"لقاء غزة الثلاثي"...رسالة من تحت السياج الى رام الله!
تاريخ النشر : 2019-02-02 10:29

كتب حسن عصفور/ بعد ساعات قليلة من مطالبة عضو قيادة فتح (م 7) عزام الأحمد، بإعلان قطاع غزة "إقليما متمردا"، وصل الى القطاع المحاصر، وفد أمني مصري ومنسق الأمم المتحدة ملادينوف، في توقيت متزامن، تاريخا وسياسة، وعقد "لقاء ثلاثي" مع قيادة حماس دون غيرها من القوى الوطنية، وصفه رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بأنه "لقاء غير مسبوق".

وفي الواقع هو كذلك تماما، فالمرة الأولى التي يحدث ذلك، من مصر والأمم المتحدة، ومع حركة تعتبرها "الشقيقة فتح"، بأنها حركة غادرت السياق الوطني، بل وتدعو الى فرض مزيد من العقوبات الكارثية على القطاع، لسبب غير وطني.

"لقاء غزة الثلاثي"، وما تم بحثه، ويبدو ما تم الاتفاق عليه، رسالة سياسية كاملة الأركان، بأنه لن يسمح لأي كان دفع القطاع الى حافة الهاوية "الأمنية" وكذا "الإنسانية"، وأن "صبية السياسة" لن يسمح لهم بالعبث بالعمق الأمني القومي المصري، حيث القطاع جزء حيوي منه، فيما رسالة الأمم المتحدة، وقبلها عشرات دول أوروبية، انها لن تترك الحقد الساسي ينجرف نحو جرائم حرب جديدة، بمظهرها الإنساني.

يبدو أن قيادة فتح (م7)، تصر ألا ترى سوى ما يحدث تحت قدميها، وأن تصل الى نتائج سياسية وفقا لتلك الرؤية قصيرة الأمد، حيث الرسالة المصرية الأهم أرسلت منذ فترة، بأنها لن تسمح بفرض حصار مركب على غزة، وأعلنت صراحة أنها لن تغلق معبر رفح حسب "أهواء سلطة المقاطعة في رام الله"، وتأخرت نسبيا في التنفيذ لأسباب فنية، لكنها وقبل وصول وفدها الأمني الى القطاع أعادت العمل به في كلا الاتجاهين، دون ان تحسب حسابا لموقف سلطة الحكم المحدود ورئيسها محمود عباس.

وبالقطع الأمم المتحدة، التي وقعت اتفاقا مع دولة قطر على توزيع المنحة القطرية على الأسر الفقيرة وسد بعض الاحتياجات الإنسانية، كانت رسالة سياسية غاية في الوضوح، بأن "أوهام التيار العباسي"، أي كانت لن ترى النور.

"لقاء غزة الثلاثي"، رسالة سياسية بامتياز، قبل أن تكون إنسانية، كما سيحاول بعض فاقدي البصيرة ترجمته، رسالة تعزيز لمكانة الحركة التي تحكم بسلطة الأمر الواقع في القطاع، والتعامل معها بتوازي دون أي ارتعاش، بل لعل الاهتمام بها بات أكثر جدية من سلطة الحكم المقيد المكبلة بقيود أمنية إسرائيلية في رام الله، خاصة مع استمرارية مسيرات كسر الحصار وتطور البعد الأمني مع دولة الكيان، ليس فقط لأن الانتخابات الإسرائيلية على الأبواب، بل لأن أي تدهور أمني جديد سينعكس بآثار سلبية على الشقيقة الكبرى مصر.

فأي حرب جديدة، او تصعيد خارج الممكن – المقبول، ربما تؤدي الى هروب آلاف من سكان القطاع الى سيناء، حركة حشد بشري خارج السيطرة تكسر كل الأبواب والحدود، ما سيضع أمن مصر القومي أمام "جردة حساب خاصة جدا"، ولذا لن تسمح مصر لأي كان، اسما ومسما بالعبث الذي يضعها يوما امام "لحظة فارقة".

ولذا يمكن قراءة نتائج "لقاء غزة الثلاثي"، بأبعاد مركبة، وليس بعدا واحدا، لو أريد التوصل الى خلاصات سياسية صحيحة، بعيدا عن "الهوى الذاتي"، وضمن رؤية تختلف جذريا عما ساد في الأشهر الماضية.

رسالة غاية في الوضوح، أن "الفهلوة السياسية" لن تكون حاضرة في السلوك القادم، ولذا جاءت دعوة حركتي حماس والجهاد، على طريق دعوة فصائل أخرى، وربما معها فتح بتياريها (العباسي والاصلاحي)، للبحث فيما سيكون ما بعد فرض وقائع سياسية جديدة، نتيجة حل "التشريعي والدعوة لانتخابات" غير واضحة المعالم.

القادم قد يحمل كثيرا من المفاجآت السياسية، التي لم يحسب البعض حسابها جيدا، وأصيب بعمى البصيرة الوطنية!

ملاحظة: بعد توقف الدعم المالي الأمريكي الى سلطة رام الله وأجهزتها الأمنية، هل نقرأ مرسوما عباسيا يعلن وقف كل أشكال التعاون المخابراتي معها، دون ذلك يبقى "فار الشك" قائما أن هناك ما يحدث خلف الأبواب".

تنويه خاص: حاولت أطراف الجماعة الإخوانية الظلامية ان تجعل فوز قطر ببطولة آسيا، وكأنه نصر سياسي لها على غيرها، فلو كان الأمر كذلك ممكن نعتبر تهنئة جيش الاحتلال جزء من تحالف سياسي...فعلا الغباء بلا حدود، فوز مستحق نعم لكنه رياضي لا أكثر!