"فيلم أمريكي جديد" بفعل حركة روسية!
تاريخ النشر : 2019-03-10 10:13

كتب حسن عصفور/ خلال جولته الخليجية، فتح وزير الخارجية الروسي المخضرم، سيرغي لافروف النيران على من يحاول المساس بجوهر مبادرة السلام العربية، وتحدث في أحيان كثيرة عن مخاطر قلب الحقيقة وتفريغ جوهر السلام، بوضع آلية التطبيع العربي مع إسرائيل أولوية على حل أساس الصراع، وفقا لما قالت به المبادرة العربية.

رسائل روسيا، عبر وزيرها الذي يعيد لها ثقلها الشرق اوسطي، كما كان الوزير الأشهر سوفيتيا، اندريه غروميكو، في العملية السياسية الدائرة، ردا صريحا على الحراك الأمريكي المنفرد، بل والمتجاهل كليا، الحقيقة الجديدة بالحضور الروسي في المنطقة، بما هو أكثر من إدارة ترامب ذاتها، لذا لن تسمح موسكو، رئيسا وخارجية، بأن تسرق واشنطن حركة الفعل السياسي، وهي على مقاعد المتفرجين.

الموقف الروسي، عبر لافروف، منح الموقف العربي قوة زخم فرملت كثيرا من التصريحات والمواقف الملتبسة، حول جوهر المبادرة العربية للسلام، بأن التطبيع نتاج حل وليس مقدمة لحل، والذي اعتقد البعض أن مؤتمر وارسو نجح به، خاصة مع انحدار الموقف العماني بلا سبب ولا منطق في العلاقة مع الكيان.

روسيا حددت أسس سياسية، بات من الصعب على أي نظام عربي، كان من كان، ان يذهب بعيدا عن جوهر المبادرة العربية للسلام، ولذا كان ملفتا تماما، موقف العربية السعودية، خلال وجود لافروف، بالتمسك الكامل بعناصر المبادرة التي قدمها الأمير عبد الله ولي العهد في حينه، خلال قمة بيروت عام 2002.

يبدو، ان الإدارة أمريكية، أدركت سريعا قيمة الفعل الروسي وقدرته على التحشيد السياسي، لكسر مبادرتها السياسية المسماة "خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط"، فتحدث أحد صناعي تلك الخطة، غيسون غرينبلات (الترا صهيوني)، أمام مجلس الأمن يوم الجمعة 8 مارس 2019، عن الخطة وعناصرها، دون تفاصيل، وموعد عرضها بعد تشكيل حكومة إسرائيلية نتاج الانتخابات في شهر أبريل، وهي كلها قد لا تمثل جديدا.

لكن المفاجأة الأبرز – الأهم، أن أمريكا تحدثت وللمرة الأولى، بان خطتها للسلام في الشرق الأوسط، سيتم تنفيذها بمشاركة الأمم المتحدة واللجنة الرباعية الدولية (أمريكا، روسيا، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)، وهو ما يمكن اعتباره التطور المثير في الحركة الأمريكية، التي تصرفت في السابق، ومنذ سنوات منفردة، وبتجاهل عناصر دولية مؤثرة، ومنها بالتأكيد الاتحاد الروسي.

الإشارة الأمريكية للشراكة الدولية معها في تنفيذ خطتها، يجب أن يمثل جرس إنذار للدول العربية أولا وللرسمية الفلسطينية ثانيا، التي تحدثت عن تغيير في الرعاية الدولية لعملية السلام، ما يتطلب إدراكا مبكرا لمناورة أمريكية في تغيير قواعد الحراك السياسي، لاستخدام السلاح الذي هددت به بعض الأطراف العربية والرسمية الفلسطينية.

المعركة السياسية يجب أن تكون ضمن رؤية شاملة للحل منطلقها فقط مبادرة السلام العربية، وترك غيرها، والتوقف عن الإشارة لأي مبادرة أمريكية خاصة بحل الصراع، بما فيها "رؤية بوش الابن" لما يسمى بـ "حل الدولتين"، بعد أن أعادت روسيا من خلال جولة لافروف العربية، الأهمية الكامنة للمبادرة العربية، وهذا يتطلب من الجامعة العربية بالتنسيق مع ممثل فلسطين، إعادة الاعتبار لتلك المبادرة، وتوزيعها كوثيقة رسمية عربية للحل السياسي، في مواجهة خطة ترامب.

وقد يكون عاملا حيويا، أن تبادر لجنة المبادرة العربية الى عقد لقاء خاص، مع ممثلي الرباعية الدولية من أجل عرض المبادرة واعتبارها الوثيقة الرسمية العربية الوحيدة لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وصولا لحل القضية الفلسطينية من كل جوانبها.

الحراك العربي يمنح قوة دفع للقضية الفلسطينية ويقطع الطريق على بقاء الحركة أمريكية فقط، وبالتأكيد الاستفادة القصوى من الموقف الروسي وحركته الفاعلة، وليت القيادة الرسمية لمنظمة التحرير، ان تطالب بعقد ذلك اللقاء فورا، وقبل فوات الآوان.

ولكن، هل تستطيع "قيادة" لا تحظى بثقة الفصائل الرئيسية للشعب الفلسطيني، أن تعبر عن مصالحه في أي حراك سياسي...سؤال يجب أن يجد جوابا عمليا وليس "فتوى هباشية"!

ملاحظة: كان على "قيادة غزة السياسية" ان ترد فورا على محاولة سلطات الكيان اتهام قيادة الجهاد بأنها وراء عمليات إطلاق الصواريخ لحسابات خاصة...الصمت ضار وخطر أيضا!

تنويه خاص: حسنا أقدمت وزارة الصحة بغزة على أخذ تقرير "أمد للإعلام" حول وفاة المواطن النمروطي في خانيونس، بجدية وفتحت تحقيقا حول أسباب ذلك...التقدير للخطوة على أمل كشف الحقيقة ومحاسبة من يستحق الحساب!