إذا هبت ريحكم فاغتنموها

تابعنا على:   10:40 2019-07-19

محمود مرداوي 

لحظات الترقب والانتظار التي سادت في الأسابيع الماضية ولاحت في الأفق نذر التصعيد بدت في الآونة الأخيرة تنقشع، وحالة الغموض تتضح ويغلب الظن أن الأمور لا تتجه نحو الصدام العسكري مع أن الاحتكاك لا زال خشناً والمفاوضات تتواصل بأدوات متعددة مباشرة وغير مباشرة .
هذا التطور ليس نهائياً ولا تقديراً ثابتاً وحاسماً ، مع أنه يرجح وكل المؤشرات في القراءة لكلا المعسكرين تخلص إلى هذه النتيجة ، لكنّ منطق الأحداث وصيرورتها تقهر رغبة القائمين عليها ولنا في التاريخ شواهد كثيرة ونماذج متعددة لاندلاع حروب بقراءة خاطئة لسلوك الخصم.
وفي كل الأحوال تناقض المصالح وإيقاع المواجهة ومستوى وتأثير الأدوات المستخدمة فيها يؤكد أنها لن تطول وتستمر وستصل إلى نتيجة يقبل فيها الطرفان حلاً يحافظ على مصالحهما .
هذه القراءة تضعنا على أبواب مرحلة جديدة ومعطيات مختلفة وتحد صعب ومن نوع جديد، فالتحديات التي تواجه المقاومة ثلاثة:
الأول* :
انكشاف ظهرها وعجزها عن الحصول على الأدوات اللازمة التي تُمكنها من الاستمرار في برامجها والسير نحو مشروعها .
والثاني:
تحسين بيئة الأعداء والخصوم وثبات وجمود بيئة المقاومة، وافتقارها لكل الموارد والمستلزمات للتطوير في مواجهة التحديات المستجدة.
والثالث:
تغيير البيئة الصديقة إيجابياً وتمكين المقاومة من امتلاك القدرة على المواصلة والتعزيز والتطوير والتكثيف في حيزها المكاني والزماني بما يتوافق مع رؤيتها واستراتيجيتها في إطار المشروع الوطني التحرري.

سياق الأحداث وفق قراءتنا يوحي بأن الأصدقاء سيتوصلون إلى اتفاق يفضي إلى تحقيق جزء مهم من مصالحهم وتطلعاتهم في المنطقة على حساب دول الخليج مع تحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة والتي ستصب في مصلحة دولة الاحتلال دون ما تعالج المشاكل التي تواجهها وتتصدى لها فيما يتعلق بصفقة القرن ومواجهة المقاومة في لبنان، وتبقى الساحة السورية قابلة للأخذ والعطاء والأيام ستُجلي المشهد بحيث يتضح حجم التنازلات الإيرانية المتوقعة في هذا الملف .
الكل متفق على أن القضية ملحة ومستعجلة، والكل يُرجح الحل، وحتى لو تعثر وصول الطرفين لحل سياسي من خلال المفاوضات وحدثت مواجهة بما تخالف كل التوقعات لن تكون شاملة وطويلة وستفضي إلى حل ولن يكون برسم تقدير المراقبين والمحللين المختلفين عما سيتوصل إليه الطرفان على طاولة المفاوضات .

الفلسطينيون أمام تحد جديد ، ولربما مرحلة جديدة ينبغي الاستفادة منها من خلال التموضع بالمكان الصحيح وإدارة المشهد السياسي والإعلامي بسيطرة واقتدار وفق مواقف ورؤية واضحة، وإدارة مركزية لا تسمح للاجتهادات إصدار تصريحات لا تتوافق مع المواقف لا في محتواها ومضمونها ولا في شكلها وتوقيتها.
فيا أيها الفلسطينيون كفاكم تردداً وادخلوا عليهم الباب وخذوا الكتاب بقوة، واعلموا يقيناً أنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله .

اخر الأخبار