مخيم الداعشيات .. التطرف لا يموت

تابعنا على:   22:05 2018-07-16

أمد/ القاهرة: لم يقتنعن بسقوط الراية السوداء، فهى ما زالت تلوّح فى الأفق، يحلمن بها ويرتدينها ويتخفين خلفها، حتى فى داخل سجنهن ما زلن يفكرن بالنصر والدولة والحكم والشريعة والفقه والذبح والقطع والحسبة والرجم، ما زلن يحلمن بنصر دولتهم "الدولة الإسلامية فى العراق والشام" (داعش) وهن محتجزات فى مخيم عين عيسى بالرقة السورية، بينما القليل منهن شعرن بالراحة والنجاة من الحرب.

خلال المعارك أُرسلت "الداعشيات" إلى هنا فى مخيم عين عيسى مع أطفالهن، بعد نجاتهن وخروجهن من مناطق القتال، عانت السجينات من ملحمة غريبة بدأت منذ هزيمة التنظيم فى المدن التى خرجوا منها، شعر الكثيرات منهن بأنهن فى حُلم، فقد انتهت الحرب بالنسبة إليهن وهن سالمات، لكن الحلم تحوّل إلى كابوس، لأنه حتى فى هذا المكان لا يزال التنظيم الإرهابى مسيطراً على أفكارهن، أصرت "الداعشيات" المتشددات على الالتزام بالأفكار المتطرفة، واستمر قانون الدواعش فى ترهيب السجينات، وسيطرن على المخيم خلال مدة قصيرة باتباع التخويف والتعذيب وحتى القتل، للحفاظ على الأيديولوجيا الداعشية، ووجب إيصال هذه الرسالة إلى جميع المحتجزات فى المخيم، وكل سيدة تأتى من عناصر التنظيم عليها أن تدرك أنها لن تستفيد شيئاً من الاستسلام للأمر الواقع، وهو سقوط الدولة.

بعد سقوط المدن وخروجها من قبضة التنظيم الإرهابى، تبادلت النسوة الشائعات حول خليفة التنظيم أبوبكر البغدادى، قال بعضهن: "يبدو أنه فقد عقله، ويتهيأ لنا أننا نراه، لقد هرب سراً إلى هجين"، تغيّر بعض "الداعشيات" منذ هزيمة التنظيم فى "الرقة و"الموصل"، وجئن إلى هذا المخيم مع أطفالهن الذين كان متوقعاً أن يحلوا محل قوات التنظيم التى قُتلت فى الحروب السابقة، لقد بدون ناقمات على "التنظيم" وسياساته داخل مخيم يحتضن "الدواعش" فى سوريا.

كابوس "عين عيسى".. الفكر الإرهابى يحتل عقول النساء والأطفال

فى بقعة واحدة تعج بآلاف النازحين الذين يحملون معهم آلامهم وذكرياتهم داخل خيامهم، تختلط المشاعر بين الأمل والرجاء، والانتقام والخوف والرعب والحزن والفرح والرهبة، هنا مخيم "عين عيسى" فى الشمال الغربى لمدينة الرقة السورية، الذى أنشئ فى مارس 2016، ليستقبل النازحين خلال العملية الحربية الواسعة لتحرير المدن السورية من قبضة تنظيم "داعش".

لكن هذا المخيم لا يزال يتحفظ بداخله على عوائل دواعش، لا يزالون يرغبون فى تجديد هوسهم بالنصر، لا يزالون يعتقدون بأن النصر حليفهم، يقولون: "إنها فقط مجرد نكسة، ستستمر الحرب"، لم يكفهم سقوط الموصل والرقة أو حتى سقوط دير الزور الوشيك، فبالنسبة إليهم الدولة راسخة فى أذهانهم وأفكارهم، وليست مجرد مدن تذهب وتأتى بعمليات حربية، فالمخيم هنا يضم داعشيات بأطفالهن، تم عزل تلك الأسر عن بقية النازحين خشية أن تصيبهم أى محاولة للانتقام. فى الطرف الأخير من المخيم الكبير البالغة مساحته نحو 320 دونم (نحو 320 ألف متر) نصب نحو 70 خيمة منعزلة تحيطها أسلاك، بوابة واحدة ونقاط حراسة خلفية، يجلس فيها عناصر من القوات الأمنية لحراسة المخيم، بينما فى الداخل الحركة هادئة ليست كباقى المخيم الكبير الذى يعج بالحركة والنشاط ولعب الأطفال وكذلك إذاعة الموسيقى ورقص الأطفال، بقعة هادئة، حتى الأطفال يلزمون الخيام ولا يلعبون كأمثالهم على الجانب الآخر، لم يكن دخولنا إلى هذا المخيم مرحباً به من جانب نساء منتقبات، حاولنا الحديث معهن، لكنهن رفضن، ونظرن إلينا نظرات عنيفة، فقط كلمة: "ما تقرّب، ابعد"، كانت اللهجة العنيفة التى تلقيناها فى بداية الأمر مثيرة للريبة، لم ندخل وحدنا هذا المخيم، لذا كان يرافقنا مندوب من إدارة الإعلام لقوات سوريا الديمقراطية، بل كانت هناك تعليمات لحرس المخيم بأن يضعوا أعينهم علينا وألا نغيب عن بصرهم لحظة واحدة.

بالنسبة إلى المسئولين الأمنيين لم يرتاحوا لوجودى فى هذه البيئة العدائية، ويخشون أن يصيبنى أذى خلال زيارتى، لأنهم يعلمون الأفكار المتطرفة لدى بعض النسوة فى الداخل، وامتلاكهن أسلحة بيضاء يستخدمنها فى تقطيع الطعام، لذا كان علينا اختيار من نتحدث إليهن، وكانت جولتنا داخل المخيم تتطلب منا أن نقف أمام كل خيمة ونصيح بتحية السلام، لترد السيدة من الداخل أو أن تخرج للقائنا ونقدم أنفسنا للحديث معها، غالبية النساء هنا منتقبات، عدا القليل جداً اللواتى يكشفن وجوههم، تلاحظنا إحداهن وتأتى إلينا مبدية رغبتها فى الحديث معنا، وتأخذنا إلى خيمتها الواقعة على أطرف المخيم، وبالكاد كان الحرس يراقبوننا من بعيد، ومعنا المرافق.

بعضهن حاولن طعن مراسل "الوطن" وهاجمنه: "يا كافر".. و"داعشية" مصرية أنقذته.. و"أم هارون" أميرة المعسكر.. والنساء يرفضن مدرسة المخيم بسبب "حصص الرسم".. ويرفضن لعب أطفالهن مع أبناء النازحين ويقلن: "لا تلعبوا مع أولاد الكفار" وداعشيات مصريات يرفضن الحديث.. وإحداهن: "عايزة أرجع وخايفة يتقبض عليا".

تدخل الخيمة وتعرّفنا باسمها، وداد أحمد حاج على، 22 عاماً، بادرت هى بالحديث معنا لشعورها بالظلم الواقع عليها من التنظيم ومن الأجهزة الأمنية، خاصة أنها تندم على الأفكار التى اعتنقتها خلال وجودها داخل «التنظيم» وزوجها أحد عناصره، فقد تزوجت من «داعشى» سعودى الجنسية عمره 27 عاماً، يُدعى معاذ محمود اللحمود، أنجبت منه ولدين وبنتين، تؤكد أنه لم يكن مقاتلاً ولم يشترك فى معارك مع التنظيم، بل كان يتولى إدارة مالية ويوزع المنح والرواتب على عناصر التنظيم. تشير «وداد»، التى تجلس معها والدتها فى الخيمة، إلى أن زوجها تعرّف عليها من خلال صديق والدها، وكانت تعيش مع أسرتها فى حلب، لكنها نزحت مع أسرتها إلى الرقة وفيها تزوجت واعتنقت الفكر الداعشى خلال فترة حكم التنظيم، معلقة: «فى البداية جينا على الرقة على أساس الإسلام وداعش، وأنا وزوجى اكتشفنا إنها لعبة وانتهت، ما بقى للتنظيم شىء، كله كذب، بس زيادة بالونة، ولكن الحمد لله فكرنا تغير»، هنا تشير إلى أنها قد تخلت عن الفكر «الداعشى»، وأن زوجها قد ترك التنظيم وأخذ يعمل بالتجارة الحرة، وكان يجلب بضائع من دير الزور إلى حماة، وأنه بسبب هذا التوجه الذى سلكه تعرّض لمضايقات من قبَل عناصر التنظيم. وتابعت «وداد»: «بعد ما ضيقوا عليه، اشترك مع شخص كان بالتنظيم أيضاً وتركه وسوّوا «كازية» (محطة وقود) فى دير الزور، وأنا تركت أهلى بالرقة، ولما اشتدت الحرب طلبوا زوجى ورفض، فقالوا بدنا حى أو ميت»، مشيرة إلى أنه اضطر هو وزوجته وأبناؤه للهروب بعد أن علم من بعض أصدقائه داخل التنظيم بأنه مطلوب حياً أو ميتاً، وكانت وجهته إلى تركيا، لكن تم القبض عليه من قبَل قوات سوريا الديمقراطية فى «منبج»، فى 24 أغسطس العام الماضى عند العاشرة صباحاً، وتم اعتقاله، بينما جاءت هى وأطفالها إلى هذا المخيم، مشيرة إلى أن فى المخيم الكثير من النساء «الداعشيات» يلعنّ أبوبكر البغدادى، لأنه ترك جيشه يخسر وتخلى عنه، معلقة: «يخيل لى أنى شايفاه، هذا شخص مجنون فقد عقله، وهنا النسوان التوانسة متشددين، حتى إنهن يكفّرن البغدادى، لأنه هو الذى وصّلنا لهاى المرحلة، أنا إذا أطوله أقطع راسه وأذبحه».

 

نقف على خيمة أخرى ونلقى التحية «السلام عليكم»، نسمع صوت سيدة كبيرة ترد السلام، بينما تخرج ابنتها وتطلب منى الانتظار، ثم سمحت لى بالدخول، هذه الخيمة بها عراقيات من مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار العراقية، أكبرهن «بهية عبود»، سيدة فى العقد السادس من عمرها، تقول إنها من حى المعلمين بالفلوجة، وإنها تعيش هنا فى المخيم مع نجلتها «صابرين»، 27 عاماً، وابنها «محمد»، 11 عاماً، بسبب تورط ابنها «عبدالستار أيوب» فى الانضمام إلى تنظيم داعش فى بلدهم بالعراق، وإنها جاءت إلى سوريا بعد حرب الفلوجة، وإنها أُجبرت بسبب الحرب على النزوح إلى سوريا.

 

لكننا أخبرناها أننا كنا هناك على جبهات الحرب فى الفلوجة العام قبل الماضى، وكانت هناك ممرات آمنة للمدنيين، كما أن مدنيين من الفلوجة خرجوا بالفعل، ترد: «إى صحيح، كان فيه مدنين يخرجون، لكن نحن رفضنا، نخاف إننا ندخل السجن لأن ابنى كان مع داعش، وكنا نخاف من الجيش»، مشيرة إلى أنها بعد مقتل ابنها حاولت الهروب خارج «دير الزور»، لكن عناصر التنظيم ألقوا القبض على المهرّب وذبحوه أمامهم وأعادوهم إلى المدينة.

تدخل إحدى السيدات الخيمة فجأة لتقطع الحديث وتقول: «ليش تتحدثوا مع هذا الكافر»، ثم تنظر إلينا وتقول: «اخرج يا كافر»، لكن تتدخل «بهية» وتمنعها من الحديث، وتؤكد علينا بالبقاء داخل الخيمة، شعرنا بالقلق بسبب هذه التصرفات العدائية، لم تبقَ السيدة الغاضبة منا بالخيمة، فقد خرجت، لنلاحظ بعدها قدوم مجموعة من السيدات حول الخيمة، وكان المرافق قد غادر الخيمة من دون أن نعرف وجهته، شعرنا بالقلق من أن تقدم أى منهن على أى تصرف عدائى آخر، لذا حرصنا على تغيير وضعية جلوسنا بحيث لا يكون هناك فراغ خلفنا فاخترنا كومة من الأمتعة لنستند إليها، ويكون الجميع أمامنا، حتى لا يكون هناك أى مباغتة، توقعنا أن يكون لديهن أسلحة حادة أسفل جلابيبهن. استكملنا الحوار دون إظهار للقلق، وتستكمل السيدة العراقية الحديث لتشير إلى أنها فرّت من العراق وجاءت لتعيش هى وأسرتها فى «هجين» بدير الزور، فقُبض عليهم خلال خروجهم فى 27 يناير الماضى، لأنهم أجانب وليسوا سوريين، وتم ترحيلهم إلى هذا المخيم.

فور وصول المرافق، رغبت فى الخروج من الخيمة، فطوال الوقت وأنا أتوقع أن أتعرّض لاعتداء، خاصة أنه وصلتنى معلومات عن قيامهم باعتداء على زوار لهم من قبل، وأن فيهم من جاء حديثاً من التنظيم، جعلنا المرافق خلفنا ونحن نخرج من الخيمة خشية أى مباغتة من نسوة كن ينظرن إلى بعضهن وإلينا بصورة مريبة، خرجنا من الخيمة لنقف فى الخارج، ولكن النسوة خرجن من الخيمة وظللن ينظرن إلينا، حاولنا الاقتراب من خيمة، وكانت معنا «وداد»، تقول لنا: هذه خيمة توانسة، نصيح بالسلام من خارج الخيمة: «السلام عليكم»، من خلف مدخل الخيمة تسألنا، فنجيب، وتحاول «وداد» مساعدتنا بتعريفنا للداعشية التونسية، لكن نسمع الرد: «ما نتحدث مع كفرة، ابعديه عنا».

يُرهبن رفاقهن بالتعذيب والقتل.. والأطفال يقذفون المخيمات الأخرى والحرس بالحجارة مرددين: «يا كفرة».. والتونسيات يكفّرن الخليفة لأنه ترك جنوده يخسرون

لم تكن هذه اللهجات العدائية مريحة، ولم يكن وجودنا فى ظل نسوة يرمقننا بنظرات عدوانية مطمئناً، لكن تقترب إحدى النساء المنتقبات، وتقول لنا بلهجة مصرية هى المتداولة فى العاصمة: «انت منين فى مصر؟»، نتعجب ونسألها: «انتى مصرية؟»، فتجيب بأنها مصرية من منطقة «العبور» -إحدى المدن القريبة من القاهرة وتتبع محافظة القليوبية- وتخرجت فى كلية التجارة بجامعة عين شمس عام 2010، وتزوجت وسافرت إلى السعودية ثم إلى سوريا بعد أن انضمت هى وزوجها إلى تنظيم «داعش» فى سوريا وعاشا فى الرقة، ترفض الحديث إلينا، بل فقط كانت تريد أن تعرف العقوبة التى تنتظرها فى مصر إذا عادت، نجيب بأنه أمر غير معروف لنا ولا شأن لنا به، فهو شأن أمنى مصرى، وبعد محاولتنا الحديث معها رفضت، وقالت: «أنا أخاف أن يعتقلنى الأمن»، لم تمدنا بأى بيانات عنها، وتركتنا. رافقتنا «وداد» إلى خيام بها داعشيات تعرف أنهن قد يتحدثن إلينا، أخذتنا إلى ألمانية وأذربيجانية وأخرى سورية، وفى النهاية سألتها إذا ما كان بالمخيم داعشيات مصريات غير التى القتينا بها، أشارت إلى خيمة بعيدة وتركتنا عائدة إلى خيمتها، نذهب إلى الخيمة ونلقى التحية، لكن لم نسمع أى رد من داخل الخيمة لنرى سيدة منتقبة تبدو صغيرة فى السن، تأتى من خلفنا وتتحدث لنكتشف مباشرة أنها مصرية من لهجتها فى الحديث، لكنها هذه المرة تبدو من مناطق ريفية، قالت فى بداية الحديث إنها من مدينة «طنطا» لكنها تعود لتقول إنها من مدينة «دمياط»، نسألها عن الحقيقة فتقول لنا: «أنا خايفة أرجع مصر، لأنى حتسجن فيها»، نسألها عن سبب اقتناعها بالفكر الداعشى وكواليس خروجها من مصر، فتقول: «أنا منتقبة منذ أن كنت فى أولى جامعة، وربنا مقدر لى أبقى هنا»، مشيرة إلى أنها تزوجت من شاب من سلطنة عمان وبعدها سافرت إلى سوريا وكانت أنجبت منه 3 أبناء، لكنه قُتل خلال الحرب، فتزوجت من داعشى آخر وأنجبت منه طفلين وقُتل هو الآخر». خلال حديثى مع «الداعشية» المصرية جاء 3 من النسوة اللواتى كنّ يقفن خارج خيمة السيدة العراقية ووقفن على مقربة منّا، بينما التفّت سيدتنا من الناحية الأخرى، تتوقف عن الحديث قليلاً، لتقول لى: «خلى بالك من نفسك، كانوا عايزين يطعنوك عند بهية العراقية وأنا أنقذتك ووقفت لهم، ما تقعدش هنا، واخرج، أنا مش حخليهم ييجو جنبك، بس تخرج انت وأنا حشغلهم عنك». نسألها عن هويتهن ولماذا يرغبن فى طعننا فتقول: «هما تونسيات وسوريات بيكرهوا الصحافة والتليفزيون ومتشددين شوية، أول ما دخلت واحدة جت وقالت لى، وعرفت إنك مصرى، فجريت عليك علشان أشوفك ولما شفتهم ناويين يضربوك بالسكاكين وقّفتهم، بس هما شكلهم مصرين، امشى انت وأنا حشغلهم عنك». خلال هذا الحديث اقتربت سيدتان، لكنها قامت بالتوجه إليهما وتحدثت معهما، وقمنا نحن بالرجوع للخلف نحو البوابة، وفوجئنا بنحو 5 داعشيات يخرجن من بين الخيام من الجهتين من اليسار واليمين، ولكن حارساً مسلحاً ببندقية «كلاشينكوف» كان يراقب من بعيد، وجاء مسرعاً فى الوقت المناسب حتى قبل أن يصلن إلينا، ووقف خلفنا حتى خرجنا من الخيمة، لنلتقى بمسئول استخباراتى يوجد بالمخيم ويتولى مسئولية الداعشيات. يقول المسئول الاستخباراتى إن المخيم كان يجلب رجال الدواعش إليه، خاصة من له زوجة أو أخت بداخل المخيم، وتم القبض عليهم خلال محاولتهم التسلل للاطمئنان على زوجاتهم وأبنائهم، حتى إن المخيم تحول إلى «مصيدة» لمقاتلى التنظيم الهاربين الذين لديهم أسر فى الداخل، مشيراً إلى أن الكثير من النساء يعتدين على الحرس، وأن هناك واقعة اجتمع فيها أكثر من 100 داعشية منتقبة ألقين الحجارة على الحرس بعدما طعن أحدهم: «لم نتمكن من أن نعاقب من طعنته لأنهن كلهن منتقبات».

يقول جلال العيافى، مدير المخيم، خلال لقائنا به فى مكتبه، إن عوائل الدواعش كانوا موجودين فى خيامهم وسط بقية المواطنين النازحين، لكن إدارة المخيم قررت أن تنشئ لهم مخيماً خاصاً، بعد أن شعروا بأن وجودهم وسط المدنيين يشكل خطورة عليهم، معلقاً: «لأن النازحين اللى جايين على الأغلب اللى رايح ابنه واللى رايح أخوه من ورا داعش، فخفنا حد ينتقم منهم، يصير عنده ردة فعل إنه يشوف الداعشى بالمخيم»، مشيراً إلى أنه تم فصلهم عن بقية المخيم قبل 4 شهور، وأن عددهم 325 شخصاً وكلهم أطفال ونساء، وجنسياتهم من كل بلدان العالم، موضحاً أن الأكثرية من دولة «تونس». وحول سلوكهن داخل المخيم، يعلق أن العوائل الموجودة بالمخيم ما زالوا متمسكين بالفكر الداعشى، وتحديداً الخيام الموجودة على الأطراف، وهم الأحدث فى الدخول إلى المخيم، لكن الموجودين من شهور طويلة أقل حدة، حيث رأوا المعاملة الحسنة، معلقاً: «رغم ذلك تجد الدواعش اللى ييجوا حديثاً يسيطروا على القديم ويذكروهم بقواعد الفكر، ويفرضوا عليهم فكرهم، لأن الجديد لساهم بالفكر الداعشى»، موضحاً أنه طلب من النساء أن يتركن أولادهن حتى يلتحقوا بالمدارس، لكنهن رفضن، وقلن إن المدرسة لا يكون بها موسيقى أو رسم، لكنه مُصر على أن يختلطن بالمجتمع حتى يتغير فكرهن، لكنهن يرفضن لأنهن يرونهم «كفّاراً»: «النساء لا يتركن أطفالهن حتى يلعبوا مع أطفال النازحين، يقلن لهم لا تلعبوا مع ولاد العوام الكفرة، فهن يطلقن علينا العوام».

ويتابع «العيافى»: «ما زال فكرهم راح نرجع، راح نسوى، والدولة راجعة، والأولاد يمسكون العصا يسووها بارودة أو سيف، ويقذفون الحرس بالحجارة، ويقذفون على المخيم الثانى، حتى الأطفال تقول يا كفرة وتقذف، رغم أنهم يعاملون معاملة جيدة».

وعن العنف داخل المخيم بين النساء الداعشيات وما تعرضنا له فى الداخل من نظرات عدائية، يقول «العيافى»: «هنا فى المخيم يسيطرن على بعض، وسووا مجتمع ليهم وعملوا «الحسبة» -هيئة تطبيق الشريعة والحدود- وكنّ يعذبن النساء المخالفات فيهن»، مشيراً إلى أن أشهر الحوادث التى جرت فى المخيم كانت لداعشية مصرية تُدعى «أم هارون»، عمرها 30 عاماً، ألقت المخابرات القبض عليها فى دير الزور قبل 4 أشهر وجاءت هى وثلاثة من أطفالها، وفور دخولها المخيم التفّ حولها كل النساء والتزمن الوقوف، بل حملنها على أكتافهن، وكانت تقيم «الحسبة» وتجلد النساء داخل المخيم، وحاولت أن تذبح داعشية سورية داخل المخيم لأنها غير ملتزمة، لولا أن رآها الحرس وهى تقبض على السكين وتلقى بها على الأرض لقطع رقبتها، معلقاً: «الحرس لحقوا الموقف وسحبوها، وكانت تعنفهم وتقول: «أنا وأولادى فى سبيل الله، سيقام عليكى الحد يا كافرة»، لافتاً إلى أنه تم ترحيلها إلى السجن لخطورتها.

اخر الأخبار