إذا "هبّت" انتفاضة..

تابعنا على:   15:30 2019-06-14

د.أحمد جميل عزم

في أحد النقاشات في جامعة بريطانية، وقف شخص متقدم بالسن، يبدو أن اهتمامه بالشأن الفلسطيني جديد، وسأل ماذا تعنون بكلمة “انتفاضة”؟ وكان المتحدثون يستخدمونها أحياناً بالعربية للإشارة لما يحدث في فلسطين. فأوضحوا له معناها بالإنجليزية، فصرخ لماذا لا تستخدمون المفردة الانجليزية؟ أوضح المتحدث أنّ الكلمة دخلت التداول دلالة خاصة للسياق الفلسطيني.

في الواقع أنّ “الانتفاضة” لم تدخل في اللغات فقط، بل أصبحت سؤالا متكررا دائما، “هل تحدث انتفاضة؟”. في السنوات العشر الفائتة، على الأقل، توجد برامج تلفزيونية ومقالات عديدة في مراحل متفرقة. وأذكر نهاية العام 2015 عندما بدأت موجة عمليات مقاومة فردية، كان السؤال “المزعج” الذي يتردد في الإعلام، حد العصبية، هل ما يحدث انتفاضة أم هبة؟ ومع أن الفرق بين الاثنتين تاريخياً، محدود، فمثلا تسمى أحداث العام 1929 في فلسطين، باسم “ثورة البراق”، مثلما تسمى “هبة البراق”. بمعنى أنّ ما يسمى ثورة قد يسمى هبة، مع أن “الجدل” في العام 2015 كان باعتبار الهبة أقل من مستوى انتفاضة.

بغض النظر عن التسميات، جرت العادة في النقاش، التساؤل إذا كان حدث معين سيؤدي لانتفاضة، مثلا هل “سيؤدي الاعتراف الأميركي في القدس عاصمةً لإسرائيل لانتفاضة؟”، هل تؤدي “صفقة القرن” لذلك؟

من الممكن السؤال الآن بطريقة مختلفة، قد تبدو غريبة، “إذا قامت انتفاضة ماذا ستكون أسبابها الآن؟”.

إذ وقعت انتفاضة فلسطينية بعد شهر، ماذا ستكون أسبابها، يمكن في الواقع الحديث عن “قصص” واحداث؟

في العام 1987 مثلاً جاءت الشرارة من دهس أربعة عمال في مدينة جباليا في قطاع غزة. ولكن أضيف لها، أجواء حماسية رافقت، عملية الطائرة الشراعية الفدائية التي نزل بها شاب سوري، هو خالد أكر، لمعسكر للجيش الإسرائيلي، شمال فلسطين المحتلة، وقاتل الجنود. ثم قيل أيضاً أن الإهمال النسبي للقضية الفلسطينية في القمة العربية حينها نشر توتراً وشعورا بالخيبة بين الفلسطينيين. وبطبيعة الحال هذه كلها شرارات، والسبب كان ويبقى الاحتلال ككل.

إذا وقعت انتفاضة الآن سيقال، إنّ ورشة البحرين الاقتصادية، سبب، وسيقال إنّ اقتحامات الجنود الإسرائيليين التي أخذت منحنى مختلفا هذا الأسبوع هي السبب، من مثل الحصار الغريب الذي قامت به القوات الإسرائيلية لمقر الأمن الوقائي الفلسطيني، في نابلس، وإطلاق النار داخله، وقيل إنّ هذا حدث بالخطأ، سبب. أو سُيقال إنّ دخول الجيش الإسرائيلي لمنطقة قلنديا، وهدم منشآت وبناية هناك بداعي عدم الترخيص، علما أنّ المنطقة ومحيطها، باتت جيباً يهمله الإسرائيليون على أطراف القدس، لدرجة صارت فيها أبراج سكنية تبدو عشوائية، وباتت منطقة لا يوجد فيها خدمات أو قانون، إذ يمنع الفلسطينيون من حفظ أمن المنطقة ويهملها الإسرائيليون.

سيقال إنّ الموقف السياسي المبدئي للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية إزاء ما يسمى “صفقة القرن”، واقتطاع أموال المقاصة، أوجدت جوا جديدا. فضلا عن تفاقم الأزمة الحياتية بسبب الرواتب المقلّصة.

لا يوجد أسبوع تقريباً لا توجد فيه أحداث سياسية وميدانية يمكن أن تبرر انتفاضة.

السؤال المتكرر “هل ستحدث انتفاضة؟” يعني ببساطة أنّه ليست كلمة “انتفاضة” التي دخلت اللغات فقط، بل إنّ أسلوب الانتفاضة، التي يقوم بها الشعب، تبدو في نظر العموم، كأنها الأسلوب الوحيد المحتمل والممكن.

في أحد النقاشات في جامعة بريطانية، وقف شخص متقدم بالسن، يبدو أن اهتمامه بالشأن الفلسطيني جديد، وسأل ماذا تعنون بكلمة “انتفاضة”؟ وكان المتحدثون يستخدمونها أحياناً بالعربية للإشارة لما يحدث في فلسطين. فأوضحوا له معناها بالإنجليزية، فصرخ لماذا لا تستخدمون المفردة الانجليزية؟ أوضح المتحدث أنّ الكلمة دخلت التداول دلالة خاصة للسياق الفلسطيني.

في الواقع أنّ “الانتفاضة” لم تدخل في اللغات فقط، بل أصبحت سؤالا متكررا دائما، “هل تحدث انتفاضة؟”. في السنوات العشر الفائتة، على الأقل، توجد برامج تلفزيونية ومقالات عديدة في مراحل متفرقة. وأذكر نهاية العام 2015 عندما بدأت موجة عمليات مقاومة فردية، كان السؤال “المزعج” الذي يتردد في الإعلام، حد العصبية، هل ما يحدث انتفاضة أم هبة؟ ومع أن الفرق بين الاثنتين تاريخياً، محدود، فمثلا تسمى أحداث العام 1929 في فلسطين، باسم “ثورة البراق”، مثلما تسمى “هبة البراق”. بمعنى أنّ ما يسمى ثورة قد يسمى هبة، مع أن “الجدل” في العام 2015 كان باعتبار الهبة أقل من مستوى انتفاضة.

بغض النظر عن التسميات، جرت العادة في النقاش، التساؤل إذا كان حدث معين سيؤدي لانتفاضة، مثلا هل “سيؤدي الاعتراف الأميركي في القدس عاصمةً لإسرائيل لانتفاضة؟”، هل تؤدي “صفقة القرن” لذلك؟

من الممكن السؤال الآن بطريقة مختلفة، قد تبدو غريبة، “إذا قامت انتفاضة ماذا ستكون أسبابها الآن؟”.

إذ وقعت انتفاضة فلسطينية بعد شهر، ماذا ستكون أسبابها، يمكن في الواقع الحديث عن “قصص” واحداث؟

في العام 1987 مثلاً جاءت الشرارة من دهس أربعة عمال في مدينة جباليا في قطاع غزة. ولكن أضيف لها، أجواء حماسية رافقت، عملية الطائرة الشراعية الفدائية التي نزل بها شاب سوري، هو خالد أكر، لمعسكر للجيش الإسرائيلي، شمال فلسطين المحتلة، وقاتل الجنود. ثم قيل أيضاً أن الإهمال النسبي للقضية الفلسطينية في القمة العربية حينها نشر توتراً وشعورا بالخيبة بين الفلسطينيين. وبطبيعة الحال هذه كلها شرارات، والسبب كان ويبقى الاحتلال ككل.

إذا وقعت انتفاضة الآن سيقال، إنّ ورشة البحرين الاقتصادية، سبب، وسيقال إنّ اقتحامات الجنود الإسرائيليين التي أخذت منحنى مختلفا هذا الأسبوع هي السبب، من مثل الحصار الغريب الذي قامت به القوات الإسرائيلية لمقر الأمن الوقائي الفلسطيني، في نابلس، وإطلاق النار داخله، وقيل إنّ هذا حدث بالخطأ، سبب. أو سُيقال إنّ دخول الجيش الإسرائيلي لمنطقة قلنديا، وهدم منشآت وبناية هناك بداعي عدم الترخيص، علما أنّ المنطقة ومحيطها، باتت جيباً يهمله الإسرائيليون على أطراف القدس، لدرجة صارت فيها أبراج سكنية تبدو عشوائية، وباتت منطقة لا يوجد فيها خدمات أو قانون، إذ يمنع الفلسطينيون من حفظ أمن المنطقة ويهملها الإسرائيليون.

سيقال إنّ الموقف السياسي المبدئي للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية إزاء ما يسمى “صفقة القرن”، واقتطاع أموال المقاصة، أوجدت جوا جديدا. فضلا عن تفاقم الأزمة الحياتية بسبب الرواتب المقلّصة.

لا يوجد أسبوع تقريباً لا توجد فيه أحداث سياسية وميدانية يمكن أن تبرر انتفاضة.

السؤال المتكرر “هل ستحدث انتفاضة؟” يعني ببساطة أنّه ليست كلمة “انتفاضة” التي دخلت اللغات فقط، بل إنّ أسلوب الانتفاضة، التي يقوم بها الشعب، تبدو في نظر العموم، كأنها الأسلوب الوحيد المحتمل والممكن.

هذا يَعني عدم وجود قناعة بأي قوة قادرة على فعل شيء سوى الشعب، باعتبار أنّه لا توجد خيارات عسكرية نظامية (جيوش)، ولا دبلوماسية رسمية (أمم متحدة أو مفاوضات)، ولا توجد عقوبات أو مواقف سياسية أو اقتصادية عربية أو دولية مؤثرة.

السؤال الحقيقي، إذا كانت الخيارات العسكرية، والدبلوماسية، الفلسطينية مقفلة، والفصائل (جميعها) شبه مُعطّلة، والانتفاضة لا تحدث، (بمعنى أنّها لم تعد خياراً) فما الذي سيحدث لاحقاً، هل ستنشأ ظاهرة جديدة ما؟

هذا السؤال ليس عبثياً، بل مُلحا لأنّ هناك حالة ضاغطة في الشأن الفلسطيني، وتبدو كل الخيارات مقفلة، بما فيها الانتفاضة. ولكن الفراغ شبه مستحيل. فإجابة السؤال قد تعني ببساطة الإجابة عن: ما العمل؟

ما هو التنظيم الشعبي؟ التنظيم السياسي؟ الفعل الدولي؟ الممكنة في هذه المرحلة.

عن الغد الأردنية

بأي قوة قادرة على فعل شيء سوى الشعب، باعتبار أنّه لا توجد خيارات عسكرية نظامية (جيوش)، ولا دبلوماسية رسمية (أمم متحدة أو مفاوضات)، ولا توجد عقوبات أو مواقف سياسية أو اقتصادية عربية أو دولية مؤثرة.

السؤال الحقيقي، إذا كانت الخيارات العسكرية، والدبلوماسية، الفلسطينية مقفلة، والفصائل (جميعها) شبه مُعطّلة، والانتفاضة لا تحدث، (بمعنى أنّها لم تعد خياراً) فما الذي سيحدث لاحقاً، هل ستنشأ ظاهرة جديدة ما؟

هذا السؤال ليس عبثياً، بل مُلحا لأنّ هناك حالة ضاغطة في الشأن الفلسطيني، وتبدو كل الخيارات مقفلة، بما فيها الانتفاضة. ولكن الفراغ شبه مستحيل. فإجابة السؤال قد تعني ببساطة الإجابة عن: ما العمل؟

ما هو التنظيم الشعبي؟ التنظيم السياسي؟ الفعل الدولي؟ الممكنة في هذه المرحلة.

عن الغد الأردنية

كلمات دلالية

اخر الأخبار