مصالحة "الباب الدوار" والنهاية الواجبة!
تاريخ النشر : 2018-12-20 10:10

كتب حسن عصفور/ لم تتم اتفاقات ولقاءات يمكن حصرها، وتقديم أفكار ومبادرات كتلك المتعلقة بـ "إنهاء الانقسام" والمصالحة الفلسطينية، ولم يبق مقترح ما أو تصور ما لم يتم تناوله وتداوله، بل والاتفاق عليها، لكن تلك المسيرة لم تصل يوما الى ما يجب أن تصل اليه، ولم تعرف نهاية تتفق والمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، رغم كل الادعاءات التي تتشدق بها فصائل العمل السياسي في فلسطين.

جوهر الأزمة الذي تأكد خلال تلك السنوات، أن قطبي النكبة لم يبحثا وصولا لحل المسألة الوطنية، بل كانا يعملان بكل السبل لكيفية استخدام المتفق عليه، أو ما سيتفق عليه لحل "عقدهما الحزبية" حيث يسيطر كل منهما بدون إرادة وطنية، مع تحالفات موضعية وفقا للسلطة القائمة او المصلحة الطارئة، رغم ان كل ما تم صياغته تناول بشكل كبير حلا أو قريبا من الحل للعقدة الانقسامية.

ولعل الجهد المصري في العام الأخير، كان نموذجا محددا بعد أن توافق الطرفان في القاهرة، ثم وافقت فصائل العمل على ما توافقت عليه فتح (م7) وحماس، لكنه سريعا عاد الى مربع التذاكي هروبا من التنفيذ، لأن فصيل الرئيس محمود عباس لا يمكنه القيام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في الضفة الغربية، لكنه يطالب  بـ التمكين الكامل" في قطاع غزة، وبينما حماس تعلم يقينا انها لن تكون جزءا فاعلا من النظام القائم في الضفة لسبب احتلالي ونظرة عصبوية فتحاوية، لذلك تتفنن في خلق "الذرائع" لدفع فتح (م7)، الى الخروج عن المسار بأي شكل ممكن.

جوهر "العقدة التصالحية" تكمن في كيفية القفز عن مطبات حزبية يتم صناعتها لعرقلة القطار الوطني، وتلك المهمة لن تكون بالمطلق صناعة فلسطينية، مهما تبارت مختلف الفصائل والمكونات في التفاخر بقدرتها على ذلك، فبعد 12 عاما من الكارثة السياسية، لم يعد بالإمكان الارتهان مجددا الى تكرار ذات الوسائل والسبل، وقديما قال أهلنا بحكمة لا بعدها حكمة، "من يجرب المجرب عقله مخرب".

خلال الأشهر الأخيرة، الى جانب الورقة المصرية، التي تعتبرها حماس ورقة سياسية، فيما تراها فتح (م7) آلية تنفيذية، وبعيدا عن "مماحكة الوصف اللغوي"، فهي ورقة يمكن التعامل معها، ضمن رزمة عامة، تم تقديمها، وخاصة "نداء الاستغاثة السياسي" من فصائل متعددة، وما تقدم به أمين عام حركة الجهاد زياد نخالة، وما يمكن وصفه بـ "مبادرة هنية" الأخيرة.

لبداية جديدة، يمكن تكليف هيئة خاصة فلسطينية بالتشاور مع الأشقاء في مصر، بصياغة "رؤية جديدة" مشتقة من كل تلك "الأوراق – المبادرات"، مع وضع آلية تنفيذية محددة ملزمة، ضمن جدول له بداية ونهاية، بحيث لا تبقى أي مسألة مفتوحة أو مرهونة بأي تطور خارجي، وبالتأكيد، عدم تغييب البعد السياسي في أي "ورقة – مبادرة" للعمل القادم، فوضع أسس سياسية ضرورة تستبق أي خطوة أخرى، ومن له تحفظات ليعلنها ومن لا يريد المشاركة من حيث الأساس يعلن مسبقا، مع وضع فصيله أمام مسؤولية الالتزام بالعمل ضمن التوافق، وان لا يكون عاملا معرقلا.

ومع صياغة ورقة – مبادرة جديدة، تتقدم الشقيقة الكبرى، مصر بدعوة كل فصائل العمل وشخصيات وطنية، لعقد لقاء شامل، في القاهرة لبحث "الجديد السياسي" نصا وآلية تنفيذية مغلقة بزمن، مع حضور ما يمكن اعتباره "الضامنين" للاتفاق مع مصر، وبالأساس الجامعة العربية بما تمثل، الى جانب روسيا بكل ثقلها الإقليمي والدولي، وهي تمتلك علاقات خاصة مع بعض الأطراف العربية والإقليمية ذات التأثير على أطراف فلسطينية، وربما يجب التفكير بمدى أهمية مشاركة ممثل الأمم المتحدة للشرق الأوسط في هذه العملية، كمراقب أو كضامن وفق ما تراه مصر.

نقاش المضمون السياسي والتنفيذي بمشاركة فلسطينية شاملة تحت الرعاية المصرية، وبحضور "الضامنين" سيكسر حلقة "الباب الدوار" التي مرت بها عملية المصالحة، خاصة مع وضع لائحة تنظيمية لمحاسبة من لا يلتزم بتطبيق ما يتفق عليه، بكل ما يتبعه ذلك من إجراءات سياسية وتنظيمية ومشتقاتها المالية والعلاقات الخاصة ثنائية وجمعية.

المسألة لم تعد تحتمل كثيرا من "الترف السياسي"، وكل تأخير لاستمرار الوضع القائم هو مشاركة عملية في تمرير صفقة ترامب، لطمس المشروع الوطني الفلسطيني لصالح المشروع التوراتي التهويدي، بعيدا عن كل "خطب الكلام" التي لا قيمة لها في مسار الأحداث.

لتفتح القاهرة ورشتها السياسية الأهم لحماية فلسطين، القضية والأرض والشعب بوضع حد للنكبة الرابعة قبل أن تصبح واقعا سياسيا في نكبة خامسة!

ملاحظة: أوقفت منظمة الغذاء العالمي دعمها لـ 190 ألف أسرة فلسطينية بحجة وقف أمريكا تمويلها، ألا يمثل ذلك إهانة لدول عربية ذات الثقل المالي...كل ما يلزم لا يمثل جزءا من مصاريف دعاية علاقات عامة لها!

تنويه خاص: من المفارقات التي تستحق التفكير، أن أمريكا لم تنسق خطوتها بالانسحاب من سوريا سوى مع نظام رجب التركي ونظام الكيان العنصري في تل أبيب...هاي كمان بدها شرح لحقيقة ما يجري ومن يخدم من يا متأسلمين!