جمانة وفجر و"التطبيع الثوري العباسي"!
تاريخ النشر : 2019-01-02 11:04

كتب حسن عصفور/ قبل عدة أيام أثارت دولة الكيان الإسرائيلي "زوبعة سياسية"، بعد أن انتشرت صورة لوزيرة الإعلام الأردني جمانة غنيمات وهي تدوس بقدميها علم الكيان، خلال مرورها لحضور فعالية في مقر مجمع النقابات الأردنية، المكان الذي يعتبر التطبيع "جريمة سياسية".

تل أبيب اقامت دنياها السياسية حول تلك الحادثة "السياسية"، أو بالأدق "السياسية – الإنسانية"، كونها تدرك أكثر كثيرا من بعض حكام زمن الردة العام، بأن اعادة الاعتبار الى الحركة الشعبية لرفض أي حضور إسرائيلي، سيعني إعادة طوق العزلة العام الذي كان مضروبا عليها عربيا وبالنتيجة دوليا، لذا لم تترك حكومة الطغمة في تل أبيب للحادثة مرورا عابرا، رغم توضيح الخارجية الأردنية رسميا طبيعة الحدث.

حرب إعلامية – سياسية وديبلوماسية شنتها إسرائيل على السيدة غنيمات، دون أن ترمش عين الوزيرة كونها تعلم يقينا ان تلك الحادثة ستبقى علامة فارقة في مسارها السياسي – الإعلامي، وما سيقال لاحقا عنها، تلك الشجاعة التي داست علم الكيان وهي في منصبها الرسمي، وهذا هو القيمة الأهم.

بعد أيام خرجت إعلامية كويتية، لتكتب مع بداية العام الجديد، باللغتين العربية والعبرية: "أتوقع السنة الميلادية الجديدة 2019 ستكون بإذن الله سنة خير وأمن وأمان… وبهذه المناسبة السعيدة، أحب أن أقول لكم إني أؤيد وبشده التطبيع مع دولة إسرائيل، والانفتاح التجاري عليها، وإدخال رؤوس الأموال العربية للاستثمار وفتح السياحة، وخاصة السياحة الدينية، الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة".

وفي تغريدة أخرى تقول "إن دول المواجهة مصر والأردن، ومنظمة التحرير، كلها موقعة معاهدة سلام مع إسرائيل… ونحن في الكويت وبعض دول الخليج ما زال خطابنا كله عداء وإنذار بالمواجهة، بينما في حقيقة الأمر لا نقوى عليه".

لا ضرورة للإشارة أن الجزء من تلك التغريدة "غير السعيدة" هي تلخيص مكثف لدعوة رئيس سلطة "الحكم المحدود جدا" محمود رضا عباس وفريقه من مركزية فتح، الذين يدعون ليل نهار الى زيارة القدس تحت شعار أن "زيارة السجين لا تعني زيارة السجان"، تلك الكذبة السياسية الكبرى باستغلال مدينة القدس لتمرير كل أشكال التطبيع مع دولة الكيان، بل ويسمسرون له علانية.

إعلام دولة الكيان فتح أبواب الترحيب بكل العبارات المستطاعة بما "غردته السعيد" حتى وصفتها خارجية الكيان بـ "فجر الشجاعة"، وهذا ليس بمفاجئ ابدا، بل كان سيكون صدمة كبرى لو ان الكيان حكومة وإعلاما واوساطا رسمية لم تصنع من تغريدة فجر "حدثا" للافتخار، خاصة بعد ما أقدمت عليه جمانة غنيمات.

ما يلفت الانتباه من الحدثين، ان الكويتية صديقة سياسية – شخصية لرئيس سلطة المقاطعة عباس، لا يترك مناسبة دون أن يلتقيها، وسهل لها زيارة الكيان والقدس المحتلة وفتح لها باب المقاطعة ترحيبا وسعادة بـ "قدومها اللا سعيد"، فيما لم يرفع سماعة هاتف ليعلن تضامنه مع الوزيرة غنيمات، ولم يطالب سفيره في عمان بزيارتها وتأكيد فخر الفلسطيني بموقفها، وأنها بذلك أعادت روح الرفض للجرائم الكيان التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني.

كم كانت مفارقة كبرى، انه في وقت "تغريدة فجر التطبيعية جدا"، التي تتجاوز كل محرم سياسي وشعبي معلن، خرج محمود عباس ليتهم جزء واسع من سكان قطاع غزة، بأنهم "جواسيس"، هكذا من يسمي نفسه رئيسا لشعب فلسطين يتهم عشرات آلاف من بني فلسطين بالتجسس، متجاهلا أن كل ما يدعو له من سياسة وينفذه ممارسة لا ينتج سوى ما قالته "فجر السعيد" فعلا "تجسسيا".

صفعة غنيمات للعدو القومي وجدت تجاهلا من عباس وتحالفه الحزبي والفصائلي، وتغريدة فجر تجد لها ترحيبا وفرحا بانتصارها لـ "المنهج العباسي" في "التطبيع الثوري"، عبر مقولة الكذب الخاص "الزنزانة والأسير".

ملاحظة: ليبرمان وبطريقته أراد أن يكشف مدى كذب مسؤولي سلطة المقاطعة، بالحديث عن جانب جديد من حوارهم معه، قبل الاستقالة، وليس كما قالوا أنهم أبلغوه رسالة حول الاتفاق الاقتصادي، فالحديث كان حول كل شيء ومنها خطة ترامب...حبل الكذب قصير جدا جدا!

تنويه خاص: وصلة الردح السياسي المعاصر التي افتتحها عباس وردت عليها حماس تتواصل لليوم الثالث على التوالي... هيك صار بدها تلفون من "تميم المجد الفخر" ليخرسهم بكم دولار لأنها اللغة الأهم اللي بيفهموها صح!