خياراتنا وخياراتهم.. القضية الوطنية الفلسطينية و الوضع الراهن
د.باسم عثمان
الحقيقة تقول بان الخلل الاساسي في الحركة الوطنية الفلسطينية في مرحلة التحرر
الوطني,هو في الانقلاب السياسي الذي قامت به السلطة الرسمية الفلسطينية على
البرنامج الوطني الائتلافي لمنظمة التحرير لصالح برنامج اوسلو والتزاماته, ومنذ ذلك
الوقت والاوضاع تتفاقم في الحالة الفلسطينية والكوارث تلحق بالقضية الوطنية وحقوق
الشعب الفلسطيني.
تحت وطأة اوسلو وفي ظل تداعياته نشهد تسارعا في تدهور اوضاع النظام السياسي
الفلسطيني من نظام رئاسي برلماني الى نظام رئاسي سلطوي والذي قطع شوطا طويلا
على طريق استكمال تحويل (هيئات ومؤسسات) م.ت.ف من نظام برلماني الى نظام
رئاسي يدار بمراسيم مفصلة على مزاج "المطبخ السياسي" للسلطة ومن يمثل اجتماعيا
وسياسيا.
ان خطورة هذا التحول في اوضاع منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية والذي تقوده
السياسة الرسمية يتمثل في انهاء المنظمة كرافعة وطنية ائتلافية تمثيليا وسياسيا الى
"سلطة خدمية" أو الى "سلطة بلا سلطة", في الوقت الذي يمر فيه الوضع العربي
والإقليمي في مرحلة من الاضطراب السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي
الشامل، بكل ما تحمله هذه المرحلة من تداعيات مختلفة سيكون لها تأثيراتها على
مجمل الخارطة الجيوسياسية في المنطقة.
في السياق ذاته,يواجه الشعب الفلسطيني وضعاً سياسياً قاتماً ومعقدا في ظل اجندة
قيادته السياسية الرسمية وتوزعه الجغرافي والإداري وفقدانه لبرنامجه السياسي وادوات
متطلباته لمواجهة المشروع الإسرائيلي-الامريكي، الامر الذي يتطلب تسليط الضوء
على موقع القضية الفلسطينية في الحالة الإقليمية السائدة، لإعادة رسم الصورة, لصالح
سياسات وطنية، تصون مصالح الشعب الفلسطيني، وحقوقه الوطنية والقومية
المشروعة، وتتعامل مع الوقائع الإقليمية، بإرادة سياسية متماسكة، وبرؤية استراتيجية
واضحة.
الا أنه ومن الواضح، أن الوهن السياسي الحالي الذي يعانيه الشعب الفلسطيني يرجع
في معظمه إلى غياب التفكير الاستراتيجي (لقيادته) بما يخص مشروعه الوطني
اما السياسة الإسرائيلية، وفي اطار التحالف مع الإدارة الامريكية، فهي سياسة لم تعد
تكتفي بالتوسع الاستيطاني، بل تسعى إلى الضم التدريجي للمستوطنات وغيرها من
المناطق المستهدفة, كماهي سياسة انتقلت إلى المزيد من التصعيد لتعطيل العملية
السياسية، حتى في إطار اتفاقيات أوسلو، وفرض وقائع جديدة بمطالب سياسية
تعجيزية, ومن بين خطوات التصعيد هذه اشتراط نتنياهو على السلطة الفلسطينية
لاستئناف المفاوضات، اعترافها بإسرائيل "دولة قومية للشعب اليهودي", بكل ما يعنيه
هذا من تداعيات سياسية لاحقة، ليس أقلها ما يهدد الحقوق السياسية والمدنية لشعبنا
في مناطق الـ 48 الذين يناضلون من أجل الاعتراف بهم كأقلية قومية على قاعدة
المساواة القومية ومن أجل الحقوق المدنية في إطار المساواة الحقيقية في المواطنة؛ وما
يهدد أيضاً حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى الديار والممتلكات الذي يكفله
القرار /194