"باب عباس الموارب" والتهديد الذي لن ينفذ أبدا!

تابعنا على:   08:48 2019-07-04

كتب حسن عصفور/ في مفاجأة "إعلامية" التقى رئيس سلطة الحكم الذاتي المحدود محمود عباس، بصحفيين معتمدين في الضفة والقطاع، لقاء كان له ان يكون "الحدث الوطني" الأبرز بعد الهجوم السياسي الأمريكي التهويدي، وغضبة القدس وبلداتها، بأن يتقدم برؤية واضحة للقادم السياسي.

لكن الرئيس عباس، لم يخالف المتوقع بأنه لا يملك رؤية – خطة سياسية محددة لتقديمها كمخرج من "أزمة عاصفة" تضرب جوهر المشروع الوطني، ولجأ الى "اسلوب" يعتقد انه سيكسبه شعبية ما وسط بعض العامة، بأن يقول الفاظا لوصف الأمريكي، فيما يهرب هروبا من أي إشارة للفعل الاحتلالي.

في حوار عباس الإعلامي، أعلن رفضه لخطة ترامب بشقيها الاقتصادي والسياسي، وقال بـ "ثقة عرجاء"، ان الخطة لن تنفذ ما دام قد رفضها الفلسطينيون، وناقض نفسه بشكل عجيب، وهو يشير الى تنفيذ جوهرها في القدس واللاجئين والاعتراف بضم أراضي.

وكان ملفتا أن مر مروا عابرا على "أزمة القدس" الأخيرة، سواء ما يتعلق بالتهويد الصريح وحفر نفق تحت بلدة سلوان كمقدمة لبناء الهيكل، ومن الحالة الشعبية الغاضبة في بلداتها، خاصة العيساوية، التي لم يترحم على شهيدها ولم يتذكر مصابيها، وأشار للحدث فيها، كأنها تحدث في بلاد "مجاورة"، وليس في قلب العاصمة الفلسطينية.

خطاب بلا رؤية وفاقد لرسم عناصر الخروج من الأزمة العميقة، وهروبا غريبا من التعامل مع كيفية وضع نهاية للانقسام، بتكرار حديث مملل خارج النص العام، ورفض توضيح موقفه من دعوات لعقد لقاء عام، أو ضمن الإطار القيادي المؤقت، فيما قال إنه تقدم لحماس (دون القوى الأخرى) بمقترح لخوض الانتخابات التشريعية في قائمة موحدة، ومتهربا من الانتخابات الرئاسية، كونه يعلم يقينا حجم العقاب الذي سيناله لو فكر يوما بها...

الملفت في الخطاب الهروبي، انه بعد الحملة اللفظية "شتما" ضد كوشنير وأمريكا، كشف أنه يحتفظ بعلاقة معها وفق مبدأ جديد أسماه "الباب الموارب"، ورغم انه لم يحدد طبيعة القضايا التي يمكن لها ان تدخل عبر هذا الباب، لكنه كشف أن الجوهري الآن تلك "الشراكة الأمنية في التحالف ضد الإرهاب".

سلطة تحت الاحتلال، منتهكة بكل أشكال الانتهاك من أمريكا ودولة الكيان، يتفاخر رئيسها بأنه "شريك" في محاربة الإرهاب، دون أن يحدد ما هو الإرهاب، وما هي الخدمات "الجليلة" التي تقدمها أجهزته الأمنية للمخابرات الأمريكية في سياق هذا "التحالف"، وهل هناك تحالف أمني دولي، دون ضوابط سياسية.

هل يعلم رئيس سلطة الحكم المحدود، بأن تعريف الإرهابي وفقا للإدارة الأمريكية يشمل غالبية قوى الشعب الفلسطيني، وأخرهم رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، والمفترض انه "الشريك في التحالف الانتخابي" لقائمة عباس المقترحة.

المواربة هنا، ان تبقى "الشراكة الأمنية" بكل أركانها حتى المعادية للشعب الفلسطيني، فيما يتظاهر برفض سياسي لموقفها، هل هناك "رؤية أمنية" لأي دولة في العالم دون رؤية سياسية تتحكم بها...وهنا نسأل لماذا الإصرار على "الشراكة الأمنية" ما دام عباس يرفض العلاقة السياسية...وهل حقا يمكن اعتبار الرفض صادقا!

ويبدو ان عباس أصابه الإرهاق الذهني في نهاية حواره الإعلامي، عندما أشار الى انه سيوقف العمل بكل الاتفاقات مع إسرائيل "إذا" لم تلتزم بها...ياااااه على هذا التعبير العجب "إذا..."، هل يعقل أن الرئيس عباس لا يعلم أن دولة الكيان لم يعد لها علاقة بأي من تلك الاتفاقات التي باتت "كادوكا سياسيا" منذ اغتيال الخالد المؤسس أبو عمار، وكأنه لم يقرأ رسائل عريقات التي يرسلها مع كل حالة عجز لمواجهة حكومة نتنياهو، ويكمل عباس بأنه لن يقبل بسلطة ليست سلطة...أي مهزلة تجسدها هذه العبارة، وهو الذي لا يستطيع السير فوق طريق برام الله دون سماح من ضابط بجيش الاحتلال.

تهديد عباس يمثل الكوميديا الجديدة التي باتت هي سيدة الموقف السياسي، وهو تحديدا لا يملك من امره قرارا للقيام بوقف تلك العلاقات، أو فك الارتباط بدولة الكيان، لأن مصيره السياسي والعائلي بات مرتبطا بها، وأي تغيير بطبيعتها سيكون هو الثمن الأول لها، تهديد يسمعه قادة حكومة الكيان وهم مصابون بنوبة من السخرية النادرة.

شريك أمريكا الأمني وشريك دولة الاحتلال الأمني، هل يمكن له أن يكون شريكا سياسيا لقوى الشعب الفلسطيني، وهل له ان يقود حالة غضب لحماية المشروع الوطني...اسئلة برسم النقاش!

ملاحظة: بعيدا عن حالة التضامن السياسية مع حسن يوسف، فمقابلة نجله صهيب مع إذاعة عبرية، تضع حماس في قفص الاتهام، خاصة خدمتها التجسسية لتركيا...معقول أن تكون شريك أمني معها ضد العرب...مسالة لا تحتمل الصمت!

تنويه خاص: من طرائف خطاب عباس انه شكر صبر الناس على أزمة الراتب، شكر يكشف انه "غايب فيلة تماما" عما يحدث مع الناس، صحيح ليش نسى أزمة فساد رواتب الوزراء!

كلمات دلالية

اخر الأخبار