موقف بحريني "شاذ سياسيا"!
تاريخ النشر : 2018-12-16 09:54

كتب حسن عصفور/ لم يكن الحديث عن وجود علاقات خاصة بين دولة الكيان ومملكة البحرين بمفاجأة سياسية، فهي ممن استجابت سريعا لدعوات رئيس سلطة المقاطعة محمود عباس بإرسال وفود الى القدس، تحت شعار "زيارة السجين ليست زيارة السجان"، وهي تعلم أن كل زيارة للقدس يجب ان تمر بقناة أمنية إسرائيلية وأخرى ديبلوماسية، أي موافقة الكيان شرط الضرورة لتلك الزيارة.

وبعد سمسرة سلطة المقاطعة وبعض شخصياتها "التي تستعد لمرحلة ما بعد رحيل عباس"، بترتيبات زيارة نتنياهو الى مسقط العاصمة العمانية، بدأ الحديث عن إشارات متلاحقة عن قيام ذات قناة السمسرة الفلسطينية، التحضير بإمكانية قيام نتنياهو بزيارة البحرين، في سباق سياسي كريه.

وسط ذلك، خرج وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد لينصب من نفسه "محاميا عاما" للدفاع عن الموقف الأسترالي حول الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة للكيان، بيانه يمثل ظاهرة غريبة وفريدة بذاته، بأن تصدر البحرين موقفا ليؤيد موقف رفضته أولا جامعة الدول العربية، وأمينها العام وزير خارجية مصر الأسبق، وكذا رفضته منظمة التحرير بلسان أمين سر تنفيذيتها عريقات.

ربما هي من الطرائف والعجائب السياسية، ان تقوم دولة عربية، بالدفاع عن موقف دولة غير عربية قررت ان تكسر قرارا عربيا، بوقاحة مسبقة، رغم ان هناك معارضة علنية من "الرسمية العربية"، ما يمثل منح القرار الأسترالي "زخما عربيا"، ويمثل جسرا عبور لأي دولة ستعترف بالقدس الغربية عاصمة للكيان، وإهانة لكل أسترالي رفض قرار رئيس الوزراء ذاك.

موقف البحرين، هو أول موقف عربي منذ العام 1948، يشكل خروجا عن قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقدس، وجميعها رفضت الاعتراف بضم القدس واحتلالها، واعتبرتها حالة خاصة، ولذا لم يكن من باب النسيان، ان أمريكا لم تعترف بالقدس عاصمة للكان حتى قرار ترامب قبل عام من تاريخ، وكل دول العالم تعلم ان ذلك ضد القانون الدولي والشرعية الدولية.

ولكن الوزير البحريني، يعلن ان دول العالم "تجهل القانون الدولي"، وأن كل قرارات الأمم المتحدة، جمعية عامة ومجلس الأمن حول القدس باطلة، بينما قرارات أستراليا وأمريكا والفلبين، وأي دولة تريد الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة للكيان لديها "كل الحق"، بشرط صغير أن تضعه في سياق "خدعة بسيطة، بالقول إنها ستعترف بالقدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين.

أن تكسر البحرين ظهر الموقف العربي، رغم "هشاشته" و"ضعفه" والبعض منهم "كذبه"، شيء وان تصبح محامي الدفاع لتبرير مواقف الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، شيء آخر، فهنا ليست إساءة فقط للموقف العربي والفلسطيني، بل تصبح أداة سامة لم يسبق أن تجرأ عليه أي كان من بلاد العرب.

المفارقة الأهم، ان الوزير البحريني يريد ان يشرح للفلسطيني ما هي مصلحته، وهو من تجاهل أحد أهم قضايا كانت محل صراع خلال مفاوضات اتفاق اعلان المبادئ عام 1993 بين منظمة التحرير ودولة الكيان، والقدس أحد عناصرها، حيث رفض الوفد الفلسطيني قطعيا ان تكتب القدس الشرقية، وأصر كشرط تفاوضي ان تكتب القدس دون تقسيم، مستندا الى "الشرعية الدولية" وعدم الاعتراف العالمي بما فعلته دولة الكيان، بما فيه موقف الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وغالبية دول العالم، عدا ثلاث منها غير ذات قيمة ابدا.

الوزير البحريني أهدى دولة الكيان ما يبحثون عنه، إخراج القدس الغربية، من إطار المحاسبة الشرعية، وترك القدس الشرقية كعنصر استغلال سياسي.

ما حدث من موقف بحريني يجب ان لا يمر مرورا هادئا من سلطة رام الله أولا، ومن الجامعة العربية ثانيا، فهي بذلك لم تكسر القرار الجمعي فحسب، بل قدمت مرافعة لشرعنة الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، وتلك الخطورة الأكبر.

هل تصمت سلطة عباس في سياق تقاسم مصالحها مع بعض العرب، ام تغضب وتعلن رفضا صريحا لذلك الموقف.

ننتظر بيانا رسميا واضحا من رئاسة السلطة وخارجيتها وناطقيها، الى جانب مؤسسات منظمة التحرير التي يجب أن تحدد موقفا صريحا واضحا وليس شرحا وتفسيرا، الرفض والإدانة لا تستوجب تفسيرا، والصمت شراكة بالعار السياسي، يا من تسمون ذاتكم ممثلي شعب، وأنتم لستم منه لا هوية ولا روحا!

ملاحظة: أجهزة أمن سلطة المقاطعة تستنفر ضد كل معارض لسياسة رئيسها العام وتراه "خطرا"، دون تعريف خطر على من بالضبط، لكنها تختفي كليا عن الأنظار مع ظهور جندي من جيش الاحتلال، يا شباب المشهد لا يليق ابدا بكم تاريخا... فكروا قليلا!

تنويه خاص: مع مباركتنا لحماس في ذكرى انطلاقتها، ما كان عليها ابدا أن تصادر قطاع غزة وتشل حركة العمل العام، ليبدو القطاع كأنه "بحيرة حمساوية"..."الشعبية مش بالإكراه"، مش هيك الدين بقول برضه!