"العلمانية" لا تنتج انتحاريين!

تابعنا على:   09:08 2019-09-01

كتب حسن عصفور/ فئة مصابة بمرض العجز الفكري، هربت من رؤية الأسباب الحقيقية التي أنتجت "الظلامية المتطرفة" لمجموعات رأت أن "الانتحارية هي الحل"، لمواجهة الانحراف عما تعتقد أنه "الصواب الديني – السياسي"، بالذهاب الى ذات المنبع الظلامي لتلك المجموعات، دون البحث الحقيقي فيما أدى لولادة هذا المنهج الغريب عن الثقافة الفلسطينية، وطنيا ومجتمعيا.

"الانتحارية" لم تكن يوما جزءا من "الثقافة الفلسطينية"، الوطنية والمجتمعية، وتاريخ الثورة المعاصرة لم يشهد تلك العمليات، حتى ظهور الحركات الإسلاموية واللجوء اليها كشكل ضد إسرائيل، أكسبها تعاطفا ما، ورغم ان هدفها الحقيقي الحاق الأذى المباشر بالكيانية الفلسطينية الناشئة، في سياق توافقات "تحالف أعداء اتفاق أوسلو".

ومع وصول حماس الى غايتها بالفوز بالانتخابات التشريعية وتشكيل حكومتها عام 2006، ثم الانقلاب وتكريس سلطتها في قطاع غزة، عام 2007، توقفت كليا عن اللجوء الى تلك "العمليات"، دون أن تعلن لماذا توقفت عن ذلك النوع من العمليات التي أسمتها "الجهادية"، فهل اسقطت ذلك "الشكل الجهادي"، أم انه استنفذ هدفه الحقيقي.

ودون ان ندخل في نقاش لماذا ولما، نشير الى أن جذر تلك العمليات انحصر بالمنظمات والجهات ذات المرجعيات "الدينية"، وهي من ادخل هذا المفهوم "الغريب" الى المشهد الفلسطيني، وأصبح ذلك "منهجا" لا يستخدم ضد "العدو القومي" فحسب، بل ضد أي "عدو" لتلك المجموعات التي ارتبطت بأصل العمل الانتحاري، وهو "الجهاد في سبيل الله"، دون تمييز، وهنا يدخل كل من ليس على هواها.

البعد الانتحاري، نتاج موضوعي لحركة "التكفير" المجتمعي مع عودة نشاط جماعات الإسلام السياسي، وتعززت بشكل كثيف خلال الانتفاضة الوطنية الكبرى، وأصبح "التكفير والتخوين" جزءا من الثقافة السائدة"، وتم الصمت عليهأ، بل ان بعض أطراف من قوى الثورة انجرفت في ذلك المسار، الذي شكل القاعدة الفكرية لهذه المجموعات التي تقف وراء "تفجيرات غزة".

السؤال الأساسي الذي يجب أن تقف أمامه سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة، وقيادة حركة حماس، لماذا لم تنتج "العلمانية" يوما "انتحاريين"، ولماذا ترتبط فقط هذه الظاهرة بمجموعات "الإسلام السياسي"، بكل مظاهره، وقبل الذهاب بعيدا فـ "العلمانية" هنا، فصل الدين عن الدولة، واعتماد مبدا حكم مسار الثورة الفلسطينية، "الدين لله والوطن للجميع"، وليس حكرا على فئة او مجموعة.

"العلمانية" منهج فكري – سياسي، وليس كما تحاول جماعات الإسلام السياسي ترويجه انه فكر "الحادي – اباحي"، فهو نقيض شامل لتلك الأكاذيب، كمنهج ومسار، ومن باب المفارقة، ان تلك القوى التي تعمل على تشويه "العلمانية" منذ تأسيسها، تقف اليوم مع أردوغان الذي لا يجرؤ المساس بعلمانية تركيا، رغم الادعاء اللفظي بأنه جزء من تلك الحركات الإسلاموية.

ثقافة "التكفير والتخوين" هي أصل كل بلاء فكري وتشوه مجتمعي، ثقافة انغلاقيه بالمعنى العام والخاص، تحريض على من ليس معهم، "الجماعة فوق الجميع"، ومن ليس معها فهو عدوها...تحريض لا ينقطع تستخدم المساجد قاعدة رئيسية لتلك التعبئة الحاقدة على من ليس منهم، ولذا ليس مفاجئا ابدا أن تكون كل فرق العمليات "الانتحارية" هي من صلب تلك الجماعة، وليس من غيرها.

ما تحتاج اليه المعالجة الحقيقية لتلك الأفكار المنحرفة والمتطرفة، إعادة الاعتبار لمبدأ "الدين لله والوطن للجميع"، وأن تبدأ ممارسة " لا اكراه في الدين" بشكل حقيقي وليس جملة ضلت طريقها كثرا في أدبيات تلك الجماعات الظلامية، وان تتذكر ما ورد في القران " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، الفصل بينهما ليس للإنسان.

يرددون "الدين يسر وليس عسر"، لكنهم في الحقيقة أحالوه لعسر العسر. وجعلوه "طقوسا" وليس سلوكا.

لما لا يتذكر أنصار التكفير والتخوين، ان أكبر البلاد الإسلامية هي غير عربية، ودخلها الدين "عبر المصالح" وليس السيف، إندونيسيا، نيجيريا وماليزيا.

لا اكراه في الدين...وأن الوطن للجميع، تلك هي بوابة التصويب الفعلي والحقيقي لكل مظاهر الانحرافات لفئات ترى أن من بين مهامها تخليص المجتمع من ليس منهم، بكل السبل الممكنة، ومنها العمل الانتحاري.

أعيدوا للنقاش الفكري حقه في الوجود، دون إرهاب، فعندها ستحاصر وبقوة تلك الفئات، وغيره لن تتمكن قوة مهما بلغ جبروتها الأمني من منع "انتحاري" من ركوب قطار الجنة السريع!

ملاحظة: يبدو ان "حكومة د. أشتية" سريعا اثارت غضب قطاعات وقفت الى جانبها بأمل ...حملة ضد التقاعد المالي المبكر مؤشر لا يستهان به، خاصة وان حملة استرداد المال المنهوب توقفت عند وزير واحد!

تنويه خاص: إسراء غريب، تسير ان تصبح "ايقونة" لرفض الظلامية المجتمعية...باتت اسما لامعا فاق الحدود، مع انها بحثت حدود علاقة إنسانية دون ضجيج..."إسراء" سلاح مقاومة جديد للتخلف والشعوذة!

كلمات دلالية

اخر الأخبار