د. جاد الله ورسالة حماس القمعية!

تابعنا على:   10:14 2018-12-26

كتب حسن عصفور/ ربما ساعدت ضجة قرار رئيس "بقايا سلطة الحكم الذاتي المحدود" في الضفة، بحل المجلس التشريعي خدمة لخطة نتنياهو السياسية، بالتغطية على خطوات قمع وإرهاب أقدمت عليها أجهزة حركة حماس الأمنية في قطاع غزة.

ففي ليل 23 ديسمبر 2018، أقدمت الأجهزة الأمنية الحاكمة في قطاع غزة باعتقال د. صلاح جاد الله، دكتور الهندسة الوراثية في الجامعة الاسلامية وأحد مؤسسيها، ومؤسسي حركة حماس، استمر في صفوفها لما يزيد عن ثلاثين عاما، لما كتب على حسابه الشخصي "الفيس بوك"، كلمات تحدث فيها بصوت عال وأحرف ناطقة، ما يقوله غالبية الـ 2 مليون غزي بصمت و"وشوشة"، وأحيانا بصوت شبه مسموع لابن الجيران.

لم تشفع للدكتور جارالله سنوات "خدمته" الطويلة في حماس، والتي تقارب نصف عمره تقريبا، وتجاهلت "القوة العمياء" ما قدم قبل أن يولد من قام بالاعتقال، لأنه قال ما لا يجب قوله، وفقا للظلامية الفكرية – السياسية، نطق ما راه حقا، فكتب بأحرف كان لها أن تكون شمعة للبحث عما أشار، وليس سيفا لقطع لسان.

. "حياة النفاق والكذب والدجل، عندما تكون مسؤول ومترف وشعبك منهك وفقير ومعدوم"، "...عندما تعيش حياة رغيدة مترفة انت وابناءك وتبيع شعارات الزهد والصبر على شعبك"، "...عندما تضحك على شعبك بتعليق شماعة المعاناة على الحصار...اين انت من الحصار وتبعاته، عندما تنهب ما يأتي للشعب من اموال وتبني به الفلل والقصور، وتدعي انه يذهب الى الفقراء ووووو، تكذب وتتمادى في الكذب والتمثيل وتعتقد ان الشعب لازال يثق بك، خاتماً، اي حياة هذه واي نفاق وكذب ودجل وسقوط وصلتم اليه".

تلك هي الكلمات التي أودت بمن كتبها الى أقبية سجن لا يعرف مكانه، من تلك السجون المنتشرة في قطاع غزة، داخل مقرات أمن وتحت مساجد وجوامع، وبدلا من الاستماع لما كتب، واعتبارها "كلمة حق" أو شبه حق، او مبالغ بها، وتبحث فيما قال، وأنها صرخة لا يمكن ان تكون من فراغ، وهو يعيش بين ظهراني تلك الأجهزة، ويعلم يقينا أكثر من بني الشعب، معنى قولها في ظل أجهزة أمنية لحركة عايشها طويلا، ويدرك ان ما سيقوله لن يعامل وفقا لمقولة " الخليفة عمر بن الخطاب: أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقومه ـ فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه". لن نخوض كثيرا في صوابية بعض الكلمات هنا ولكنها للدلالة على قول الحق!

د. صلاح لم يستخدم سيفا ولا رصاصا لمحاولة ما رآه "اعوجاجا"، او يعتقد أنه "اعوجاجا"، لكنه قالها كلمات ليست سرية، فبأي منطق يتم اقتياده ليلا، ليرمي في أقبية معتقلات متعددة المسميات.

أي حركة تلك التي لا تطيق عشر كلمات تتحدث عن رفض سلوك ومنهج، أي رسالة إرهاب تريد فرضها حماس على قطاع غزة، مستغلة الحصار وأنها "حركة مواجهة" للعدو القومي.

الإرهاب الداخلي لحرية الكلمة ليس بعيدا عن أي إرهاب آخر، ولا فارق كبير بين هذا وذاك، ولا تبرير له بأي غطاء كان، ومن يدعي مقاومة عدو عليه أن يكون أكثر التحاما بشعبه، وسلوك القمع الداخلي ليس سوى "سلاح الضعفاء".

ولأن حماس مصابة بهلع وارتعاش من أي إشارة لسلوكها المرفوض شعبيا في قطاع غزة، لن تسمح بأي تنتشر حركة الرفض والنقد لذلك المنهج، وبدلا من تصويب الاعوجاج، تستخدم سيفها الأمني لكبح جماح أي رفض علني لممارساتها التي لم تعد سرية...

ونموذج مضاف لمعركة حماس رفضا لأي نقد أو كشفا لسلوكها، ما قامت به إعلاميا ضد تقرير قبل نشره، سربته لها صحيفة مرتبطة بقطر أرسلته الصحافية هاجر حرب لتلك المطبوعة وفق اتفاق عمل بينهما، لكن الصحيفة خانت الأمانة المهنية وسربته الى أمن حماس بدل من نشره أو رفض نشره، تحت ذريعة لا مهنية التقري، ولكونها صحيفة قطرية تنتمي للجهة التي تمول تلك "المساعدات" موضع الفساد المشار إليه أرسلته لأمن حماس.

أجهزة حماس قررت انه مزور هددت وتوعدت، تقرير تناول ما اسماه "فساد" مؤسسة مدنية تتعلق بالتنمية والمساعدات، وأشارالى وجود فساد كبير بها.

كان يمكن تصديق رواية حماس لو ان سلوكها حقا "شفاف" في توزيع المساعدات، وأنها لا تميز بين "غزي وغزي" سوى بـ "التقوى الوطنية"، وليس الولاء الحزبي الكريهة، خاصة وأن التقرير جاء بعد اعتقال د. جاد الله، الذي كتب كلاما كاشفا لفساد ونفاق يضرب جسم الحركة.

رسائل حماس الأمنية ضد أي رفض لسلوكها، تمثل إنذارا لا يجب الصمت عليه، تحت أي ذريعة كانت، فالإرهاب إرهاب كان ما كان مسماه، ومن يرفض رأيا لفرد لا يمكن أن يسمح بنقد من جماعة أو فصيل...رسائل القمع الفكري ومصادرة حرية الرأي ومنع كشف الفساد أخطر على المجتمع من أي مرض آخر.

وقبل الختام، ما هي أخبار تقارير فساد كشف بعضها صحفي من حماس؟!

ملاحظة: من طرائف "مؤتمر دعم القدس" الذي نظمه الرجوب، حضور 4 وفود من 6 شاركت، لها علاقات "تطبيعيه" مع إسرائيل، كيف نصدق حكي الأحمد زميل الرجوب في الفصيل ذاته، عن أن المطبعين هم "أعداء" للشعب الفلسطيني.

تنويه خاص: بسرعة برقية "فرحة جدا" أعلن محمود عباس جاهزيته لتلبية دعوة البابا فرانسيس للحوار مع إسرائيل، كمان مرة نتنياهو دار قفاه لعباس وللدعوة...ولسه بقول لك أسقطنا "صفقة ترامب"!

اخر الأخبار