اتفاقية الغاز: تطورات لا يمكن للحكومة تجاهلها
تاريخ النشر : 2019-01-05 19:02

لا تستطيع الحكومة بعد الآن تجنب التعليق على اتفاقية الغاز مع إسرائيل “الاتفاقية وقعت مع شركة نوبل أنيرجي الأميركية لاستيراد الغاز من حقل غاز تسيطر عليه إسرائيل في البحر”.
نسخة من الاتفاقية باللغتين العربية والانجليزية حصلت عليهما لجنة الطاقة النيابية بطريقة غير رسمية لم تكشف اللجنة كيفيتها، أخضعتها أول من أمس لنقاش أولي في اجتماع حضره عدد غير قليل من النواب، وقف جلهم ضد الاتفاقية مع قبول مبدئي بفتحها في جلسة مناقشة عامة تحت القبة.
رئيس المجلس عاطف الطراونة صرح بأنه لن يبحث بأمر الجلسة العامة قبل تسلم توصية بهذا الخصوص من لجنة الطاقة النيابية، وهو إجراء متوقع بداية الأسبوع. وعلى هذا الأساس فإن الحكومة ستكون بلا شك أمام استحقاق مناقشة الاتفاقية تحت قبة البرلمان قريبا.
ثمة أسئلة كثيرة ستكون مدار جدل قانوني ودستوري وأخرى تتعلق بالجدوى الاقتصادية للاتفاقية، ناهيك عن المناخ السياسي الطاغي على الموقف من الاتفاقية بوصفها شراكة مع دولة محتلة تسرق الغاز الفلسطيني وتبيعه عبر وسيط أميركي.
الاتفاقية لم تطرح على البرلمان كمشروع قانون، ولا تفكر الحكومة بطرحه على هذا النحو. هذه المسألة تخضع لنقاش مستفيض منذ زمن، فهناك رأي لقانونيين يتمسك بطلب عرضها على مجلس النواب ما دامت هناك أعباء مالية مترتبة على الخزينة بوصفها الجهة التي تكفل شركة الكهرباء الوطنية الممثل عن الجانب الأردني في الاتفاقية. وثمة اجتهاد قانوني آخر لا يرى موجبا لذلك ويذكر باتفاقية الغاز المصري التي وقعها الأردن مع شركة الفجر، ولم تعرض على البرلمان في حينه.
أما لناحية الجدوى الاقتصادية، فالنقاش سيكون أكثر سخونة، خاصة وأن التفاصيل بهذا الشأن ما تزال غامضة، ولم تتضمنها الفصول المفرج عنها من الاتفاقية لمقارنتها مع الاتفاقية مع الجانب المصري أو الأسواق العالمية. إضافة إلى الجدل الذي أثاره تصريح لوزيرة الطاقة عن وجود بند جزائي في الاتفاقية يفرض على الأردن دفع مبلغ يزيد عن مليار ونصف المليار دولار في حال تراجع عنها.
الجوانب القانونية والاقتصادية في الاتفاقية عناوين قابلة للنقاش بشكل علني وشفاف، ولا يمكن للحكومة أن تتجاهلها، ويمكنها على هذا الصعيد أن تقدم ردا متماسكا، يساهم في خفض حدة التوتر المصاحب للاتفاقية، ما يجعل من الجانب السياسي عنوانا ثانويا، هذا على فرض أن الاتفاقية ذات جدوى اقتصادية فعلا للأردن.
أما بشأن دستورية الاتفاقية،على الحكومة التفكير جديا بعد عرض كامل تفاصيلها أمام النواب والشعب أن تفكر جديا بطلب التصويت عليها من البرلمان، كي لا يتحول الأمر برمته إلى “وصمة عار” تلاحق مؤسسات الدولة في المستقبل.
بهذا المعنى على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها، ولا تتردد في تحمل التبعات أيضا، فمهما كانت الأضرار على المدى القصير تظل أقل وطأة على الدولة للمدى البعيد.
للتذكير فقط، برلمان 93 الذي ضم مختلف ألوان الطيف السياسي هو من أقر اتفاقية” وادي عربة” مع إسرائيل. صحيح أن الظروف تغيرت، لكن المعطيات ثابتة، وإذا توافقت إرادة الأمة بكل أركانها ومؤسساتها خلاف ذلك فليملك الجميع الشجاعة لرد الاتفاقية أو طلب تأجيل تطبيقها أو تعديلها.

عن الغد الأردنية