وترتيب أشياءها؟؟!! هل يتوهم أنها ليست له وحده؟؟!!
ثمة شيء لا يفهمه، لا يجيد تفسيره!!! فكلما اقترب موعد لقائها شعر بالرهبة!!!
****
6- غريب...
وضعته أمه ككل الأمهات، لكنه لم يكن مثل كل الأبناء!!!
لا يذكر وجه أمه، لم يشعر بلمسة أمه !!! لماذا تركته أمه على قارعة الطريق؟؟!! ما ذنبه؟؟!! ليته تعلق بثوبها؟؟!!! من يأخذ بيده من عالمه القبيح ؟؟؟!!!
أنا الطفل الوليد الخطيئة، فتحت جفني على قدر ليس لي!!! أبحث عن ملجأ للغرباء، لكن لدي الوقت الكافي لأقهر الصمت!!! سألقى عليكم واجبا أليما ومخزيا :
لقد حضرت من الخطيئة وكأني أنا الخطيئة !! أنا الصواب الفاضح للخطيئة!!! أنا ككل البشر ،حضوري لم يكن بقراري ، كيف أثبتت براءتي ؟؟!! أنتم تعرفون ذلك !!! لكنكم لا تتحملون وجودي فهو يستفزكم ويظهر حقيقة زيفكم التي ترتعبون منها ، عندما أكون تظهر حقيقتكم وحقارتكم ، لقد تعودتم على التخفي والخداع ووجودي يفضحكم يجلدكم ، أنا أكثر من يعرف خفاياكم ،ويشهد على جبنكم ، أنا الشاهد على جريمة أنا ضحيتها تنتقمون مني لأني أعريكم ، سأبقى أصفعكم وأحوم فوق رؤوسكم وأنادي : أنتم خداع !! سأبقى أوبخكم حتى تخضعوا و تقروا بخطيئتكم ،أنا حقيقتكم التي تصرون على إخفائها ، ترفضونني لأني أصرعلى كشف حقيقتكم...
لقد غاب العدل في دنيا ترحم سفالتها بدون حياء!!!
****
7- طيف...
لقد أرهقني قلبي وضوضاء أيامي المتعاقبة!!!
أشعر بالجمود والهمود كأني تمثال زجاج مصقول، مسكون بالأطياف والأشباح، قال لنفسه!!!
رأها بذهول... رشيقة، تبتسم بدلع وولع ، تلاعب شياطين جسمها بغرور؛ فتأسر فوضى نظراته الحائرة!!!
من تكون هذه ؟؟!!
أهي في واقعه، أو كيف تكونت في خياله؟؟!! اختنقت أنفاسه
هزته رعشة قشعريرة، فرك عينيه ويديه، ثم سار نحوها بهدوء صاخب، حتى دنا منها، مد يده ليمسك بيدها… لا أحد، لاشيء!!! أين هي؟؟!!أهي في واقع خياله أم في واقع كالخيال أم مدفونة بين أنقاض الذكريات؟؟!!
****
8- لحن الخوف!!!
الموت أحمق متهوّر أحيانا!!! لكني لا أستطيع الركض بعيدا !!!
يقف الصبي بساقه المبتورة يرتكز على عصا، الشوارع خالية من الناس، والبيوت حوله خالية من الجدران!!!!
الفوانيس الحمراء تشعل الهواء بوحشية!!! الطيور السوداء تائهة في الظلام تطلق صرخات الانتقام المفزعة!!! كلب مشرّد ينبح من أول الليل صرخات جوفاء، الصبي ما زال يسمع قرع الطبول واخبار تزدحم بالمخاوف!!!
يتناول ٱلته الموسيقية ليعزف وهو واقف!!! هل يمكن تحويل الخوف لموسيقى؟؟!!!
****
9- حرير القمر!!!
دبّ المساء فينا، وهبط ضوء القمر بنعومة على سلمه الحريري، ونشرضوءه وألوانه برقةوخشوع!!!
فامتلأ المكان بالماء والغمام والصمت والليل والعشب الأخضر والزهور البرية المتعددة الأشكال، والعطور التي تبعث علي الهذيان، فاتسعت أعيننا على نحو غريب!!! وانتابتنا رغبة في الفرح إلى الأبد!!! والاعتقاد المجنون بالخلود!!!
بقلم: محمود حسونة(أبو فيصل)