همسة في آذان المسؤولين
تاريخ النشر : 2019-03-14 22:50

مما لا شك فيه بأن الشباب هم عصب المجتمع ومخزون الطاقة الكامنة في جميع الدول ، فإذا ما أحسنت الحكومات تنشأتهم وفق قيم تربوية وتعليمية سليمة ووفرت لهم كل الإمكانيات التي بها يتمكنون من مواصلة تعليمهم والوصول إلى مراحل عليا والدرجات العلمية العليا في جميع المجالات العلمية ، وهنا لا بد للحكومات من أن توفر لكل تخصص علمي المؤسسات البحثية التي ترتقي بالشباب إلى مصاف العلماء ويصبحون أدوات بناء فاعلة في الدولة خاصة إذا ما تم توفير كل مستلزمات الحياة والعمل لهم . ولكن إذا ما أهملت فئة الشباب ولم يُؤخذ في الأعتبار الحاجة الآنية والمستقبلية لطاقاتهم وإبداعاتهم ، فأنهم يصابون بحالة من اليأس والإحباط خاصةً إذا ما كانوا استنفذوا جهودهم وطاقاتهم ووقتهم في التَعلم والبحث ولا يجدون عمل يناسب مجالات تخصصاتهم ، فهنا يبدأون بالبحث عن طرق تحقق لهم طموحاتهم وتمكنهم من العيش بكرامة خاصة إذا ما وصلوا لدرجة الشعور بأنهم غُرباء في أوطانهم ، مما يدفعهم إلى التساوق مع من يُشعرونهم بانهم الحريصون عليهم ويقدمون لهم المغريات المادية والحياتية وكل ما يوفر لهم تحقيق طموحاتهم ، فهنا يسعون للاغتراب في تلك الدول المتقدمة ويحصلون على جنسياتها ويمضون عشرات السنين في الاغتراب ويفقدون تدريجياً الأحساس بانتمائهم لأوطانهم ، وذلك كونهم أصبحوا علماء أو رجالات مواقع هامة في تلك الدول . هذا فأن نفس الأسباب ونسب البطالة المتزايدة تدفع بالشباب الفاقدين لأمل الحياة الكريمة من خلال عمل أو وظائف توفر لهم دخلاً مادياً يمكنهم من الزواج وبناء أسرة ، كل ذلك يدفعهم بالتفكير الجدي بالهجرة خارج بلدانهم خاصة عندما يشعرون بعدم اهتمام الدولة والمسؤولين بهم وبمستقبلهم فيفقدون الأمان والأمن الحياتي فتصبح فكرة الهجرة هي التي تستحوذ على تفكيرهم وقناعاتهم بأنهم بالهجرة قد تَفتح لهم أبواب المستقبل المغلقة ، ولكن عندما تطأ أقدامهم أراضي دولٍ أخرى يشعرون بغربة قاتلة وبحرمان وضياع يسبب لهم التوهان وفقدان التوازن في تقييم أمور حياتهم الجديدة ومن ثم يبدأون في صراعٍ مع ظروف الحياة والعادات والقيم الجديدة والغريبة عنهم حتي اللغة التي لا تمت للغتهم بصلة فجهلهم بها تدفعهم نحو تعلمها ليتمكنوا من التعايش مع المجتمعات الجديدة ، ومن هنا بالكاد يحصلون على أعمال بسيطة ومساعدات مادية وغذائية لتمكنهم من الاستمرار بالحياة .. كل ذلك يترك ألماً وحسرة لتركهم أوطانهم لشعورهم بالغربة القاتلة ولكنهم بقدر ما يتوقون للعودة لأوطانهم بقدر الخوف من ذلك لأن لا شيء هناك يُغريهم للعودة.