عباس "فك الارتباط" بالمؤسسة الوطنية مقابل تعزيزه مع إسرائيل!
تاريخ النشر : 2019-02-07 10:35

كتب حسن عصفور/ منذ عام 2015، وبعد إن أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على اغتيال الوزير زياد أبو عين على الهواء مباشرة، خلال وجوده في تظاهرة شعبية "محدودة العدد"، ضد استمرار الاستيطان، دعا المجلس المركزي الفلسطيني الى ضرورة وقف التنسيق الأمني مع دولة الكيان، قرار كان يعلم غالبية المصوتين عليه، انه ليس للتنفيذ ابدا، بل محاولة من التيار العباسي لامتصاص غضب شعبي على جرائم تتواصل، دون فعل أو رد فعل، فكان القرار "الإلهائي" في حينه.

ومع كل توتر وطني ضد جرائم جيش الاحتلال، تخرج المؤسسات الرسمية لسلطة رام الله، بتكرار قرارات وقف التنسيق الأمني، وتطورت في عام 2018، وعبر مجلس وطني مختارا بالاسم لضمان الولاء المطلق، الى أن يطالب "مجلس الولاء التام" بضرورة "فك الارتباط" بالاتفاقات مع دولة الكيان الإسرائيلي، ومنها وقف التنسيق الأمني، وتحديد العلاقات الاقتصادية، وقبلها اعلان نهاية المرحلة الانتقالية، واستبدال الواقع السياسي نحو تنفيذ قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012 حول دولة فلسطين، ومعه سحب الاعتراف المتبادل مع إسرائيل، الى حين اعترافها بدولة فلسطين.

وتكررت تلك القرارات في كل لقاء للمؤسسة الرسمية التي باتت حصرا للتيار العباسي، وخرج منها المعارضين وطنيا لسياسية لم تعد وطنية، وحاولت عناصر ذلك التيار أن تسوق "جدية عباس" في تنفيذ قرارات المؤسسات، وان المعركة مع إسرائيل على الباب تطرق، ما يستدعي "هبة وطنية هامة" للوقف خلفه، كونه سيكون "المجاهد الأول – غودو المعاصر" في حرب "التحرير".

ولأن "اللي بيجرب المجرب عقله مخرب" كما قال الأقدمون، أكده قول محمود رضا عباس، رئيس مقر المقاطعة وفي لقاء مع "مجموعة إسرائيلية" يوم 6 فبراير 2019، بأن التنسيق ألأمني "مقدس"، وانه سيواصل حربه "ضد الإرهاب" و"التطرف" باعتبار ذلك "مصلحة فلسطينية عليا".

كلمات لا تحتاج لآي ترجمة من أي كاذب سياسي يمكنه ان يعمل على وصف رئيس مقر المقاطعة، بأنه سيخوض "حربا" ضد إسرائيل، فصوته المتهدج وثقته بقوله، ان ارتباطه بالعلاقة مع إسرائيل دولة واحتلالا هو "الثابت المقدس" له مواقف وسياسة، ولا مساس بها طالما لا زال يتنفس هواء، وكل ما كان من قرارات خلاف "تقديس" العلاقات مع إسرائيل لا قيمة لها.

باختصار، عباس أعلن فك ارتباطه يوم الأربعاء في السادس من فبراير، بكل قرارات المؤسسة الرسمية، فيما أكد ارتباطه بكل قرارات "الشراكة" مع دولة الكيان وسلطتها الاحتلالية، ومن هنا تبدأ رحلة سياسية جديدة في المشهد الفلسطيني، بين رئيس تيار دمر "الشراكة الوطنية" من اجل انتظار "شريك إسرائيلي"، على قاعدة "تحالف مكافحة الإرهاب".

عباس، بعد يوم 6 فبراير، أصبح "مرتدا وطنيا" صريحا، بعد ما قاله من اقوال يجب ألا تمر مرورا صحفيا عابرا، فهو أعلن صراحة "شراكته الأمنية – السياسية" مع دولة إسرائيل وسلطات الاحتلال، وانه يقف معها ضد مقاومة شعبه، تحت مسمى "مكافحة الإرهاب"، واعتبار "التنسيق الأمني" معها ضرورة لا يمكن التخلي عنها، وبالتالي التخلي عن كل القرارات المرتبطة بها.

تصريحات عباس أعادت صياغة المعادلة الرسمية، من فك ارتباط بإسرائيل واحتلالها الى فك ارتباط بمنظمة التحرير وقرارتها، معادلة تختزل كل المسالة الوطنية، التي لم تعد بحاجة الى أي تفسير لاحق، فما تبقى له عمرا سيكون ضمن "تحالف إسرائيلي لمكافحة مقاومة الشعب الفلسطيني".

تصريحات السادس من فبراير العباسية، هي تصريحات فارقة، تزامنت بشكل ليس عفوي أبدا، مع قيامه بقطع رواتب ألاف من أبناء قطاع غزة، ومئات من أبناء الضفة، في سياق حربه المستمرة لتنفيذ مشروع شارون – ترامب لفصل الضفة عن قطاع غزة، وتدمير أسس وحدة المشروع الوطني، وهي ليست قرارات مالية فحسب، بل جوهرها سياسي، لم يعد يقيم وزنا لأي معترض، لأن جداره الواقي بات جيش الاحتلال ومؤسسته الأمنية.

القول الفصل العباسي بتعزيز شراكته مع إسرائيل وسلطات احتلالها، هو انتهاء آخر مسامير "الشراكة الخادعة" معه، وباتت الضرورة الوطنية التفكير بشكل جذري وبعيد، لحماية "بقايا التمثيل الشرعي" قبل فوات الاوان، يوم لا ينفع معه ندم.

الانقلاب السياسي العباسي العام على الشرعية الرسمية – الوطنية، يستحق "انتفاضة سياسية"، تلك هي المسألة راهنا.

ملاحظة: أقدم التيار العباسي على قطع رواتب ألاف من أبناء فلسطين، منهم بعض المحسوبين عليه، ومنع سفر أعضاء من ثوري "فتح" (م 7) من غزة عقابا لهم على رفضهم خوض معركة مع حماس، كانت فرصة منتظرة للبكاء فوق جثث عشرات ضحايا يسقطون...النذالة بلا حدود!

تنويه خاص: حكومة عباس القادمة هي حكومة إطالة عمر الاحتلال، وأداة تنفيذ مشروع شارون المعاصر "صفقة ترامب"...للمشاركين فيها سيكون ألقابا تتناسب وتلك الوظيفة والمهام!