الدولة الفلسطينية..."كادوك" عباسي مستحدث!
تاريخ النشر : 2019-01-06 09:45

كتب حسن عصفور/ سنتعامى عن "حفلة توزيع الأوسمة" في السنة الأخيرة التي يقوم بها رئيس "سلطة حكم المقاطعة المحدود جدا"، لمن يستحق ولمن لا يستحق، كما لا ضرورة للوقوف كثيرا امام "حفلة الكلام" وتناقضاته في حوار مع إعلاميين مصريين، غاب عنه أي من مرافقي الرئيس محمود عباس الدائمين، وحضر المفتي الخاص ونجل الرئيس "رجل الأعمال، الذي لا يحمل أي صفة رسمية تسمح له بالمشاركة في أي عمل رسمي، لو أن هناك احترام لـ "المؤسسة الرسمية"، ما لم يكن لديه "تفسيرا قانونيا من "المحكمة الدستورية" يمنح لنجل الرئيس ان يكون ضمن الوفد الرسمي...

حديث الرئيس عباس الإعلامي الأخير مساء الجمعة 4 يناير 2018، تطرق الى مواضيع متعددة، لكنه أصر بانه لن يختم حياته "خائنا"، دون توضيح لما تلك العبارة وما هو سبب الإشارة اليها، وأعاد توجيه "اللوم" و"العتاب" لرئيس حكومة دولة الكيان نتنياهو، بأنه سمح ادخال أموال الى حماس في قطاع لتقوم بعمليات عسكرية في الضفة ضد جيش الاحتلال، وبدلا من "العقاب" كما يطالب عباس، ذهب نتنياهو لمكافئتهم...

في الزمن الطبيعي، مثل هذه العبارة، بأن يلوم من يحمل صفة "رئيس" الشعب الفلسطيني، عدو على ادخال مالا لجزء من شعبه، تكفي لطرحها للمساءلة الوطنية، كونها تحريض العدو القومي بمزيد من حصار قطاع غزة، وأنها تكشف أن التنسيق ليس أمنيا فحسب، بل وصل الى تنسيق كل الخطوات لتركيع أهل غزة، عبر الموت جوعا، وتفضح كل قول يحاول الادعاء بغير ذلك، وتعيد الى الذاكرة رسائل مسؤول الارتباط المدني، عضو مركزية فتح (م 7)، حسين الشيخ قبل عامين، التي تطالب رسميا بوقف ارسال الوقود والغاز والكهرباء الى قطاع غزة، الى جانب فرض حصار مالي شامل.

ربما، يرى البعض، ممن فقدوا "الحصانة الوطنية"، ان اللجوء الى "العدو الوطني" لتركيع "الخصم الوطني" مشروع في فترة ما، قافزين عن أن تلك بشكل أو بآخر تعتبر "خيانة" في زمن ما وظروف ما، ولا يمكن لأي سبب كان، ان تصبح دولة العدو "شريكا" للخلاص من "حكم خصم مناكف".

ولكن، الأهم وربما الجوهري، في لقاء عباس مع الإعلاميين المصريين، هو تأكيده الصريح، ان لا "دولة فلسطينية خلال الـ 15 عاما القادمة"، حكم سياسي قاطع أطلقه رئيس دولة فلسطين، كما يقال...وأن هناك "كينونة في غزة وحكم ذاتي للضفة".

يبدو أن "الرئيس" عباس لم يفكر كثيرا في هذه العبارة التي تقدم الضفة الغربية "هدية" سياسية لمشروع التهويد الأوسع منذ قيام دولة الكيان اغتصابا لفلسطين التاريخية، وتخرج منها "المنطقة الملعونة توراتيا" المعروفة في الجغرافيا السياسية بقطاع غزة، والتي يبدو انها باتت "ملعونة" أيضا في "الثقافة العباسية".

اعلان "رئيس دولة" فلسطين انها لن ترى النور في السنوات الـ 15 سنة القادمة، يطرح السؤال، وبناء على تلك "النبوءة العباسية"، ماذا أنت فاعل كي لا تموت "خائنا" كما صرخت بصوت جهوري، هل ستسمر في الاحتفاظ بكل أشكال "العلاقة الارتباطية" مع أجهزة الاحتلال، أمنيا، سياسيا، اقتصاديا، واجتماعيا، عبر اللقاءات خارج السياسة.

هل نعتبر هذا التصريح، بمثابة رد عملي أن لا ضرورة لإعلان دولة فلسطين، وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 19/ 67 لعام 2012، والانتقال من مرحلة انتقالية أطاحت بكل ما كان لفلسطيني في اتفاق اعلان المبادئ عام 1993 (اتفاق أوسلو)، وأبقت ما للإسرائيلي مضافا له كل ما نفذه تهويدا واستيطانا، وانهاء للهوية الكيانية في الضفة والقدس، وعزل قطاع غزة في جيب محاصر...

الإعلان بأن لا دولة خلال الـ 15 القادمة، رسالة احباط سياسية شاملة، تقول للفلسطيني أن "التضحية الوطنية" بلا نتائج طول السنوات المقبلة، ودعوة لـ "التعايش" مع الواقع القائم وفقا لـ "شروط الإدارة المدنية" لجيش الاحتلال، التي بدأت تتعامل مع الفلسطيني في الضفة الغربية كما المستوطن كـ "مواطن مقيم" مرتبط بها، وقانونها...

في عالم السياسة لا توجد تصريحات تمس جوهر المشروع الوطني يمكن الإشارة اليها بفعل "سقط سهوا"، أو تم إخراجها من سياقها، بحكم درجة الوضوح بها فهي لا تحتمل تفسيرا ولا تأويلا...فهي رسالة قاطعة للفلسطيني، ابحث عن مهمة سياسية خلال 15 عاما قادمة عدا الدولة الفلسطينية...إنسى بالطريقة العباسية!

المفارقة الكبرى، ان هذه الجملة التدميرية في عالم الوطنية الفلسطينية، لم تجد أي من فصائل "العويل السياسي" على مبنى تلفزيون فلسطين تقف أمامها، إن لم يكن رفضا واستنكارا وإدانة، فليكن الاستفسار عما يراد من تلك العبارة الخارجة عن النص الوطني المتفق عليه، وهل لا زال هناك هدف مباشر للشعب الفلسطيني غير "إطالة أمد الاحتلال"!

عباس يقول للشعب الفلسطيني، "كفاكم العيش في جلباب الحلم العرفاتي بأن الدولة على مرمى حجر..."، تعايشوا مع الواقع القائم بما هو ممكن، أي إعادة انتاج "تحسين شروط المعيشة" الذي عرضته شخصيات فلسطينية في منتصف الثمانيات ونالت من الأوصاف ما نالت، وبعضها تعرض لمحاولة الاغتيال...

لقد كان "الأمل الوطني" أحد اهم أسلحة الثائر المؤسس ياسر عرفات...ولن يصبح "كادوك" بعد رحيله، شاء من شاء وأبى من أبى...وليمت عطشا محروما حتى من ماء البحر من يعتقد به.

ملاحظة: دولة الاحتلال فتحت باب حصر "الأملاك اليهودية" في الدولة العربية قبل عام 48...طيب منيح هيك بيصير لازم نحدد أملاك الفلسطينيين في فلسطين قبل الاغتصاب أرضا وممتلكات...مش هيك يا هووووو!

تنويه خاص: حملة الاعتقالات "الاحترازية" التي تنفذها أجهزة حماس الأمنية في قطاع غزة ضد عناصر فتح "م7"، لا تليق ابدا بمن ادعى يوما أن أمن السلطة اعتقله في غزة بشبهة وليس بتهمة...عيب!