دروس سياسية من الانتفاضة والمسيرة ونكسة القرار الأممي!
تاريخ النشر : 2018-12-08 10:12

كتب #حسن_عصفور/ سيبقى يوم 8 ديسمبر 1987 علامة فارقة مضيئة في مسار الكفاح الثوري الفلسطيني، حيث انطلقت شرارة "الانتفاضة الوطنية الكبرى" في وجه المحتلين والمحاصرين، رافعة القبضة والحجر رمزا مضافا لرموز الثورة بعد سلاحها وكوفيتها، انتفاضة أعادت الروح للثورة ومنظمة التحرير وزعيمها الخالد ياسر عرفات، بعد ان اعتقد من اعتقد أنها ذاهبة في "مهب الريح".

الانتفاضة الوطنية الكبرى، سجلت كأطول ثورة في التاريخ المعاصر، وبأنها صاحبة الاختراع السحري "الحجر في مواجهة الدبابة"، وصنعت رمزية جديدة للطفل الفلسطيني الذي كسر هيبة جيش الاحتلال ورهبته، انتفاضة كشفت كل "عرى المحتلين" كيانا وأجهزة، فاشية وعنصرية، انتفاضة قالت كلمتها، ان لا يمكن لأي كان أن يكسر روح الثورة والمقاومة عند شعب فلسطين، ولا يمكن لأي كان تجاوز قيادته الشرعية والوحيدة.

ذكرى الانتفاضة الوطنية الكبرى، تحمل من دروس السياسة كثيرا مما يفرض حاضرا قراءتها بعيدا عن "الجعجعات الشعاراتية"، خاصة وأن ذكرى العام الراهن تتوافق وقطاع غزة يشهد بعضا من ملامح تلك الانتفاضة، مسيرات العودة وكسر الحصار، كشكل كفاحي إبداعي جديد يضاف الى سجل "الإبداع الوطني" في طريق الخلاص ونحو بناء دولة فلسطين.
الدرس الأبرز الذي يحضر اليوم بقوة، ان "شعبية الانتفاضة – المسيرة" وسلميتها العامة، هي السلاح الأهم لكسر غطرسة العدو القومي، وفضح جرائم حربه التي تفتح الباب واسعا لإرساله الى محكمة الجنايات الدولية، دون جهود قانونية كبيرة.

في الانتفاضة الكبرى، برز الطفل مقابل الدبابة، ومنها خرجت صورة الجيش كاسر العظام، مشاهد ربما غابت نسبيا لكنها تبقى حاضرة دوما، أطفال "جنرالات انتفاضة الحجارة كما قالها الخالد المؤسس أبو عمار"، صنعوا ملحمة أطاحت بالرواية الصهيونية الكاذبة، وصنعت فخرا دخل كل بيت غير فلسطيني، في الوطن التاريخي وفي الخارج.

انتفاضة كادت أن تنتهي كل منجزاتها، بعد أن خرج البعض ليكسر مسارها الشعبي – السلمي وجرها الى مظهر جديد، ما فتح باب "فتنة داخلية"، نالت من هيبة الانتفاضة الأبرز في تاريخ الشعب الفلسطيني، وبحكمة القيادة السياسية والزعيم الخالد ياسر عرفات، لم تنجح تلك الفتنة الطارئة من طعن الروح الثورية لتواصل الانتفاضة مسارها، الى أن فرضت معادلة الاعتراف بالممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني على عدوها القومي، وانجبت اتفاقا فتح الطريق لبناء أول كيان وطني فلسطيني فوق أرض فلسطين، بعيدا عما حدث لاحقا.

دروس الانتفاضة الكبرى، تحضر مع مسيرات العودة وكسر الحصار، حيث تمكنت خلال أشهر أن تحدث إرباكا جذريا في المشهد العام، فلسطينيا وإقليميا ودوليا، مسيرات بقوة حضور وتنظيم فعال، أعادت الاعتبار لتلك السنوات، رغم أنها في منطقة مواجهة للمحتلين وليس تحت سلطات الاحتلال. مسيرات لها الكثير وبدأت تخسر كثيرا، خاصة مع اللجوء للمظهر العسكري، كان حقا ام فرضا ام انفعالا، يمنح الفلسطيني "نشوة خاصة" لكنه ينال من الأهم في المسيرات الشعبية.

معادلة التوازن في شعبية المسيرات واي شكل آخر، بما فيها الصواريخ، يجب أن تكون البند الأول على جدول الأعمال الوطني اليوم قبل الغد.

دروس الانتفاضة والمسيرات تفرض ذاتها بعد "نكسة" التصويت الكارثي في الجمعية العامة للأمم المتحدة 6 ديسمبر 2018 على المشروع الأمريكي لإدانة حماس وفصائل فلسطينية، حيث نالت أمريكا للمرة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة غالبية كبيرة ضد قرار يتعلق بالشأن الفلسطيني، 87 صوت لأمريكا و57 صوتا معارضا.

نعم، لم يكن التصويت ضد فلسطين، بل ضد حماس والجهاد، أساسا، لكنه بالجوهر ضد مشروعية الكفاح الوطني الفلسطيني، ولولا براعة مندوب فلسطين ودول عربية باللجوء الى مسالة التصويت بالثلثين، نظرا لكونها حالة خاصة، لكان "الفرح الفصائلي" بعد التصويت بات عزاءا شاملا.

حماس والجهاد قبل الآخرين، آن لهما أن يعيدا مراجعة الكثير من المسار الراهن، والتعامل مع العالم بجدية تفوق ما كان سابقا، وأن الأمم المتحدة، بكل هشاشتها كان لها أن تكون بوابة مطاردة لهما.

دون تفاصيل، فالمراجعة الجذرية الثورية من المسمى الى الرؤية، أكثر من ضرورة، ومن لا يتعلم من ضربات مفاجئة ليست ضمن المقرر لن يتعلم ابدا!

ملاحظة: أن تطلب فرنسا بضرورة رفع الحصار عن غزة ومعه تحقيق المصالحة الفلسطينية، الا يثير خزيا بأطراف النكبة الثالثة...مفترضين أن لا زال بهم بعضا من دم فلسطيني!

تنويه خاص: مشهد المندوب السامي القطري وهو يدقق في الوثائق الخاصة لمستلمي أموال المنحة القطرية تجسيد لحالة من الذل والمس بكرامة الفلسطيني التي لم ينل منها أحد...الفضيحة أن يتم ذلك تحت شعار "شكرا تميم المجد"!