خطاب نصرالله ليس بـ "حسن"!
تاريخ النشر : 2019-01-27 10:14

كتب حسن عصفور/ بعيدا عما أصبغت عليه قناة "الميادين" من لقب "لقاء العام"، مع حسن نصر الله أمين عام حزب الله، وحجم المتابعة نتيجة لما أشاعته دولة الكيان لسبب غيابه عن المشهد الإعلامي، فالمقابلة أضفت كثيرا من الأجواء السلبية، بل والضارة سياسيا، وربما فقد أمين عام حزب الله فرصة مميزة جدا، لأن يعيد تقديم صورته الى المنطقة العربية، بشكل مختلف عما كانت في سنوات مضى، وان يضع مسافة ما بين "هواه السياسي – الطائفي" وبين "المصلحة القومية" ضد مشروع عام.

بلا شك، فحزب الله وأمينه العام نصر الله، لهما قبول خاص عند شعوب عربية، نظرا لما يعلنه من مواقف ضد إسرائيل، ومعركة 2006، ولا يتوقف البعض عند "العقدة الطائفية" التي تتحكم كثيرا في مسلك الحزب وأمينه العام.

من حيث المبدأ، لم يظهر أي جديد يمكن ملاحظته في المقابلة التي كانت محل متابعة واسعة، بل ربما العكس كانت في جزء منها "سلبية" و"طائفية بامتياز"، وفي لحظات تحدث كإيراني بقوله "وضعنا في العراق وسوريا واليمن ولبنان ممتاز"، ولعل تلك "سقطة سياسية" ما كان لها ان تكون من شخصية لها تلك المكانة المميزة، وتعيد بالذاكرة موقفه ضد الشهيد الخالد المؤسس ياسر عرفات بعد قمة كمب ديفيد 2000، عندما فتح نيرانه تأييدا لموقف الزعيم الديني الإيراني خامنئي والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.

نصر الله، بدأ في المقابلة، وكأنه رافض لأي "تطبيع" في العلاقات العربية مع سوريا، خاصة الخليجية منها، وتناولها بشيء من التحريض السلبي، خلافا لما أبدته وسائل الإعلام السورية، ما يفتح باب التساؤل، لماذا ذلك، وتركيزه على السعودية والإمارات، وتجاهله كليا للدور القطري والمهادنة الصريحة جدا لتركيا، تشير أن الحسابات ليست سورية ابدا، وبالقطع ليست عروبية، دون تجاهل مسؤولية كل بلد دعم الإرهاب ضد سوريا الدولة.

كان لنصر الله، أن يكون عنصرا إيجابيا، دافعا بقوة الى عودة العلاقات مع سوريا، وليترك الحساب التاريخي للتاريخ، فلو ان باب التاريخ سيتحكم في مواقف الحاضر لاختلف الكثير من التقييم، وتلك "سقطة سياسية" من شخصية بمكانة حسن نصر الله.

في الحديث عن إسرائيل، تعامل نصر الله بشكل مثير للدهشة، بعد أن فتح باب التهديدات على أوسع أبوابها لدولة الكيان، بل أنه ذهب الى الحديث عن قدرة حزبه على الدخول الى منطقة الجليل في أي حرب مقبلة، وأن لديه "صواريخ دقيقة" يمكنها أن تصيب أي هدف في تل أبيب وليس في حيفا فقط في أي وقت ممكن.

والسؤال، ما هي العوائق التي تحول دون القيام بالرد على ما تقوم به دولة الكيان من عدوان متواصل، في لبنان وسوريا وفلسطين، إسرائيل تقوم دوما بعمليات عسكرية ضد مواقع في سوريا، وقتلت عشرات من السوريين والإيرانيين، دون أن ننسى اغتيالها لقيادات أمنية هامة من حزب الله هناك، كانت كفيلة وحدها ببعض الرد النسبي الذي يحفظ ماء الوجه الوطني.

ولو استخدمنا حديثه بالقياس، الا ترتكب إسرائيل جرائم حرب في فلسطين، خاصة في قطاع غزة، التي أشاد بها وبنضال أهلها، وهي التي دفعت في أحد أيام جمع مسيرات كسر الحصار بعد نقل السفارة الأمريكية الى القدس ما يزيد على الـ 70 شهيدا، دون ان نلمس خطوة رد فاعلة باي شكل كان سوى تمجيد الشعب الفلسطيني.

نصر الله وجه تهديدات متعددة الرؤوس الى إسرائيل ورئيس حكومتها نتنياهو، بأن القادم سيكون ردا مختلفا، لكنه في الواقع لم يحدد ما هي الأسباب التي ستجعله ينفذ تهديداته، وهل من يملك تلك القوة الخارقة ويستطيع احتلال الجليل، عليه ان يصمت كثيرا على جرائم حرب ترتكبها إسرائيل، وعلى عدوان متواصل ضد سوريا الحليف الأبرز لحزب الله؟!

خطاب نصر الله فقد بريقه الذي كان له أن يكون، وربما خسر كثيرا مما قال سلبا، وتهديدا يعيد للأذهان مقولة "تجوع يا سمك"!

المراجعة السياسية واجبة من الكل لو حقا كانت المصلحة العربية هي الناظم، وأي خروج عن مساره له تسمية أخرى!

ملاحظة: الرئيس محمود عباس هاتف أسرة الشهيد حمدي النعسان من بلدة المغير، فله الشكر، لكنه لسبب غير مفهوم تجاهل شهداء آخرين سقطوا في القدس ورام الله وغزة...معقول يكونوا الشهداء خاضعين لعقوبات سيادتك!

تنويه خاص: مجددا يظهر المندوب السامي القطري في مراكز توزيع المنح على الفقراء في مشهد مثير للريبة، كأنه "مراقب عام"، يفحص ويدقق، شو القصة مش مفروض هاي منحة خارج الرقابة الإسرائيلية!