الأمير بندر...تطاول مرفوض وقول "جهول"!
تاريخ النشر : 2019-01-29 09:51

كتب حسن عصفور/ من حق أي إنسان أن يقول رأيا في أحداث مرت في منطقتنا، كان من كان، صاحب منصب أميرا أو غفيرا، فتلك من ابجديات الحياة العامة، ولكن عندما يتم الحديث عن "معلومات سياسية" او عامة يشترط المعرفة الجيدة بها، وليس "الادعاء" بالمعرفة، او الاطلاع على جزء منها ثم يصدر البعض أحكاما سياسية دون تدقيق أو مراجعة للجهات ذات الصلة.

بعد غيبة طويلة، دون حاجة لبحث أسبابها، فتلك لا تعني الفلسطيني من قريب أو بعيد، عاد الأمير بندر بن سلطان، سفير العربية السعودية في أمريكا لسنوات، عبر مقابلة مع صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في نسختها العربية، مقابلة للأمير تحدثت عن كثير من العناوين السياسية الساخنة، وكأنها حملة ترويج "متبادلة" إعلانا بحضور بندر ثانية، مقابل أن الصحيفة البريطانية العريقة باتت لها نسخة باللغة العربية.

الحوار الترويجي متبادل المنفعة، بين الأمير والصحيفة، تناول عناوين تهم الوضع العام في المنطقة، تتفق أو تختلف معها فتلك مسألة شخصية، لا تهم كثيرا، لكن ما يهم الفلسطيني أولا والعربي ثانيا، تناول بندر بن سلطان لموقف الرئيس الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات خلال قمة كمب ديفيد 2000 برعاية الرئيس الأمريكي كلينتون، وبمشاركة رئيس حكومة الكيان يهود براك، تلك القمة التي فتحت باب المواجهة الكبرى، التي امتدت 4 سنوات اختار الخالد ان يكون شهيدا وسط حالة من "الفرجة الرسمية العربية"، بل بعضهم كان شريكا متواطئا في الحرب على زعيم الشعب الفلسطيني.

الأمير بن سلطان ادعي في المقابلة، "إن الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات ارتكب جريمة بحق القضية الفلسطينية والفلسطينيين، برفضه مبادرة السلام وبالحلول التي قدمها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون"، في قمة كمب ديفيد 2000.

المفاجأة هنا ليس التطاول السياسي – الوطني على موقف الزعيم الخالد، بل مدى الجهل السياسي الذي اظهره بن سلطان عن مجرى الأحداث والمفاوضات في تلك القمة الأشهر بين طرفي الصراع في المنطقة.
والحقيقة أن ياسر عرفات رفض كليا "تهويد البراق" ومحيط المسجد الأقصى" مقابل 95 % من أراضي الضفة والقطاع لإقامة دولة فلسطينية، وكان سيرفض غالبية أرض فلسطين التاريخية مقابل تهويد البراق المقدس.

لو كان رفض "تهويد المقدس الديني والتاريخي" جريمة سياسية في رأي بندر بن سلطان، فنعم كان للزعيم الخالد والوفد الفلسطيني (عدا شخص منه بات معلوما دوره في تهويد المشروع كاملا) شرف تاريخي بارتكاب هكذا "جريمة، والتي كان الموافقة عليها تفتح الباب واسعا ليس لتهويد البراق، ساحة وحائطا، بل لتدمير "أولى القبلتين وثالث الحرمين".

الجريمة الحقيقية، أن يكون هناك من يوافق تهويدا لمقدس أرضا ووطنا، فلم تكن المعركة مساحات أرض، أو معالم دولة، بل صراعا حول مفاهيم ثقافية – فكرية وتاريخية، وهو الصراع الحقيقي بين مشروع وطني فلسطيني ومشروع توراتي تهويدي.

لا نعلم كيف يخرج مسؤول يفترض ان يعرف حقيقة ما حدث في حينه، ليصدر "حكما جهولا" بمسار مفاوضات قمة كمب ديفيد، ويكتفي بسماع رأي أمريكي او إسرائيلي، ويتغافل عن سماع صاحب الحق الفلسطيني، ثم يتحدث بادعاء مستغلا مسميات وألقابا لا تمنحه أي حق للتطاول أو الكذب السياسي وتزوير الحقيقة السياسية.

ليت بن سلطان تساءل، لماذا تم اغتيال رابين وهو رئيس وزراء، ولماذا تجاهل الفريق الصهيوني في الإدارة الأمريكية بقيادة دينس روس (أصدقاء الأمير بندر) اتفاق أوسلو، وعملوا كل ما يمكنهم مع غيرهم عربا وعجما وأطرافا فلسطينية لتدمير أسس الاتفاق.

ليت بن سلطان، يخرج ليقول من الذي منع تنفيذ المبادرة العربية للسلام منذ عام 2002 والتي وافق عليها الخالد الشهيد أبو عمار، وهو محاصر وقادة العرب مجتمعين في بيروت، دون ان نرى خطوة عملية واحدة منهم تأييدا حقيقيا للزعيم المحاصر.

لماذا لم نر أي تقدم ملموس بعد أن تمكنوا من اغتيال الخالد والإتيان بمحمود عباس، وما الذي أعاق تنفيذ "رؤية بوش" حول "حل الدولتين" رغم جرمها السياسي، ولما لم يحقق تقدما سياسيا في قمة أنابوليس عام 2007.

الجريمة الحقيقة هي ما قاله بندر بن سلطان، ضد الفلسطيني وبحق زعيمه الشهيد، وهو ما يتطلب ملاحقته لتقديم اعتذارا صريحا عما قال من جرم مشهود، فليس حقا لك ان تبرر للصهاينة والأمريكان جرائم حرب كي تنال حضورا ما في مشهد ما.

التهويد هو الجريمة يا بندر، وكل من يوافق عليه يستحق المحاسبة التاريخية واللعنة الأبدية!

ملاحظة: أخيرا تمكنت قوى الحراك الشعبي – العمالي من فرض إرادتها على رئيس سلطة رام الله، وأجبرته على التراجع عن قانون "الضمان الاجتماعي"... من أسقط القانون هو من يستحق الشكر وليس من صمت طويلا!

تنويه خاص: وأخيرا بدأت بعض الأصوات الحمساوية تدب الصوت رفضا واستنكارا لأجهزة سلطة الأمر الواقع في غزة، ارتفاع منسوب الغضب بين أبناء حماس مؤشر الى أن الغضب العام أضعافا مضاعفة...احذروا "غضب المخنوقين"!