انتصارات فلسطينية "شفهية" مقابل موت حقيقي!
تاريخ النشر : 2019-01-19 10:31

كتب حسن عصفور/ ليس الخبر الأول، ويبدو لن يكون الأخير، ان يختار الفلسطيني الموت بطرق مستحدثة، غير التي سجلت في مساره الكفاحي ضد العدو القومي، بحثا عن مستقبل مختلف، بعد العثور على مركب قرب شاطئ جزيرة "فارمكونسي" اليونانية، يحمل 35 شابا فلسطينيا من قطاع غزة، استشهد منهم حتى ساعته، الشاب حسام أبو سيدو.

منذ القرار الأمريكي – الإسرائيلي بفرض انتخابات 2006، دخلت "الظلامية السياسية" المشهد الفلسطيني وباتت سيدة القرار في ر حلة الانقسام – التقسيم، فتحت كل أبواب القهر الإنساني والفقر الاجتماعي، وشجع الفلسطيني على ان يبحث طرقا للعيش بعيدا عن "ظلامية المكان" التي أصبحت الحاكم الفعلي في مستقبل لم يعد له وضوح، بل فقدان الأمل الوطني وفقا لتصريحات رئيس سلطة الحكم المحدود محمود عباس، أحد طرفي المعادلة الظلامية القائمة.

الموت غرقا عبر هجرة "قسرية" في بحر المتوسط تفتح ملفا إنسانيا، يجب ان يكون أولوية لفصائل "تحرير الوطن باللغة والكلام"، بعد أن فقدت كثيرا مما كان لها يوما في المسار التحرري، فالحدث الغزي الجديد رسالة كاشفة للفضيحة السياسية لكل المؤسسات القائمة في سلطتي الأمر الواقع، المفروض قهرا على بقايا الوطن في ضفة وقطاع.

وسط المصيبة الكبرى التي تسيطر على حقيقة المشهد الفلسطيني، يخرج طرفا النكبة الانقسامية ليستعرض كل منهما "قوائم الانتصارات" التي جلبها، وكأن الشعب لم يعد يملك عقلا ولا يرى واقعا ولا يسمع حوله، يستعرضون "انتصارات وهمية" بلا روح متجاهلين موتا حقيقيا لحياة ولمستقبل سياسي ووطني وذاتي، وباتت كل الخيارات مفتوحة للموت، غير خيار البحث عن "نصر مبين" كاذب.

الاستشهاد سمة للشعب الفلسطيني، يتغنى بها لا يرتجف امام مواجهة عدو في سبيل ووطن وقضية ومشروع، لكنه لم يتوقع يوما ان مسار تلك المسيرة الكفاحية الطويلة ستحذفه للموت غرقا، على شواطئ بعيدة بحثا عن "لقمة خبز"، فيما شقيقه ينتفض في شمال البقايا لذات سبب الحياة، دون ان يهتز لكل شعارات الابتزاز أو الخداع السياسي.

الهجرة الممكنة سلاحا للشباب الغزي، فاقد القدرة على الانتفاض في وجه القابع بقوة القهر، وغضبا شعبيا ضد سلطة أمر جدارها المحتل سلاحا للشقيق في الضفة، كلاهما وضع أولوية غير الأولوية الفصائلية، وهي من السوابق السياسية التي كان التفكير بها "جرما محرما"، وليس القيام بها فعلا واقعا.

وليس مفاجئا ابدا، ان تتجاهل المسميات الفصائلية تلك المظاهر التي تمثل "خطرا حقيقيا" على ما يمكن الحديث عنه بـ مشروع وطني"، لم يبق منه سوى عناصر تسجل في بيانات سياسية، بعد نجاح غير مسبوق للمشروع التهويدي في شمال البقايا، وتكريس لواقع مخطف في جنوب البقايا، يبحث ذاته دون ذات الوطن.

الإحساس بالمسؤولية يبدأ بقراءة تلك المتغيرات بما لها أثر على القضية الكبرى، وليس بالاستمرار في "رحلة الاستغباء السياسي" المستمرة منذ ما يزيد على 12 عاما، أفقد الفلسطيني كل روح للعطاء في سبيل الوطن.

سيخرج البعض ليرى في مسيرات العودة النموذج المعاكس، وهو يعلم ان جوهرها بحثا عن استشهاد من أجل لقمة الخبز أيضا، وشعارها كفيل بترجمة كل الحقيقة، هي الوجه الآخر لاستشهاد هجرة قسرية هربا، خيار الموت غرقا لـ "كسر الحصار".

تغنوا كما تحبون بانتصاراتكم السياسية العالمية، وهما ام حقيقة، وتغنوا بأمجاد "مقاومة" كما تشاءون، ولكن فكروا بالفلسطيني انسانا وقضية، فلا تكسروا روح "شعب الجبارين" وجناحي "طائر الفينيق"!

ملاحظة: بعض أصوات إعلامية عربية ذهبت بعيدا في سفالتها السياسية، مستغلة انحدار المشهد الفلسطيني من كويتية فاقدة الذاكرة الى سعودي يرى أن القرآن لم يذكر شعب فلسطين بل بني إسرائيل...كفاكم عارا يا هؤلاء!

تنويه خاص: ما حدث من وزير في حكومة رام الله ضد أهل الخليل ونشطاء المقاطعة، ما كان يجب أن ينتظر تحقيقا...الاقالة فورا ثم التحقيق للمحاسبة، كي لا تسرعوا في حسابكم القادم لا محالة!