برلمان ألمانيا وحركة المقاطعة

تابعنا على:   15:13 2019-05-19

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول

أقر البرلمان الألماني يوم الجمعة الموافق ال 17 من مايو / أيار الحالي (2019) مشروع قرار يعتبر ان حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) حركة "مناهضة للسامية"، وهو ما يفرض على الحكومة الألمانية إعادة النظر بتمويل مشاريع يشارك فيها مناصرون وداعمون لحركة المقاطعة. ودعم المشروع كل من: حزب الإتحاد المسيحي الديمقراطي، الذي تتزعمه أنجيلا ميركل، والحزب الإجتماعي الديمقراطي، وحزب ألمانيا القومي الديمقراطي، وكان حزب الخضر، الذي يدعم حرية الرأي والتعبير، يوزع مناشير، يؤكد وقوفه ضد حركة المقاطعة.، مع انه لم يصوت لجانب المشروع. 

لكن الملفت للنظر، ان الترويج لمشروع القرار المتناقض مع روح السلام، وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، تضمن تشويها متعمدا، ومقصودا لطبيعة ومواقف وأهداف حركة المقاطعة (BDS)، عندما قلب المعادلة، وإدعى ما لم تقله الحركة الأممية الداعمة لخيار السلام، وبدل ان يشير المشرع، إلى الهدف النبيل الذي تعمل من اجل تحقيقه حركة المقاطعة، وهو إزالة الإستعمار الإسرائيلي من أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967 بما فيها القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية، إدعى ان حركة المقاطعة "تدعو إلى تجريد إسرائيل من حق الدفاع عن نفسها!" وهذا لا يمت للحقيقة بصلة نهائيا. لا سيما وإن إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، هي المعتدية، وهي المحتلة للأرض الفلسطينية، وهي التي تنتهك وتصادر وتهود الأرض الفلسطينية، وتستبيح مصالح وحقوق ابناء الشعب العربي الفلسطيني، وجرائم حربها لا تتوقف للحظة ضد الفلسطينيين العزل.   

موقف البرلمان الألماني الجديد وجد الصدى الإيجابي في دولة الإستعمار الإسرائيلية، لأنه يخدم توجهاتها العدوانية من حيث تريد ألمانيا أو لا تريد. ولكنها الحقيقة، وإعتبر نتنياهو رئيس الوزراء المكلف، ان التصويت إنتصارا لإسرائيل ولخياره الإستعماري، لأنه شاء أعضاء البرلمان الألمان، أم لم يشأوا جاء التصويت يخدم العملية الإستعمارية الإسرائيلية. 

نعلم علم اليقين العقدة الألمانية التاريخية الملازمة لها من المسألة اليهودية جراء جرائم المحرقة النازية الهتلرية في الحرب العالمية الثانية. ولكن التصويت لصالح مشروع القرار، لم يكن نتيجة العقدة، التي باتت مفضوحة، ولم تعد مستساغة، أو مقبولة من قبل الرأي العام العالمي، وبات الحديث عن "معاداة اللاسامية" نكتة ممجوجة، ومرفوضة، ولا تقبل القسمة مع روح السلام، لإن الإسرائيليين الموجودين في إسرائيل ليسوا ساميون، بل هم من اتباع حام، لإنهم من يهود أوروبا، من بقايا مملكة الخزر. أضف إلى ان دولة قائمة على التطهير العرقي، والتمييز العنصري، وترتكب جرائم حرب على مدار الساعة، وترفض خيار السلام، وتسن قانون "أساس الدولة القومية اليهودية" في تموز / يوليو 2018، الذي تلغي فيه إسرائيل حق تقرير المصير لإصحاب الأرض الأصليين من ابناء الشعب العربي الفلسطيني، وتسمح بالإستيطان الإستعماري في كل فلسطين التاريخية لليهود الصهاينة المارقين، هي دولة على العالم عموما، وألمانيا خصوصا أن تدينها، وتعمل على تطويقها، وفرض العقوبات عليها، وبالتالي العمل على دعم حركة المقاطعة لإسرائيل إلى أن تعود لجادة السلام، وتفتح الأفق لخيار حل الدولتين، لا العكس. 

لكن على ما يبدو أن المشرع الألماني وقع أسير الحملة الصهيونية المزورة، والكاذبة، التي عملت، وتعمل على تشويه خلفيات، ودوافع وأهداف حركة المقاطعة لإسرائيل ولمستعمراتها المقامة على أراضي دولة فلسطين المحتلة في حزيران / يونيو 1967، فهي حركة تعمل لمحاربة الإستعمار، وتدعو لخلق مناخات إيجابية لبناء ركائز عملية سلام ممكنة ومقبولة، وتستند إلى قرارات ومواثيق الشرعية الدولية، ومرجعيات عملية السلام. للأسف الشديد وقع البرلمان الألماني في الشرك الصهيوني، وعليه ان يراجع عملية التصويت في أقرب وقت ممكن. لإن بقاء القانون الألماني الجديد لا يساعد عملية السلام، بل يعرضها للخطر، ويسيء لكفاح وحرية الشعب العربي الفلسطيني، ويتناقض مع ما تصوت لصالحه الدولة الألمانية. فهل يراجع الأصدقاء الألمان قانونهم الجديد دعما للسلام والعدالة النسبية؟ 

كلمات دلالية

اخر الأخبار