الالـتـفـاف حـول إسـرائـيـل

تابعنا على:   15:48 2019-05-20

خالد صادق

في أعقاب قرار البرلمان الألماني بإدانة حركة المقاطعة (B.D.S), توالت مواقف المجتمع الدولي المنحازة للاحتلال بشكل سافر, وتتزامن هذه المواقف المخيبة للآمال مع إعلان الإدارة الأمريكية عن طرح ما يسمى "بصفقة القرن" التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية, وإنهائها وفق رؤية "إسرائيل" ووجهة نظرها, وحتى تمرر صفقة القرن يجب ان يؤيدها المجتمع الدولي ويهيئ الأجواء المناسبة لها بالتنسيق مع الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية, فالممثلة العليا للخارجية الأوروبية فديريكا موغريني التي لم تدن العدوان الصهيوني على غزة, والذي أدي لاستشهاد مدنيين فلسطينيين عزل من النساء والأطفال والأجنة في بطون أمهاتهم, أدانت صواريخ المقاومة التي كانت تدافع عن نفسها وتحمي شعبها من قصف الطائرات والمدافع, ولم تكتف موغريني بذلك, إنما طالبت بمراجعة المناهج التعليمية الفلسطينية, على اعتبار أنها مناهج متطرفة, وتناست عن عمد مناهج "إسرائيل" التي يضعها ويشرف عليها حاخامات الاحتلال وغلاة متطرفيه.

يبدو ان موغريني تجاهلت عن عمد ما قام به عدد من الباحثين بتحليل الكتب الدراسية الإسرائيلية وكتب أدب الأطفال لمعرفة صورة العربي والمسلم والفلسطيني في هذه الكتب، ومدى التحريض وحجم المغالطات الذي تتضمنه ، والتي أظهرت تطرف المناهج الإسرائيلية وتحريفها للتاريخ والحقائق. وقد تمثلت عنصرية هذه المناهج في مهاجمة الديانات السماوية غير اليهودية، وتعزيز الوعي الديني لدى الطلاب بملكية اليهود للأرض، وإظهار تأثر الإسلام باليهودية والتشكيك في الوحي المتنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والترويج أن الإسلام سبب التأخر والرجعية. أما من الناحية التاريخية فقد ركزت المناهج الإسرائيلية على إثبات الحق اليهودي في فلسطين مقابل تغييب الوجود العربي والإسلامي فيها، وتصوير الفتوحات الإسلامية بأنها احتلال، إلى جانب طمس الأسماء العربية للأماكن والآثار واستبدالها بأسماء عبرية, هذا الأمر مقبول لدى الدول الأوروبية والمجتمع الدولي, إنما المناهج التعليمية الفلسطينية غير مقبولة فيا له من أمر مريب.

يبدو ان هناك حالة التفاف حول "إسرائيل" بعد ان شعرت بخيبة أمل كبيرة بسبب فشلها الذريع في العدوان على غزة, شبكة الحماية والأمان لإسرائيل تأتي أولا من الإدارة الأمريكية, ثم الاتحاد الأوروبي, ثم المجتمع الدولي, وكلما كان الخطب جسيما, كلما كان الالتفاف حول "إسرائيل" اكبر, فعندما نسمع وزير الخارجية الأمريكي بومبيو, وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, الذي اخذ مكانته السياسية من كونه زوج بنت الرئيس ترامب يقولان, "ان المشكلة الفلسطينية لا تكمن في الاستيطان, إنما تكمن في صواريخ حماس والجهاد الإسلامي", فان هذا يدل على عمق المأزق الذي وقعت فيه "إسرائيل" وهنا يأتي دور الحلفاء لحمايتها والوقوف إلى جوارها, بينما لا يجد الفلسطينيون لا رفيقا ولا صديقا يناصرهم, فالفلسطينيون لا بواكي لهم, وكثير من الدول العربية والإسلامية تخشى مناصرة القضية الفلسطينية والوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني, بعد ان نصبت أمريكا نفسها شرطيا يحكم العالم ويساند "إسرائيل" بلا حدود.

لم يعد المجتمع الدولي بحاجة إلى ان يتجمل ليقنع الفلسطينيين والعرب والمسلمين بحيادته ووقوفه إلى جانب الحق الفلسطيني, فهو أزال القناع الزائف عن وجهه القبيح, نحن كفلسطينيين وعرب ومسلمين لدينا أوراق قوة كثيرة سياسية واقتصادية نستطيع من خلالها الضغط على المجتمع الدولي وإحراجه, لكننا لا نعرف قيمة هذه الأوراق التي بيدنا ولا نجيد استخدامها, فالكل في الضعف والوهن والجبن سواء.

اخر الأخبار