لغز التحول الاسرائيلي اتجاه غزة..؟
تاريخ النشر : 2018-10-11 16:31

إسرائيل دولة الحرب والقتل والتدمير الشامل والدولة الوحيدة بهذا العالم التي لا تعترف بأي من القوانين الدولية ولا قوانين حماية الانسان تحت الاحتلال , وهي الدولة الوحيدة التي تمارس العنصرية والتميز على أساس القومية دون اكتراث لأي لوم دولي وتجلي هذا في قانون القومية الذي سن مؤخراً ليحول المواطنين العرب في إسرائيل إلى مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة بلا حقوق سياسية أو مدنية ودون مساواة مع المواطن اليهودي . 

لم ينسي أحد قساوة حروب إسرائيل الثلاثة على غزة وخاصة الحرب الأخيرة  عام 2014 ولم ينسي أحد كل إجراءات إسرائيل العقابية لسكان غزة ومنع أكثر من 1000 صنف من البضائع من الدخول إلى غزة من ضمنها الإسمنت وحديد البناء وكل مستلزمات الإعمار لفترة طويلة ولا أعرف إن كان البعض نسي هذا اليوم بعدما باتت إسرائيل تغزل بنعومة مع حركة حماس ليس خوفاً منها على ما اعتقد أو خشية من أن تهاجم المقاومة الفلسطينية والبلدات والمستوطنات الإسرائيلية على حواف غزة وتحتلها وتأخذ المستوطنين الإسرائيليين أسري, لكن يبدوا أن شيئاً ما في رأس إسرائيل غير طريقتها بالتعامل مع المقاومة الفلسطينية هناك ولي رأسها حركة حماس  .

 

لا اعتقد ولا أحبذ أن يعتقد أي أحد أن إسرائيل تحولت إلى دولة انسانية بين ليلة وضحاها و وندمت على ما فعلت بغزة والمذابح التي ارتكبتها  التي أوصلها إلى هذه المرحلة بل إن إسرائيل تنفذ خطة دقيقة جداً تتفادي فيها مواجهة مدمرة مع المقاومة بغزة وفي ذات الوقت تحقق لها هذه الخطة أكثر ما يمكن أن تحققه بالحرب مع بقاء خيار الحرب الخيار الثاني , إسرائيل لا تريد الكثير في البداية بل على العكس إسرائيل تريد أن تتوقف حماس عن الزج بالمدنيين الفلسطينيين إلى الحدود وبالتالي وقف كامل لنضال السلمي وكل ما يتعلق بمسيرات العودة وكسر الحصار وستقدم إسرائيل عبر قطر أو الإمارات بعض التسهيلات لغزة ما يوحي لحماس أن الحصار في طريقه للانتهاء والتلاشي  وأن غزة  ستتحول إلى فندق خمس نجوم   بل يمكن أن  تكون سنغافورة الجديدة .

في البداية سيشعر المواطن العادي بالتحسن في الكهرباء والمياه والمشاريع التي قد تستوعب ألالاف من العاطلين عن العمل , في المقابل علينا أن ندرك أن هناك خطة  لن تنفذها إسرائيل رزمة واحدة بل على مراحل تبدأ المرحلة الاولي من خلال الممول القطري والذي بات يدفع الأموال لهدف أبعد من الهدف الإنساني وتدفع هذه الأموال عبر أشكال عدة أهمها تغطية فاتورة موظفي غزة بحوالات مالية عبر إسرائيل  وارسال الوقود لمحطة توليد الكهرباء دون موافقة السلطة الفلسطينية .

 

لا اعتقد ان هناك تحول مفاجئ في سياسية اسرائيل اتجاه غزة بل اجزم ان الطرفان حماس واسرائيل تسيران باتجاه الهدنة طويلة الامد بعيدا عن موافقة السلطة الفلسطينية ودون مصالحة فلسطينية واجزم ان هذه الهدنة تسير الان بشكل هادئ وتدريجي حتي لا تحدث جلبة في الاوساط الفلسطينية او تتساءل الناس وباقي الفصائل الفلسطينية في غزة عن الثمن السياسي , ولعل هدف اسرائيل الكبير هو ليس انعاش غزة ورفع الحصار لتنتعش المقاومة هناك بل انها تعرف ان خطتها هذه ستقود في النهاية الى مشروع اكبر وهو غزة الدويلة  البديلة وتحقق بذلك اجهاض لمشروع فتح الذي يسعي لإقامه دولة فلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس وتحقيق حل عادل لقضية اللاجئين على اساس قرارات الشرعية الدولية , واخشي ان لا تستثني  خطة اسرائيل  ايجاد آلية  لتخزين سلاح المقاومة الثقيل وعدم اخراجه تحت أي ظرف كان والا فان اسرائيل ستوقف تنفيذ خطتها كما وستقود خطتها الي ردم انفاقها الهجومية اذا ما تم تقديم كل ما تريده حماس السلطة الفعلية في غزة لتبقي الحاكم الشرعي والذي يعترف به المجتمع الدولي ويتعامل معه  كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية .

 

ما يجري ليس بمعزل عن التوجه الامريكي  لاعتبار غزة مركز أي حل قادم وبالتالي فان كل التركيز الامريكي للسياسة  اليوم يرتكز على رفع الحصار عن غزة وتنفيذ عملية انعاش اقتصادي لسكان غزة وادخال حماس الى عمق العملية السياسية  كبديل لأبو مازن الذي يرفض وبشدة  صفقة القرن ويرفض أي اجراءات تؤدي الى تمرير الصفقة  ويرفض أي تعامل مع ادارة ترامب . في الحقيقة كل خيوط اللعبة الامريكية بيد جيسون غرنبلات  مبعوث ترامب للسلام في الشرق الاوسط من يتولى هندسة تمرير صفقة القرن , اليوم لم يخفي هذا الرجل  الاحتفال بنجاحه فقام على الفور  بتوجيه الشكر لكل من اسرائيل ومصر وقطر لتهيئتهم الظروف لإيصال الوقود الى غزة لتشغيل محطة الكهرباء وبالطبع شكره هذا له معني ان الجميع يعمل حسب خطة هذا الرجل و بإتقان والايام القادمة ستكشف ذلك . نتنياهو كرئيس حكومة الاحتلال حصل على دعم المجلس الوزاري المصغر ( الكابينت ) لهذه الخطة وقال في مؤتمر صحفي انه يبحث عن حل يعيد الهدوء والامن للبلدات على حواف غزة واضاف ان ما وصلت اليه غزة بسبب ابو مازن لأنه يخنق حماس اقتصاديا وهذا يدفع الى الانفجار واضاف انا لا اركض وراء حروب   غير ضرورية  بسبب التحديات الكبيرة علي الجبهات الأخرى في اشارة الى ان اسرائيل ترغب اليوم في تقديم كل ما تريده حماس والوصول الى الهدنة طويلة الامد لتتفرغ للعمل على الجبهات الأخرى .