كتب حسن عصفور/ جاء تقرير المنظمة العالمية "هيومن رايتس ووتش"، الفاضح لعمليات القمع والإرهاب الذي تمارسه أجهزة الأمن في "سلطتي رام الله وغزة"، ليكشف مدى الانحدار الذي وصل له حال الفلسطيني، مضافا لما يتعرض له من قبل دولة الكيان، إرهابا وقتلا وحصارا وتهويدا وإستيطانا..
المنظمة الدولية، في تقريرها المكون من 149 صفحة، استعرضت السلوك الأمني نحو المعارضين سياسيا، والذي يمارس بشكل ممنهج، سلوكا يعكس مدى "الرعب" الذي يصيب تلك الأجهزة من أي رأي مخالف تصل الى عملية استعراض عضلات على من يكتب رأيا أو نقدا على مواقع التواصل الاجتماعي..
التقرير، قدم هدية سياسية لدولة الكيان، والتي لن تترك مثل هذه التقارير المسيئة للفلسطيني، لتستخدمها في التغطية على مجمل جرائمها، التي ترتقي لجرائم حرب، خاصة بعد إعتراف رئيس وزراء دولة الكيان يهود براك بقتله 300 فلسطيني خلال 3 دقائق ونصف، دون ان يهز أي من "المدعين ليل نهار" بحرصهم على حقوق الإنسان، بل أن الإعلام الرسمي لسلطة رام الله تجاهل الخبر كليا، وكأنه حدث في بلاد غير البلاد..
تقرير المنظمة الدولية، ربما تحدث عن حالات هي أقل كثيرا من الواقع القائم، من مطاردة وملاحقة وقمع وتعذيب لكل من لا يكون على هوى سلطات رام الله وغزة..
ولعل التقرير، تناول جزءا من واقع المشهد "الإرهابي"، حيث تجاهل كثيرا من أبعاد القمع والمطاردة، فمثلا في الضفة، كقطع رواتب مئات من المخالفين لسياسة محمود عباس، ومنع تجديد جوازات السفر، وإحالة الى التقاعد المبكر من الوظيفة العامة، الى جانب القيام بعقوبات جماعية ضد أهل قطاع غزة، ما يرتقي الى جرم سياسي يفوق الجرم الجنائي..الى جانب عمليات حظر مواقع إعلامية دون أي مبرر سوى "غضب الرئيس".
وتمارس أجهزة حماس كثيرا من اشكال القمع وتكريس مفهوم سلطة "دينية"، عبر منح الجامع صلاحيات بوليسية ومراقبة وتقرير للسلطات المدنية، الى جانب ممارسة عمليات تعذيب تحت أقبية المساجد، وتنفيذ إعدام خارج القانون، ودون أي تصديق من أي جهة رسمية..
وبعيدا عن فضيحة التقرير سياسيا وحقوقيا، لتشويه الفلسطيني دوليا، جاء نفي متحدثين من سلطة رام الله في منتهى الخفة والصبيانية، عندما قال أحدهم، انها "تقارير كيدية" من جهات معادية للسلطة، ممارسة لعمليات الإنكار الغريبة، رغم ان أي طفل فلسطيني في الضفة يعلم يقينا ان التقرير لا يعكس كل الحقيقة، بل تناول أضعف نقاط البعد القمعي، وتناسى الجوهري في ملاحقة المعارضين في الراتب وجواز السفر، في تجاوز صارخ للقانون الأساسي للسلطة (الدستور المؤقت)، رد يعكس ان الإرهاب أصبح وكأنه "حق " لأجهزة القمع..
فيما تغافلت حركة حماس وأجهزتها الأمنية التقرير تجاهلا كليا، وكأنها غير صلة، او تقرير يتحدث عن جهات خارج نطاق سلطتها، وممارستها التي لم يعد بالإمكان إنكارها.
تقرير إرهاب سلطتي رام الله وغزة، يكشف أن توسع حركة القمع والتعذيب ومطاردة المخالفين، يكشف أن غياب الرقابة يمثل عنصر مركزي لتعزيز التسلط الأمني، المجلس التشريعي الذي يمثل أداة رقابة قانونية على أعمال السلطة التنفيذية بكل مؤسساتها ليس له حضور في الضفة الغربية، سوى في لحظات تمرير موازنة حكومة رام الله، من خلال رؤساء كتل نيابة في غياب الكتلة الأكبر (حماس)، ما يمثل مهزلة تاريخية لا سابق لها في الحكم العباسي.
وفي القطاع، رغم وجود لقاءات كتلة حماس البرلمانية، لكنها لا تمارس أي دور رقابي جاد ومسؤول على تلك الأجهزة، تحت ذرائع متعددة، وإن حدثت جريمة تهز المشهد تعلن تلك الكتلة عن تشكيل لجنة لبحث الذي حدث، وللمفارقة أنها لم تصدر يوما تقارير عن نتائج تلك اللجان، بل لم نسمع عن نقد حقيقي لأي ممارسة إرهابية - قمعية من أجهزة حماس الأمنية ضد أهل القطاع..
ورغم تعدد منظمات حقوق الإنسان الأهلية، لكن تأثيرها بات ضعيفا، وغير مؤثر ما لم تهتم بها مؤسسات دولية، وهو ما يندر حدوثه..
المسألة ليس ما جاء في التقرير أو ما غاب عنه، بل في عملية الإنكار الكلي أو التجاهل الكلي له من سلطتي "قمع منظم"، لتجسد عملية الاستخفاف المطلق، بدل أن تعلن كلاهما ولو من باب "رفع العتب"، انهما ستدرسان ما جاء به وفقا للقانون، عبارة كان لها أن تمنح الفلسطيني بعضا من "أمل"، بدلا من تأكيد غياب الأمل مع هاتين الكارثتين وطنيا.
ملاحظة: تصريحات رئيس الشاباك عن اللقاء مع عباس وجدول الأعمال الذي تم نقاشه يكشف كم أن الإسرائيلي هو "سي السيد"..الغريب انه بعد اللقاء وكشف اللي صار بيطلع أبو العبس بهدد بقرارات أخطر من التصور..معقول يا حودة!
تنويه خاص: نتنياهو يتحدث أن حماس ليست "شريكا سياسيا" لإسرائيل، وأكيد عباس مش شريك، ممكن حضرتك تخبر الناس مين الشريك اللي يمكن يريحك وينقذك من مقصلة الفساد يا فاسد!