الجزائر: وفاة متظاهر بعد سقوطه من مركبة وإصابات واعتقالات في تظاهرات الجمعة
تاريخ النشر : 2019-03-16 01:38

أمد/ الجزائر - أ ف ب: أفادت تقارير اخبارية بالجزائر بوفاة أحد المتظاهرين متأثرا بإصابة بليغة تعرض لها إثر سقوطه من مركبة في مدينة حاسي مسعود الغنية بالنفط جنوبي البلاد.
وكان المتظاهر يشارك في المسيرة السلمية المناهضة لتمديد حكم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، اليوم الجمعة.
وكشفت صحيفة " الخبر" في موقعها الرسمي، أن الضحية حسان غانم، يبلغ(20 عاما)، ويسكن بالمدينة الغنية بالبترول.
وأوضحت الصحيفة أن الضحية جرى نقله على جناح السرعة إلى مشفى مدينة حاسي مسعود لتلقي العلاج، إلا أن جهود الطاقم الطبي لم تتكلل بالنجاح بسبب مضاعفات الإصابة البليغة التي تعرض لها ليلفظ أنفاسه الأخيرة بالمشفى.
وتعد هذه الوفاة الثانية، منذ انطلاق الحراك الشعبي في الجزائر في 22 شباط/ فبراير الماضي، بعد وفاة أحد المتظاهرين في العاصمة الجزائرية خلال مسيرة في مطلع الشهر الجاري.
في حين، اعتقلت الشرطة الجزائرية اليوم الجمعة 75 شخصا في نهاية المسيرات الضخمة التي شهدتها العاصمة الجزائرية.
وطالب المشاركون في المسيرات برفض تمديد حكم رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة، ورحيل نظامه.
وقالت المديرية العامة للأمن الوطني ( الأمن العام) في بيان لها مساء الجمعة، إنها سجلت اعتقال 75 شخصا في اطار عملية حفظ النظام ببعض أحياء العاصمة، على احداث عنف وسرقة وتحطيم للسيارات وتخريب لممتلكات عمومية وخاصة.
وأشارت إلى اصابة 11 شرطيا بجروح خفيفة، حيث يتم التكفل بهم حاليا بالمصالح الطبية التابعة للأمن الوطني.
وخرج الجزائريون في حشود ضخمة للتظاهر، الجمعة، كما في وسط الجزائر العاصمة، ضد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأجيل الانتخابات وبقائه في الحكم.
وهذه رابع جمعة على التوالي للاحتجاجات التي شملت كل أرجاء الجزائر ضد رئيس الدولة الذي أعلن الاثنين تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة سابقا في 18 نيسان/أبريل.
وفي الجزائر العاصمة تعذر تقدير عدد المتظاهرين، فلا السلطات ولا المحتجين قدموا أرقاما.
وبدت التعبئة مشابهة للجمعة الماضية، التي وصفت بالاستثنائية من قبل وسائل الاعلام والمراقبين. وبحسب مصادر أمنية فإن التعبئة "أكبر بكثير" هذه الجمعة من سابقتها في العاصمة.
وفي أهم المدن الجزائرية الاخرى كـ"وهران وقسنطينة وعنابة" خرج الجزائريون أيضا بأعداد كبيرة تساوي أو تفوق أعداد المتظاهرين الجمعة الماضية بحسب صحافيين يعملون في وسائل إعلام جزائرية.
وشارك في المسيرات الأطفال والنساء كما الرجال في أجواء احتفالية، كما في ساحة البريد المركزي وعلى طول شارع ديدوش مراد.
وبدأت التظاهرة تتسع بعد فراغ المصلين من صلاة الجمعة وخروجهم من المساجد، ليتدفقوا كلهم إلى وسط المدينة، حتى ضاقت بهم الشوارع.
واضطرت شاحنات الشرطة المحاصرة بآلاف المتظاهرين الى مغادرة المكان بعد أن أفسح المتظاهرون الطريق، بدون مقاومة.
وهذه الجمعة الأولى منذ إعلان بوتفليقة تأجيل الانتخابات وعدوله من الترشح لولاية خامسة ما يعني تمديدا ضمنيا لولايته الرابعة.
وكانت أغلب الشعارات واللافتات تردّ على قرارات بوتفليقة البالغ 82 سنة والمريض منذ إصابته بجلطة في الدماغ في 2013، حيث أصبح غير قادر على المشي ويجد صعوبة في الكلام.
وكتب أحد المتظاهرين على لافتة صغيرة "طلبنا انتخابات بلا بوتفليقة فوجدنا أنفسنا مع بوتفليقة وبلا انتخابات". وعلى لافتة أخرى يمكن قراءة "عندما قلنا لا للخامسة قال (بوتفليقة) لنحتفظ بالرابعة إذا".
وسارت المسيرات في جو سلمي كما طلب المحتجون في نداءاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي تنظيم تظاهرات لم تشهد الجزائر لها مثيلا منذ 20 سنة.
والحادث الوحيد المسجل كان في أعالي مدينة الجزائر على الطريق المؤدي إلى رئاسة الجمهورية حيث رشق شباب بالحجارة رجال شرطة أغلقوا الطريق في وجههم. واندلعت مواجهات دامت 30 دقيقة وأسفرت عن جرحى، بحسب صحافي وكالة فرنس برس.
وبالاضافة إلى اللافتات المعارضة للحكم وشعارات "الشعب يريد إسقاط النظام" ظهرت لافتات ضد الوجوه الجديدة للنظام، رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي ونائبه رمطان لعمامرة والدبلوماسي لخضر الابراهيمي أحد القلائل الذين يستقبلهم بوتفليقة منذ إصابته بجلطة في الدماغ في 2013.
واقتبس المتظاهرون من النشيد الوطني التونسي للشاعر ابي القاسم الشابي "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يسقط الطغاة".
وتعبيرا عن رفض تعيين الابراهيمي رئيسا ل "الندوة الوطنية" رفع محتجون لافتة عليها صورته وعبارة "لا نريد بناء سفينة جديدة بحطب قديم".
كما رفع المتظاهرون عدة لافتات ضد الحكومة الفرنسية والرئيس إيمانويل ماكرون الذي سارع إلى الترحيب بقرارات بوتفليقة.
وحمل المتظاهرون لافتة كبيرة كتب عليها "تبّا لفرنسا ولعملائها" وهي عبارة منتشرة وسط الجزائريين لكل من لم يشارك في حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي الذي دام 132 سنة (1830-1962).
وكُتب على أخرى "يا فرنسا، 132 سنة من التدخل تكفي" و"نحن في 2019 وليس في 1830" و"لا للنظام المدعوم من فرنسا".
وفي إشارة الى أزمة السترات الصفراء التي تعيشها فرنسا منذ عدة شهور كتب متظاهر "ماكرون يساند بوتفليقة والجزائريون يساندون السترات الصفراء".
ويعتبر حجم التظاهرات واتساعها غير مسبوق في الجزائر منذ وصول بوتفليقة الى الحكم قبل عشرين عاما.
وتظاهر تلامذة وطلاب جامعيون بكثافة الثلاثاء والأربعاء. وهذا يوم الجمعة الرابع الذي تسير فيه تظاهرات منذ بدء التحرك الاحتجاجي في 22 شباط/فبراير تحت شعار "لا للعهدة الخامسة".
وكان بوتفليقة أعلن إرجاء الانتخابات التي كانت مقررة في 18 نيسان/أبريل حتى نهاية أعمال "ندوة وطنية" يتمّ تشكيلها وتكون ممثلة لمختلف الأطياف الجزائرية وتعمل على وضع إصلاحات. وقال إن الندوة "ستحرص على أن تفرغ من مهمتها" في نهاية العام 2019، على أن تحدّد انتخابات رئاسية بعدها.
وأزاح بوتفليقة رئيس الحكومة أحمد أويحيى الذي لا يتمتع بشعبية بين الجزائريين، وكلف وزير الداخلية نور الدين بدوي تشكيل حكومة جديدة. كما عين رمطان لعمامرة نائبا لرئيس الوزراء.
وتكثفت الدعوات الخميس للنزول الى الشارع بعد مؤتمر صحافي عقده بدوي ولعمامرة قال فيه رئيس الحكومة المكلف "سيتم الإعلان عن طاقم الحكومة في بداية الأسبوع المقبل، وستكون تكنوقراطية وممثلة لكل الكفاءات والطاقات، خاصة الشبابية منها".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت ردود الفعل سلبية وانتقدت خصوصا لعمامرة والابراهيمي بوصفهما "نتاج النظام" المرفوض اليوم.
وصباح الجمعة كان عنوان صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية "إرحلوا" وهو وسم (هاشتاغ) انتشر كثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة أن بدوي "تهرّب من الاجابة على الأسئلة الهامة" خلال المؤتمر الصحافي.
وظهر كذلك رفض الجزائريين لكل مقترحات بوتفليقة من خلال وسم "ترحلوا يعني ترحلوا" (سترحلون يعني سترحلون) الذي انتشر كثيرا خصوصا على فيسبوك.
وعلى تويتر كتب مدون تعليقا على المؤتمر الصحافي لرئيس الوزراء ونائبه "اليوم هو المؤتمر الصحافي للشعب" في اشارة الى تظاهرة الجمعة.