قرار وقف العمل بالاتفاقات مع إسرائيل...التضليل والتطبيل!

تابعنا على:   09:01 2019-07-27

كتب حسن عصفور/ وكأن "المفاجأة" الكبرى قد هبطت على أرض "بقايا الوطن" يوم الخميس 25 يوليو 2019، عندما خرجت وسائل إعلام سلطة رام الله، وغيرها لتبرق عاجلا أن "الرئيس" محمود عباس أعلن" قرار القيادة وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، والبدء بوضع آليات تشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملا بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني".

قرار ما يسمى بـ "قيادة"، يمثل استمرارا للنهج الذي يصر الرئيس عباس ومن يساعده في صياغة النصوص، على التعامل مع الشعب الفلسطيني، أنه ليس سوى متلق فاقد القدرة على التفكير والمساءلة، بل انه شعب لم يعد لديه القدرة على التمييز بين "الغث والسمين السياسي".

ودون أوصاف مضافة لحالة الاستخفاف الذي كان من قرار "وهمي"، وعودة الى قرارات "الرسمية الفلسطينية" ذاتها، وليس غيرها، التي بدأت بقرارات مركزي 2015، تطالب بفك الارتباط مع دولة الكيان، وهذا مفهوم شمولي يفوق كثيرا "الجانب الضيق منه" ما يسمى الاتفاقات، ففك الارتباط، يشترط:

*سحب الاعتراف المتبادل فورا بين منظمة التحرير ودولة إسرائيل.

*اعلان انتهاء المرحلة الانتقالية وفق اتفاق إعلان المبادئ كليا، بعد أن طال أجلها بفعل فاعلين، من 5 سنوات الى 25 سنة.

*إعلان دولة فلسطين فورا وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 19 /67 لعام 2012على الأرض المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كاملة، بلا نقص متر واحد.

تلك ثوابت أساسية لا بد منها، وهي المفتاح الحقيقي لأي معركة سياسية مع العدو المحتل وكيانه إسرائيل، وكلها لا تحتاج لأي بحث أو دراسة، ولا ضرورة لآليات تدرس وتنقب، ولذا نقطة الانطلاق انهاء مرحلة " الكيانية الانتقالية الأوسلوية"، والذهاب الى مرحلة "كيانية دولة فلسطين"، فتلك هي الشرعية الدولية وقرارها الصريح، بلا أي غموض أو تفسير ملتبس.

دون تلك البداية، ندخل رحلة تضليل سياسي من طراز جديد، يماثل ما كان من قرار وقف استلام "أموال المقاصة"، حيث المتضرر المباشر، بل والأول، هو غالبية الشعب، الأمر الذي يبدو وكأنه مخطط لتركيع الفلسطيني عبر الباب الاقتصادي، ولا يحتاج الأمر كثيرا من البحث عما كانت نتائج ذلك "القرار المخادع" باسم "الثورية" وحقيقته خلافا لذلك.

والقرار الأخير المسمى "وقف العمل بالاتفاقات"، يشير الى مهزلة مضافة، وكأن هناك اتفاقات لا يزال العمل بها ساريا، وأن دولة الكيان تحترم أي التزام فيها، وليس هي من أنهى كليا جوهر تلك الاتفاقات، وخاصة مسألة "إعادة الانتشار" من المناطق المصنفة (أ ، ب ، ج)، بل انها اعادت جانبا كبيرا من نشاطها الاحتلالي عمليا و"قانونيا" عبر "الإدارة المدنية " وما يعرف بـ "مكتب المنسق"، الذي وصفه أمين سر تنفيذية عباس بأنها "الحاكم الفعلي " للسلطة.

كان الأجدر، بالرئيس عباس ومن معه، ان يخرج ببيان اعتذار شامل للشعب الفلسطيني، عن سنوات "الوهم السياسي" التي اضاعها انتظارا، وانه يتحمل مسؤولية كاملة عما كان من تطورات أنهكت القضية، وسيعمل من اليوم على تصويب ما يمكن تصويبه، عبر مواجهة سياسية كبرى دفاعا عن حق وطني.

قرار وقف العمل بالاتفاقات، ليس تضليلا فحسب، بل هو تكريس مضاف للجوانب الكارثية منها، التي كانت جزءا من "ثمن مقابل ثمن"، خاصة التنسيق الأمني، الذي أصبح الحقيقة المطلقة الوحيدة الباقية من آثار الاتفاقات.

ما سيكون في قادم الأيام، استمرار التنسيق الأمني بكل مستوياته، دون مساس، والذهاب الى تقليص "النشاطات المدنية" بما سيمس مباشرة حركة "المواطن" وزيادة الخناق عليهم، باسم وقف التعامل مع إسرائيل، كما كان مع "وقف استلام أموال المقاصة"، المتضرر منها فقط المواطن، واستمرت "الفئة العليا" تمارس حياتها دون مساس وتطالب "المواطن" الصبر والتضحية في سبيل "الوطن".

لو هناك قرار وطني حقيقي فنقطة البدء هي ما ورد أعلاه، سحب اعتراف وانهاء المرحلة الانتقالية مقترنا بإعلان دولة فلسطين، ومنها تبدأ رحلة البناء الوطني الجديد، وهي ما تتطلب وضع "آليات" انهاء المقسم بقرار ليس سريا، فالجسد المريض لن ينتج واقعا صحيا.

قرار "القيادة" يوم 25 يوليو 2019، هو خداع سياسي مركب، ما كان يجب أن يمر مرورا عابرا، تحت وقع "زفة فصائلية".

ملاحظة: كشف رحيل الرئيس التونسي السبسي، ان "البورقيبية" مدرسة ومنهج مؤسساتي خاص...بعيدا عن طريقة الحكم وما آل اليه في سنواته الأخيرة...تجربة تونسية تستحق التقدير أولا والقراءة السياسية ثانية بعيدا عن "الحول الفكري"!

تنويه خاص: انضم الرئيس التركي الى قائمة المهددين دولة الكيان، بأنه لن يستمر صامتا لو استمرت إسرائيل في تهديد الفلسطينيين...هي لسه بدها تعمل يا رجب...كل اللي بيصير ولساتك بتحكي كأنك "ملحق فصيل"!

اخر الأخبار