في الذكرى ال( 71) للنكبة : العودة تقترن بتحرير فلسطين ، وتقتضي رفض مقايضة الدولة بالعودة

تابعنا على:   19:57 2019-05-15

عليان عليان

جرى التعامل مع حق العودة ، للاجئين الفلسطينيين سابقاً ، في السياق السياسي والتكتيكي عبر ربطه بالقرار الأممي رقم 194 ، الذي ينص على حق العودة والتعويض ، وهذا الحق بالمعنى النظري ، يضمن للاجئين الفلسطينيين العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم ، في الجزء المخصص للكيان الصهيوني ، في قرار التقسيم الصادر في تشرين ثاني 1947 ، الذي منح اليهود ، حق إقامة دولتهم على (56 ) في المائة من أراضي فلسطين التاريخية ، وحيث تم ربط قبول هذا الكيان الغاصب ، كعضو كامل العضوية ، في الأمم المتحدة بتنفيذه القرار 194. .
لكن بعد توقيع اتفاقات أوسلو 1993 وما تضمنه من اعتراف بالقرار 242 ، تم التراجع عن قرار التقسيم على سوءته وإجحافه بحقوق الشعب الفلسطيني ، لصالح التسليم بوجود الكيان الصهيوني على 80 في المائة ، من مساحة فلسطين التاريخية ، وتم التراجع عملياً عن قرار 194 ، لأن القرارين مرتبطين ببعضهما البعض.
وبالتالي فإن المشاريع المعلنة ، لتصفية حق العودة ، على امتداد الفترة من مؤتمر مدريد ، وحتى اللحظة الراهنة ، وأبرزها وثيقة جنيف " عبد ربة – بيلين " والفقرة التصفوية لحق العودة " ، في مبادرة السلام العربية ، هي تحصيل حاصل لاتفاقات أوسلو ، وللاعتراف بقرار مجلس الأمن رقم 242 .
وقد يكون مشروعاً لبعض الأحزاب ، والفصائل الفلسطينية ولمؤتمرات حق العودة ، التي ترفض أوسلو وأخواتها ، التركيز على القرار 194 ، في سياق إدارة الصراع مع العدو الصهيوني وحلفائه ، وفي سياق كسب أصدقاء جدد للقضية ، والنضال الوطني الفلسطيني ، أو في سياق تحييد بعض الدول ، وعدم حشرها في خانة الأعداء ، لكن من غير المشروع لها ، أن تعبئ الشعب الفلسطيني وفق هذا القرار ، على حساب التثقيف والتعبئة ، بضرورة تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني ، وذلك ارتباطاً بعدة عوامل أبرزها ما يلي :
أولاً : لأن الحق التاريخي ، والطبيعي للشعب الفلسطيني ، في فلسطين التاريخية غير قابل للنقاش أو التأويل ، بحكم وقائع التاريخ والجغرافيا ، وهو حق مقدس فردي وجماعي ، وغير قابل للتفاوض أو الإنابة ، وهو حق قانوني من زاوية أن العرب كانوا يملكون في فلسطين ، عشية صدور قرار التقسيم ما يزيد عن 95 في المائة من أراضي فلسطين ، علماً أن أل (5) في المائة المتبقية نقلت إلى اليهود بطرق غير شرعية ، بحكم الدور الاستعماري الذي لعبته بريطانيا كدولة منتدبة على فلسطين ، منذ مطلع عشرينات القرن الماضي .
ثانياً : لأن هذا الحق ، حتى وفق منطوق القرار 194 ، وحدوده ،لا يمكن تطبيقه بالعمل السياسي والدبلوماسي ، وسبق أن قدم الباحث الدكتور سلمان أبو ستة خريطة تفصيلية ، للفراغات والمناطق غير المأهولة ، في مناطق 1948 ولم تلاق من المجتمع الدولي غير التجاهل ، وبالتالي فإن تحقيق حق العودة مرهون بدحر الاحتلال ، وبتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني .
ثالثاً : لأن العدو الصهيوني لا يرفض تنفيذ القرار 194 فحسب ، بل يسعى إلى تحقيق ترانسفير ، لسكان البلاد الأصليين في مناطق 1948 ، البالغ عددهم حوالي مليون ونصف مليون فلسطيني ، عبر التضييق عليهم ، وسلب ما تبقى لهم من أراضي ، ناهيك عن سعي حكومات العدو الصهيوني ، إلى كسب الاعتراف " بيهودية الدولة " ، من الجانب العربي الرسمي بعد إقرار الكنيست الصهيوني ما يسمى " بقانون القومية اليهودي"،وذلك الاعتراف في حال حصوله ، فإنه يصب في خانة تطهير عرقي قادم للفلسطينيين في مناطق 1948 .
رابعاً : لأن العدو الصهيوني ، يتعامل بازدراء ، مع تهافت النظام العربي الرسمي على قرارات الشرعية الدولية والقرار 194 في صيغته المعدلة في مبادرة " السلام " العربية وعمل على معارضة هذا الحق "بيهودية الدولة " ، وبنفي صفة اللاجئ عن أبناء وأحفاد الآباء والأجداد ، الذين كانوا في فلسطين قبل عام 1948 ، وبمطالبته بتعويض اليهود ، الذين جاءوا إلى ( إسرائيل) من بعض الدول العربية ، بعشرات المليارات من الدولارات ، متجاهلاً حقيقة أن هؤلاء اليهود ، تم تهجيرهم إلى الكيان الصهيوني ، عبر مؤامرة شاركت فيها الوكالة اليهودية ، والموساد الإسرائيلي ، وبعض الأنظمة العربية العميلة لقوى الاستعمار .
في الذكرى أل (71) للنكبة ، لابد من التحذير من الأخطار الدائمة ، التي تتهدد حق العودة ممثلةً باتفاقات أوسلو وما تلاها من اتفاقات لاحقة ة ، فهذه الاتفاقات فتحت الباب أمام مشاريع تفريطيه متعددة بحق العودة، وتطرح بدائل التوطين والتأهيل مثل: وثيقة جنيف، خطة خارطة الطريق، وسري نسيبة- أيلون، والفقرة المتعلقة باللاجئين في مبادرة السلام العربية التي تخضع حق العودة للمساومة..ألخ ولا بد من اشتقاق السبل الكفيلة لإفشال صفقة القرن التي تهدد بتصفية القضية الفلسطينية وعنوانها حق العودة .
ولا بد من وضع حد لتصرفات قيادة السلطة التي تعلن نهاراً جهاراً عن تخليها هن حق العودة إذ بالرغم من أن بيانات المجلس الوطني الفلسطيني تؤكد على حق العودة ، وبالرغم أن قضية حق العودة ثابت استراتيجي في البرنامج الفلسطيني ، إلا أن سلوك قيادة المنظمة والسلطة يناقض ذلك ، فرئيس السلطة الفلسطينية – رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، في الخطاب الذي القاه في جلسة افتتاح ما يسمى بمنتدى الحرية والسلام الفلسطيني في مقر السلطة في مدينة رام الله في 7 شباط – فبراير 2019، الذي ضم شخصيات فلسطينية وإسرائيلية، أعلن بأنه لن يسمح بعودة (5) ملايين لاجئ فلسطيني إلى ديارهم مكذباً ادعاءات الإعلام الإسرائيلي بهذا الصدد.
وقال بالحرف الواحد " نحن لا نسعى ولن نعمل على اغراق إسرائيل بالملايين.. هذا هراء.. نحن نعمل من اجل مستقبل شباب إسرائيل ونقدر حساسية إسرائيل تجاه الامن، وخوفها من المستقبل والتطرف.. ونقبل بحلف الناتو ليقوم بمهمة تأمين الامن للطرفين، ونتمسك بكل اتفاقاتنا الأمنية لمواجهة خطر الإرهاب.
وأخيراً :باختصار شديد لا بد من تعبئة الشعب الفلسطيني بحق العودة المرتبط بالتحرير الكامل لفلسطين التاريخية ، بوصفها الوطن التاريخي لشعب الفلسطيني ، ولا بد من تعبئته باتجاه رفض مقايضة الدولة بالعودة ، ولا بد من حراك جماهيري والبناء على مسيرات العودة ، وممارسة كل أشكال المقاومة لإفشال صفقة القرن التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية برمتها.

كلمات دلالية

اخر الأخبار