قصة قصيرة (الحمير والزمن الأثير) !!
تاريخ النشر : 2018-11-22 16:14

علم أمير الحمير , أن الحمار أصبح مضربا للأمثال , يتداولها الإنسان في هذا الزمان , سواء للسخرية , أو للإشادة بما تقوم به الحمير , فقرر إرسال فرقة " العسس " , ومجموعة " الزنانات " , من صنوف الحمير لاستطلاع الأمر , وجمع ما يتداوله الناس من أمثال ,,, انطلقت جموع الحمير من الجحوش والكديش , إلى الكُر الصغير , وبعض الأتان الفاتنات الحسان , بحثا عن تلك الأمثال , في الأعراس والمكتبات , والمدن والأرياف والبلدات , لجلبها للأمير من أجل الفحص والتفسير ,,, وبعد تسلل كُرٌ صغير إلى إحدى المكتبات , تمكن من الوصول إلى كنز كبير , من الأمثال والحكم والحكايات , التي تدور حول الحمير هنا وهناك , وما يتداوله الناس من أقوال وأخبار الحمار .
أول مجموعة من الأمثال , كانت عن السخرية من الحمير , وجعلها أضحوكة للصغير قبل الكبير , فهذا مثل يقول " الخوف يجعل الحمار أسرع من الحصان " ,,, حمل الجحش الصغير هذا المثل لكبير الحمير , ليرى ما يصل إليه من تفسير, وبعد أخذ ورد وتفكير , ضحك كبير الحمير , وقال لصغيره الأثير , لا تتضايق ولا تزعل يا صغيري , فهذا المثل ينطبق على بني البشر قبل الحمير , فالخوف كما يقولون يجعل الانسان لا يعرف النوم , ألم يقولوا في أمثالهم " ثلاثة لا يعرفون النوم : الخائف والجعان والبردان " , ثم ألم يقولوا أيضا ( فلان "شخ "على حاله من الخوف ) , عندها أصابت الحمار الصغير نوبة من الضحك والنهيق , حتى سُمع له صوت ضريط .
بعد ذلك دخلت إحدى الأتان , من محظيات كبير الحمير , وعلى وجهها علامات الحزن والتعكير , بعد أن ذهبت لحضور أحد الأعراس في القرية , من أجل سماع ما يقال من أمثال في الأفراح والأعراس عن الحمير , فسمعت إحدى النساء تقول " تدعى الحمارة للعرس إما لجلب الماء أو الحطب " ,, عندها حاول الأمير أن يخفف عنها ما بها من تكدير , وقال لها , إن مجتمع البشر هم أكثر من يحتقر المرأة , وخاصة المجتمعات العربية , فالمرأة كانت إلى وقت قريب , وقبل ظهور جمعيات المرأة التي تنادي بالمساوة بين الرجل والمرأة , بعد ما كانت تتعرض له من اضطهاد , فهي فقط عندهم ليس أكثر من وعاء للمتعة , وعليها في القرى التي مثل ما قمت لها من زيارة لحضور أحد الأعراس , هي من تحمل الجرار لملء الماء من الأنهار والوديان , وهي من تجلب الحطب من الغابات , وهي من تشعلها في الأفران , وهي تعجن وتطبخ وتخبز الرغيف , وعليها أن تقدم الطعام عند الظهيرة وقبل الأذان , وإلا سيلحقها التوبيخ والتعنيف ,,, فرحت الأتان بما أخبرها به الأمير عن بني الانسان , وما تلاقيه المرأة عند البشر من دونية وتحقير , أكثر من مجتمع الحمير .
أحد الحمير الذي هجر بلاد الشرق إلى بلاد العم سام , وتمكن من اتقان لغة قومهم , عاد بناءً على طلب الأمير , ليخبره ما يقوله الأمريكان من أمثال عن الحمار ,, حضر الحمار المهاجر على أول رحلة على وجه السرعة حاملا معه أحد الأمثال , وبعد الاستقبال الحار , للقادم من أعالي البحار , وبعد التحية والسلام , سمح له الأمير بالكلام , فقال يا سيدي الأمير , رغم أن للحمير الكثير من الاحترام , بوجود أكبر حزب يحكم بلاد العم السام ويسمى " حزب الحمير " , إلا أنني سمعت مثلا أزعجني كثيرا , نظرا لما فيه من تحقير لمجتمع الحمير ,,, تشوق كبير الحمير لسماع المثل الذي يهين الحمير , في بلاد يحكم فيها رئيس حزب الحمير , وطالب الحمار القادم من بعيد بسرعة قول المثل بسرعة , ولكن بسهولة وبدون لعثمة أو تعقيد , بعد أن لمح ما حصل من تغيير في لغة هذا الحمار " ابن الحمير " , فبادره بالقول , إنهم يقولون هناك " الحمار ظن نفسه عالما لأنهم حملوه كتبا " ,, عندها استند الامير في جلسته , بعد أن كان مضطجعا , وهو يستمع للحمار المغترب , وقال إن هؤلاء الأمريكان يسرقون منا كل شيء , ألا يكفيهم نفطنا وأموالنا , وتسمية اكبر حزب لديهم باسمنا , ها هم الآن في الأمثال , يسرقون حتى تراثنا , ألأم يعلموا أن هذا المثل ورد قبل ما يقارب ألف وخمسمائة عام في القرآن " مثل الحمار يحمل أسفارا " , لكن ذلك لم يزعلنا أو يستفزنا , لأن من وصفنا هو خالقنا ,,, أما أن يأتي المثل من مخلوق مثلنا , فهذا ما يغضبنا ويثير حنقنا , ولا يجوز لبلاد يحكمها حزب من الحمير , أن يلحق بنا هذا التصغير والتحقير .
آخر الأمثال جاء به لكبير الحمير أحد الجهلة الأغبياء من الحمير , وقال يا سيدي الأمير , لقد سمعت بني البشر يقولون مثلا لم أفهمه , فقال له : أنا أعرف أنك غبي وجاهل , وأرسلتك لتأتي لي بمثل لا تفهمه , هات ما عنك يا حمار ,, سمعتهم يقولون " أمير جاهل هو حمار متوج " ,, ضحك كبير الحمير بزهو وافتخار , وقال أيها الحمار , هذا المثل من أفضل الأمثلة التي قيلت في حقنا , فقد مدحنا وأعطانا حقنا , فحين ينتخب بني البشر رئيسا أو زعيما أو أميرا جاهلا , فإنه يتساوى بنا , وجائزة لك بعد أن أتيت لنا بهذا المثل , سأمسح عنك صفة الجهل والغباء , وسأمنحك لقب الحمار الأثير , وستكون لي منذ اليوم كبير مستشاري الحمير.